كيف نحيي قيم العفو والمودة بين الناس؟! ..اخبار محلية

اخبار محلية بواسطة : (صوت البلد) -

 

المودة والرحمة واختفاء الصفح والعفو بين الناس وما اتبعه من ظواهر سلبية وجرائمَ أسرية ومشكلات اجتماعية تهدد أمن وسلامة المجتع .

يقول د. أحمد الشرقاوي، أستاذ قانون المرافعات المساعد وأمين عام المكتب الفني لقطاع المعاهد الأزهرية: العفو معناه عدم المؤاخذة تجاوزا عن الذنب بترك العقاب عليه، وهو يختلف عن الصفح، فالصفح إزالة أثر الذنب من النفس كلية، والعفو مأمور به شرعا، فيما يجري فيه الرضا، أو يقبل فيه التسامح من حقوق العباد، قال تعالى: “خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ” (الأعراف: 199)، وقال في موضع آخر: “وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ” “(النور، الآية 22) .

وأضاف: نقيض العفو المؤاخذة، وشرطها توفر العدل والموضوعية، فإن هي تجردت عن الموضوعية، أو تفلتت بذاتها عن القواعد العدلية، فقد أشبهت في ذلك التخاصم والتقاطع، وهما من العادات الذميمة في المجتمع، فالتنازع يقطع أواصر المودة الأسرية والمجتمعية، والتقاطع يورث التباغض والتباعد بين الناس، وهي عادات مذمومة وطبائع منكرة، يُعاني منها جسد المجتمع، أفرادا وأجناسا، لافتا إلى أنه بمقدار جريان هذه العادات المنكرة في المجتمع تتكدر العلاقات الإنسانية بين الناس، ومن ثم يتعكر صفو المجتمع، ويتهدد بذلك سِلْمَه العام ، الأمر الذي يُحتم ضرورة إعادة النظر في معالجتها، والوصول بها إلى اجتهاد فعَّال يحسمها، أو يسهم – على الأقل – في تخفيف حدتها ومنع تفاقمها، على نحو يحفظ الترابط ويصون التوادّ بين أبناء المجتمع، في الدوائر الأسرية والعلاقات المجتمعية على حد سواء .

وبين أنه لا يتأتى هذا إلا بنشر ثقافة العفو، وبعث الصفاء الإنساني من جديد في قلوب الناس، باختلاف عقائدهم وأجناسهم وألوانهم وألسنتهم، وهو ما تؤكده القواعد الشرعية، والآيات والسنن النبوية، ومن ذلك قوله تعالى عن صفات المتقين: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران 134)، وقول النبي- صلى الله عليه وسلم-:” المسلمُ مَن سلمَ النَّاسُ من لسانِه ويدِه، والمؤمنُ من أَمِنَه النَّاسُ على أموالهم وأعراضهم”.

كما تؤكده القواعد الدستورية في المجتمع، كما هو شأن المادة ” 59 ” من الدستور المصري، الصادر في 2014م، والتي نصت على  أنّ: ” الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مقيم على أراضيها.”، وذلك من خلال إرساء قواعد الأمن، وترسيخ أسس السلام، فالأمن والسلام أصلان لكل تقدم ورقي، ومصدران لكل سعادة وهناء، وأن نقيضهما الخوف والحرب فهما يورثان الغم والهم، والجهل والفقر والعناء، فضلا عن أنهما مصدران للظلم والشقاء والجفاء، فالناس إذا أمنوا في أوطانهم ارتاحت نفوسهم واطمأنت قلوبهم، ومن ثم فيسلموا في أنفسهم وأهليهم؛ لذا كان العفو من أفضل أخلاق المؤمن، بل إن الرجل ” لا يَنْبُل حتى يكون فيه خصلتان: العفة عما في أيدي الناس، والتجاوز عنهم ” (روضة العقلاء لابن حبان البستي).

واستطرد أستاذ قانون المرافعات: لا شك أن قيمة العفو ونشرها ثقافة بين الناس إنما تمثل الدور الرئيس في صون مصالح الإنسان المختلفة، بقطع النظر عن دينه، أو جنسه، أو لونه، أو لسانه، فقيمة العفو تسهم في تقرير روابط الوحدة، وتنمية الألفة المجتمعية في الأوساط المختلفة، لما في ذلك من حمل للنفع والخير للإنسان بصفة عامة، فضلا عن صون مصالحه المعتبرة وحيائه العام باختلاف زمانه ومكانه، وعليه، فإن إحياء ثقافة العفو والمودة المجتمعية، على نحو منظم ودقيق يعد في ذاته نوعا من التجسيد الحقيقي لنشر الأمن الفكري والمجتمعي، فضلا عن كونه سببا في استجلاب التراحم العام .

واستكمل: من هنا كانت أهمية إحياء ثقافة العفو وإظهار دورها الرئيس في تحقيق الأمن والسلام لكل أفراد المجتمع، باعتبارها من القيم التعليمية التى يجب أن تسود في أركان المجتمع بأسره؛ تعليما لنشئه، وتثقيفا لشبابه، ورفعة لأخلاق نسائه ورجاله، وذلك تحصينا للأنفس البشرية من أعطابها، وقطعا لسبل الفتنة وتفاديا لجفائها وآثارها؛ لذا؛ فقد وجب علينا جميعا أن نسعى جاهدين لنشر قيمة العفو وإحياء ثقافتها بين الناس، حفظا لمقومات المجتمع الرئيسة وقيمه الأصيلة، وهذا هو الهدف الأساس لأي منظومة تعليمية جادة تسعى إلى بناء الوعي بالواقع، وتؤسس لدعائم الإِيمَان الحقيقي في نفوس المتعلمين، من خلال فكر وسطي مستنير، يهدي خلق الله إلى الله، على نحو ما أراده الله، دون إكراه أو تجمد، وبغير عنف أو تعصب، فالعفو نعمة جليلة وغاية عظيمة، بها تستقر الأوطان، وينمو العمران، ويسود التراحم والتعاون بين الناس.

ولفت إلى أن إحياء ثقافة العفو يسهم في استبقاء المودة المجتمعية وإنمائها، وترسيخ قِيَمها المعنية بها، من عفو وصفح، وتعاون وتصالح، وتآلف وتراحم عام بين الناس، بما يحقق مصلحة أبناء الوطن في حقن دمائهم، وصون أعراضهم، وحفظ أموالهم، على نحو يقربهم من البر، ومن خصال الخير، ونفع الإنسانية جمعاء، ويبتعد بهم عن الجهل، والتعصب بمختلف صوره وأشكاله، وذلك دفعا لما يترتب على التخاصم والتشاجر والتنازع من مناقضة لمقاصد الأديان، وهدم للإنسان، وتخريب للعمران، وتهوين للأعراض، وتدمير للأوطان، وذهاب بصواب العقول الحكيمة بنقلها من دائرة الرشد والحكمة إلى دائرة الطيش والهوى والبغي والعدوان.

وأضاف: إن الرضا يسقط المؤاخذة، متى صدر في محله ونطاقه؛ لذا كان العفو من هذه الناحية سببا في حماية الأنفس البشرية وحقوقها المعتبرة، فضلا عن ترسيخه لقواعد التآلف والتقارب والإصلاح بين الناس، على نحو يناسب شريعة التخفيف والرحمة، ويتسق مع قوله  تعالى:{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين}[الأنبياء:107]، وقوله صلى الله عليه وسلم- :” (لا ضرر ولا ضرار)” رواه ابن ماجه”، ويؤكد بجدية على إعمال القاعدة الفقهية، التي تقضي بأنَّ: ” الضرر يُزال “.

وشدد على أن مسائل التخاصم والتنازع إنما تحتاج إلى معالجة دقيقة، وتوعية مجتمعية صحيحة، ورؤية عصرية جادة تجري في حدود القواعد الكلية المعتبرة شرعا وقانونا، وصولا إلى رؤية علاجية واقعية وشاملة، تكون أكثر اتساعا وفهما، وأوسع نطاقا واستيعابا لألوان الضغائن وأصناف التكايد ونوازلهما المستجدة، على نحو تتناسب فيه هذه الرؤية مع شريعة التخفيف والرحمة، دون أن تخالف نصا جليا، أو تجاوز عرفا صحيحا أو تفارق واقعا معيشا.

  محمد الزهيري

كيف نحيي قيم العفو والمودة بين الناس؟! أولاً على صوت البلد- اسبوعية سياسية مستقلة.

التفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::

مشاهدة كيف نحيي قيم العفو والمودة بين الناس

يذكر بـأن الموضوع التابع لـ كيف نحيي قيم العفو والمودة بين الناس قد تم نشرة ومتواجد على صوت البلد وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.

وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، كيف نحيي قيم العفو والمودة بين الناس؟!.

في الموقع ايضا :

الاكثر مشاهدة اخبار محلية
جديد الاخبار