أصدرت وحدة البحوث والدراسات التابعة لمرصد الأزهر العالمي لمكافحة الإرهاب والتطرف، تقريرا تحت عنوان: “داعش بين الدراما والحقيقة!”، محللة بعض مشاهد مسلسل “العائدون”، الذي يكشف كيف استطاعت مصر التصدي لتنظيم داعش، ومحاولاته العديدة بأكثر من عملية مستهدفا مصر ولكن تنتهي دائما بالفشل ما يبين قوة الأجهزة الأمنية في مصر .
وتناول المرصد في تقريره، مشاهد قتل الأبناء لآبائهم داخل التنظيم الإرهابي، ورؤية قادته أن المصلحة العامة- مصلحة التنظيم-، مقدمة على مصلحة الإفراد والأوطان، وكيف سعى الدواعش منذ ظهورهم إلى تنفيذ أجندتهم الدموية، مؤكدا ما ورد في المسلسل من مشاهد وحشية نفذت على أيدي الدواعش لم تكن مبالغة أو ضرورة درامية، بل هي واقع حدث بالفعل.. وإلى أهم ما جاءبالتقرير:-
مشهد (1)
“على قدر أهل العزم تكون العزائم… دخول الجنة ليس مجاني”… وردت الجملة السابقة على لسان أحد أبطال مسلسل “العائدون” الذي عُرض داخل السباق الرمضاني لعام 2022م، ردًّا على مواساة أحد العناصر الداعشية له في أعقاب مقتل والده بيديه.. الشاب الداعشي الذي قام بقتل والده بنفسه؛ تنفيذا للحكم الصادر من قبل أحد قادة التنظيم؛ لأنه في حكمهم “مرتد”!! والردة من منظور الدواعش حسب ما أوضحته أحداث المسلسل معارضة الوالد للتنظيم واعتباره مثل السرطان الذي ينخر بجسد الأمة.
الجملة التي قيلت بثقة على لسان البطل وصعقت المتفرج الذي كان ينتظر أن يبدي الابن علامات الندم والحسرة على ما أقدم عليه في حق والده المسن، والندم على ارتكابه لجريمة ربما لو صورتها قبل عام 2013م _ عام ظهور داعش_ لاعتبرها المشاهد مبالغة غير مقبولة وغير واقعية؛ لعدم إنسانيتها أو منطقيتها، إذ كيف يمكن لعاقل أن يصدق أن ابنا قد يقدم على قتل والده المسن بهذا الشكل الوحشي وبهذه الطريقة البربرية! بل كيف يمكن لابن مهما بلغ عقوقه أن يقدم على سفك دم والده لأي سبب كان! وكيف يمكن لمشاهد أن يصدق أن الابن قد يقتل والده بيديه تنفيذا لأمر قائده؛ حتى يكسب ثقته ويؤكد على ولائه له وللتنظيم. أي عقل إنساني يمكن أن يستوعب أن الانتماء لمثل هذه التنظيمات أقوى من روابط الدم والأخوة والأبوة والبنوة!
مشهد (2)
”خان الأمانة، وخان الخلافة، وإن والله مصيره جهنم وبئس المصير. ولكننا جند الله وخلفائه في الأرض.. وقد قررنا أن نذيقه عذاب جهنم قبل الآخرة، ليعلم الذين أجرموا أي منقلب ينقلبون، وليكون عبرة لكل من تسول له نفسه خيانتنا، وليعلم أعداؤنا في كل بقاع الأرض أن لدولة الخلافة أسود تحميها”. ما سبق من خطاب _ مضلل _ جاء في مشهد آخر لا يقل وحشية وبربرية عن المشهد السابق، حيث ورد على لسان أحد قادة التنظيم الإرهابي، ممهدا ومبررا لحرق أحد الأحياء؛ ردا على اكتشافهم لخيانته _ حسب زعمهم _ والخيانة هنا لأنه يعمل لصالح وطنه!
مشهدان ضمن أحداث درامية أثارا العديد من التساؤلات في ذهن المشاهدين، أبرزها: “هل ما ورد في المسلسل حقيقة أم مبالغة؟! وإذا كان حقيقة فلماذا وكيف يتوحشون؟!”.. الحقيقة أن مثل هذه التساؤلات من الطبيعي بل ومن الإنساني أن تدور بخلد الكثير من الأسوياء الذين لم تستوعب فطرتهم النقية أن تكون مثل هذه الأفعال الإجرامية حقيقة حدثت بالفعل أو من الممكن أن تحدث، وأنها مجرد مشاهد من خيال الكاتب وصناع الدراما؛ لجذب المزيد من المشاهدين، فمن المستحيل أن يقدم ابن على قتل والده بهذه الطريقة ولهذه الأسباب، ومن المستحيل أن يقوم مسلم مؤمن بالله ورسوله بقتل نفس حية بإضرام النيران بها.
ولكن ما وراء الحقيقة يؤكد لنا أن داعش _ تتار العصر الحديث _ قد حققت المستحيل واللامعقول، حيث نفذوا بالفعل وعلى أرض الواقع هذه الأفعال البربرية بعد أن نجحوا _ وللأسف الشديد _ في السيطرة على عقول المنتمين إليهم، ومن ثم تحويل الشباب والنساء والرجال لوحوش آدمية مستعدة لإزهاق أرواح الأبرياء والمقربين منهم من أجل جنتهم المزعومة.. فالطريق لجنتهم هذه _ من وجهة نظرهم _ لا بد أن يكون مخضبا بالدماء والأشلاء. إن المشهد الوحشي الذي عرضه المسلسل، وقام فيه الابن الأكبر بقتل أبيه رميا بالرصاص واقع حدث بالفعل في عدد من المناطق الواقعة تحت السيطرة الداعشية أو حتى خارج تلك المناطق، منها مدينة “الرقة” السورية، حيث أقدم شاب داعشي على قتل والدته على مرأى ومسمع من الجميع؛ بسبب مطالبتها له بترك التنظيم والابتعاد عن عقيدته الفاسدة، لقد قام الابن البالغ من العمر 20 عامًا، بإبلاغ التنظيم عن والدته وعن رغبتها في تركه للتنظيم، ليقوم الأخير باعتقال السيدة واتهمها بالردة، وأمر ابنها بقتلها رميا بالرصاص.
كما قام داعشي آخر بقتل والده لنفس التهمة “الردة”، وذلك قبل أن يفجر نفسه خلال عملية انتحارية. كما رصدت وحدة رصد اللغة التركية بمرصد الأزهر في عام 2017 القبض على الداعشي العراقي “عبد الخالق عبد القادر علي”، الذي قتل أخاه الأكبر “عبد القادر” الذي كان يعمل شرطيا في العراق، وانتشر مشهد قتله لأخيه على مواقع التواصل، واعترف الإرهابي بصحة الصورة، وأنه قتل أخاه لإثبات ولائه للتنظيم. وعلى الجانب الآخر، وضمن السلوك غير السوي الذي انتهجته عناصر هذا التنظيم قامت امرأة داعشية بتفجير نفسها في تجمع للشرطة العراقية وهي تحمل رضيعها على يديها. وكما نشر فيديو لأب داعشي وهو يقوم بتأهيل ابنتيه الصغيرتين قبل الدفع بهن لتنفيذ عملية انتحارية ضد من أسماهم بالكفرة؛ من أجل الفوز بالشهادة والجنة. الداعشية العراقية التي قامت بتفجير نفسها وهي تحمل رضيعها الأب الداعشي وابنتاه لم تكتف عناصر التنظيم بهذا القدر من الوحشية، بل ازدادوا توحشا عندما قاموا أيضا بحرق الأحياء على مرأى ومسمع من العالم، مثلما فعلوا في عام 2015م، بحرق الطيار الأردني الشهيد “معاذ الكساسبة” في مشهد مماثل لما تم تجسيده على الشاشة الدرامية. وفي عام 2016، قام التنظيم بتنفيذ محرقة جماعية في حق 19 فتاة إيزيدية في مدينة “الموصل” العراقية، بعد رفضهن ممارسة الجنس مع مقاتلي التنظيم. وفي مطلع هذا العام (2022م)، قام التنظيم خلال سيطرته الوجيزة على سجن “غويران” الواقع في مدينة “الحسكة” السورية، بحرق أجساد عدد من عمال السجن في فرنه، وذلك بعد تقطيع أوصالهم، لدرجة بات من الصعب التعرف على جثثهم لتفحمها .
وبالنظر إلى المحتوى المنشور عبر قنواتهم ووسائلهم المرئية والمسموعة والمقروءة، نجد أن لغة الحظاب فيها لا تختلف عن لغة الخطاب الواردة في المشهد الثاني في مسلسل “العائدون”، والذي كان يبرر فيه القيادي حرق الأحياء.. لغة المزايدة والتعالي بالدين والمتاجرة به، واتهام الآخرين بكل التهم والإدانات التي تجعلهم في مرمى رصاصاتهم ونيرانهم، ومنها “الردة” لكل من يخالفهم في النهج حتى ولو كان يدين بالإسلام، وعلى رأس هؤلاء قوات الجيش والشرطة النظامية ومن يواليهم ويؤيدهم ويقرب لهم، والتخوين لكل من يحاول الانشقاق عنهم أو الانسلاخ عن نهجهم بعد أن تتكشف له حقيقتهم، وتهمة “الكفر” لكل من يخالفهم في الدين والملة أو حتى يعتنق الدين نفسه ولكنه مؤمن بأنهم لا يمثلون الإسلام والمسلمين.
في أحد إصداراتهم المرئية التي نشروها عبر موقعهم وقام المرصد بمتابعتها، يقول أحدهم: “نقول لهم جيشوا ما شئتم من الجيوش… فوالله لقد أعددنا لكم رجالا يعشقون القتل كما تعشقون الحياة… حشدوا وافعلوا ما شئتم فإن الله عز وجل تكفل بنا”. بينما يقول آخر: “إن من الناس من هو مسلم ومن هو كافر تحقيقًا لقوله تعالى: {هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن…} وقد أخبر تعالى أن منهم من يقاتل في سبيله ومنهم من يقاتل في سبيل الطاغوت… فالذين يقاتلون لإقامة شرع الله في أرضه هم المجاهدون أولياء الله وأحبائه، والذين يقاتلون لنصرة الطاغوت والصد عن سبيل الله هم الكافرون أولياء الشيطان…”. وتأتي هذه الخطابات مصحوبة بصور وفيديوهات لعمليات القتل والنحر والحرق والتنكيل التي يقوم بها عناصر التنظيم ضد الجميع مسلمين وغير مسلمين، نساء وشيوخا وأطفالا، مدنيين وعسكريين وغيرهم؛ بهدف بث الرعب في قلوب الجميع _ حسب اعتقادهم _ وهو الأمر الذي أشار إليه المسلسل أيضا. كما أن المتأمل في المشهد الثاني سالف الذكر يجد أن الحرق كان جراء الخيانة، وأن الخيانة في المشهد كانت خدمة الشخص لوطنه. وهذا يؤكد مدى معاداة تنظيم داعش الإرهابي لفكرة الأوطان والدول والحدود، وسعيه الدائم إلى نسفها .
إن مرصد الأزهر دائم التأكيد على أن مسؤولية محاربة مثل هذه الأفكار المغلوطة المشوهة لصحيح الدين تقع على عاتق الجميع، ومنهم صناع الفن الذين نجحوا من خلال مسلسل “العائدون”، في تسليط الضوء على أحد الجوانب المظلمة لتنظيم داعش الإرهابي الذي عاث في الأرض فسادًا. ويمكن هنا القول بأنه إذا كانت المبالغة الدرامية في بعض الأوقات ضرورة وأداة من أدوات الفن لإيضاح صورة ما أو إيصال رسالة ما، لكن ما ورد في المسلسل من مشاهد وحشية نفذت على أيدي الدواعش لم تكن مبالغة أو ضرورة درامية، بل هي واقع حدث بالفعل.. واقع ترجم سلوكيات وحشية مستندة على مفاهيم مغلوطة؛ لبث الرعب في قلوب الجميع حتى يتمكنوا من السيطرة والانتشار دون مواجهات تذكر.
محمد الزهيري
كاشفا عن حقيقة داعش .. الأزهر يحلل مشاهدا من “العائدون” أولاً على صوت البلد- اسبوعية سياسية مستقلة.
التفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::
مشاهدة كاشفا عن حقيقة داعش الأزهر يحلل مشاهدا من ldquo العائدون rdquo
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ كاشفا عن حقيقة داعش الأزهر يحلل مشاهدا من العائدون قد تم نشرة ومتواجد على صوت البلد وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، كاشفا عن حقيقة داعش .. الأزهر يحلل مشاهدا من “العائدون”.
في الموقع ايضا :