شهدت الانتخابات الرئاسية في كولومبيا، فوز جوستافو بيترو على خصمه رودولفو هيرنانديز بنسبة 50% تقريبًا في جولة الإعادة التي جرت يوم أمس الأحد 19 يونيو (حزيران) 2022، وتعدّ هذه الانتخابات ونتائجها تاريخيّة بالنسبة لكولومبيا من عدّة نواحٍ. فالرئيس المُنتخب جوستافو بيترو قد بدأ نشاطه السياسي في ميليشيا مسلّحة مُناهضة للدولة، كما أنّه يعدّ أول رئيس يساري يصل إلى السلطة في تاريخ الدولة التي تملك علاقات شديدة التميّز مع الولايات المتحدة، ناهيك على أنّه يمثّل حلقة أخرى في سلسلة من الانتصارات السياسية لليسار خلال السنوات الأخيرة، بعد صعود رؤساء يساريين في كل من تشيلي (2022)، وهندوراس (2021)، وبيرو (2021).
جوستافو بيترو من حمل السلاح ضد الدولة إلى رئيس الدولة!
حركة 19 أبريل» التي حملت السلاح ضد الدولة، مُتهمةً السلطة بتزوير انتخابات 19 أبريل 1970، التي خسرها المرشح الرئاسي جوستافو روخاس جينيليا، وهو جنرال عسكري حكم البلاد بعد انقلاب عسكري بين سنتيْ 1953 و1957، والذي عاد مرّة أخرى وترشح للرئاسة بعد تأسيسه لحزب «التحالف الشعبي الوطني» لخوض انتخابات الرئاسة سنة 1970 أمام المرشح المحافظ ميشال باسترنا بوريرو.
كولومبي يحتفل بفوز جوستافو بيترو، ويرفع علم حركة 19 أبريل، التي كان بيترو أحد أعضائها – مصدر الصورة: AP
جاءت نتيجة الانتخابات آنذاك، عكس ما تمنّاه جينيليا وحزبه، فأسّس مناصروه «حركة 19 أبريل» التي استمرّت في النشاط المسلّح إلى غاية مطلع التسعينات، حين قرّرت الحركة وضع السلاح والاتجاه إلى النشاط السياسي. وعليه شاركت الحركة منذ سنة 1991 في الانتخابات البرلمانية بعد محادثات ومفاوضات مع الحكومة الكولومبية، ودخلت البرلمان الكولومبي رسميًا في السنة ذاتها، ليتوقف نشاطها المسلح (عدا بعض المجموعات الصغيرة التي كانت تابعة لها ومن ثم انشقت عنها) ويقتصر على النشاط السياسي فقط.
استمر بيترو جوستافو في التنظيم المسلح لـ«حركة 19 أبريل» لمدّة 10 سنوات، واعتقلته السلطات الكولومبية وأمضى سنة في السجن حيث قال إنه تعرّض إلى التعذيب خلال هذه الفترة.
اقتحام قصر العدالة الذي يضمّ مقر المحكمة العليا، إذ أقدم 35 مسلحًا من الحركة في عام 1985، على احتجاز قضاة المحكمة العليا والمحامين وباقي عمّال المبنى، وطالبوا بتقديم الرئيس بيليساريو بيتانكور للمُحاكمة مقابل إطلاق سراح الرهائن.
وبعد فشل المفاوضات بين الحكومة والمختطفين تدخّلت القوات العسكرية لإنهاء عملية الاختطاف، لكن المبنى تعرّض إلى الاحتراق وقُتل خلال الأحداث أكثر من 100 شخص من بينهم 11 قاضيًا من قضاة المحكمة العليا؛ ولا تزال أحداث قصر العدالة تُثير الكثير من الجدل، بين من يلقي باللائمة على الحكومة أو الحركة المسلحة أو حتى عصابات المخدرات بقيادة بابلو إسكوبار، خصوصًا أن الحريق الذي اشتعل أدى إلى إحراق العديد من الملفات القضائية الحسّاسة، أما الرئيس جوستافو بيترو فلم يتورّط في تلك العملة المسلحة بحُكم أنه كان في السجن في تلك الفترة.
صورة أرشيفية لأعضاء حركة 19 أبريل – مصدر الصورة: 24newsrecorder
درس الرئيس الكولومبي الجديد، الاقتصاد، وحصل على درجة الماجستير من جامعة خافيرانا في كولومبيا، ثم واصل دراساته في الاقتصاد وحقوق الإنسان في بلجيكا، ثم إسبانيا. وفي سنة 2002 فاز جوستافو بيترو في الانتخابات البرلمانية ليصبح عضوًا في البرلمان الكولومبي عن حزب صغير من مجموعة منشقين عن «حركة 19 أبريل»، ثم ترشح لاحقًا في انتخابات مجلس الشيوخ وفاز بعضويتها سنة 2006.
بنسبة أصوات 9%؛ ثم ترشح إلى منصب محافظ العاصمة بوجاتا في 2012 وفاز بالمنصب، أما في سنة 2018 فقد ترشح مجددًا للرئاسة، وقد استطاع الوصول إلى الدور الثاني، لكنه خسر أمام منافسه الرئيس السابق إيفان دوكي.
المافيا والكوكايين والعلاقات مع أمريكا.. أهم التحديات التي تنتظر الرئيس الجديد
استطاع جوستافو بيترو استغلال حالة الغضب والحنق العارمة جرّاء الأوضاع الاقتصادية السيّئة التي عمّقتها جائحة كورونا، إذ شهدت البلاد السنة الماضية موجة من الاحتجاجات الضخمة التي اجتاحت البلاد ضد سياسات الرئيس السابق إيفان دوكي، إذ يقول معارضوه بأنّه لم ينجح في معالجة قضايا الفقر والتنمية، في بلد يعيش 40% من سكّانه تحت خط الفقر.
Embed from Getty Images
الرئيس جوستافو بيترو رفقة نائبته فرانسيا ماركيز
استند خطاب بيترو على تعبئة الفقراء والمهمّشين والفئات الساخطة من غياب التنمية والوضعية الاقتصادية التي تشهدها البلاد وحالة الفقر وغياب فرص العمل، إذ يعاني الاقتصاد الكولومبي من مستويات قياسية من البطالة والتضخم واللامساواة.
اعتمد جوستافو بيترو في حملته الانتخابية على خطاب اشتراكي يدعو إلى حماية الدولة للفئات الاجتماعية من خلال جملة من الوعود، من بينها: منظومة صحيّة وتعليمية مجانية، وراتب شهري للأمهات العازبات ورفع الضرائب على أغنى 4 آلاف رجل أعمال كولومبي، وإعلان «حالة طوارئ اقتصادية» من أجل مكافحة الجوع، بالإضافة إلى خطاب يركّز على البعد البيئي. لكن رغم هذه الوعود النابعة من الميول اليسارية للرئيس الكولومبي الجديد، فإنّه صرّح لأنصاره بصورة واضحة بأنّه «سيحافظ على الرأسمالية في كولومبيا».
إحدى الشعارات المثيرة للجدل التي رفعها جوستافو بيترو خلال حملته الانتخابية كانت إيقاف أيّة عمليات تنقيب جديد عن النفط، وهو ما سيشكّل تحديًا اقتصاديًا كبيرًا للبلد الذي يُعد النفط الخام هو أكبر صادراته، كما يمثّل 20% من ميزانية الدولة التي تنتج حوالي 750 ألف برميل نفط يوميًا، ويطمح بيترو إلى تعويض هذه المداخيل من خلال الاستثمار في قطاع السياحة؛ أما منتقدوه فيقولون بأن سياساته الاشتراكية المتطرفة قد تجعل كولومبيا مجرد «فنزويلا جديدة».
الوضعية الأمنية وكيفية تعاطي الرئيس الجديد معها هي إحدى أهم التحديات التي ستواجه جوستافو بيترو على رأس الدولة التي يبلغ عدد سكّانها 50 مليون نسمة. فالمناضل اليساري الذي بدأ حياته في إحدى التنظيمات السياسية المسلّحة، لا تزال بلاده تواجه خطر التمرّد المسلح، من التنظيمات المتمردة على غرار «جيش التحرير الوطني»، إضافةً إلى المجموعات التي انشقّت عن تنظيم «فارك» اليساري بعد توقيع اتفاقية سلام مع الحكومة الكولومبية سنة 2017.
Embed from Getty Images
هذا بالإضافة إلى تحديات أمنية وبيئية شديدة التعقيد، ممثلة في صناعة مخدّر الكوكايين الذي يبقى بلا رادع، وما يرتبط به من عصابات منظمة بالغة التأثير وذات نفوذ سياسي واقتصادي كبير، ناهيك عن تحدّي حماية الغابات التي تتعرّض للتدمير بصورة ممنهجة من طرف صناعة الخشب، وغزو العصابات الإجرامية التي تشهدها كبرى المدن الكولومبية في السنوات الأخيرة.
العلاقات بين الولايات المتحدة وكولومبيا هي الأخرى إحدى أهم محددات السياسة في البلاد؛ إذ تُعد كولومبيا أهم حليف للولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية، وقد وصف بايدن التجربة الكولومبية بأنّها «حجر الزاوية بالنسبة للديمقراطية في المنطقة»، وشهدت العلاقة بين البلدين تقاربًا لافتًا للانتباه في السنوات الأخيرة الماضية، وفي حين أنّ بعض التساؤلات قد طُرحت حول إن كان وصول جوستافو بيترو المحسوب على اليسار قد يؤثّر على علاقة بلاده المتنامية مع الولايات المتحدة؟ فإنّه قد طمأن الجميع بأنه سيسعى للعمل مع الأمريكيين في ملفات من بينها التغيّر المناخي.
أعلنها الرئيس الأمريكي جو بايدن «حليفًا رئيسًا خارج الناتو» في مارس (آذار) 2022.
مجتمع
منذ سنة واحدة مترجم: أغلقت المدارس بسبب كورونا في أمريكا اللاتينية.. فأصبح الطلبة أفراد عصابات!التفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::
مشاهدة جوستافو بيترو رئيس كولومبيا الذي حمل السلاح ضد الدولة ثم أصبح رئيسها
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ جوستافو بيترو رئيس كولومبيا الذي حمل السلاح ضد الدولة ثم أصبح رئيسها قد تم نشرة ومتواجد على ساسة بوست وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، جوستافو بيترو.. رئيس كولومبيا الذي حمل السلاح ضد الدولة ثم أصبح رئيسها.
في الموقع ايضا :