"فارة المسك" .. الميلودي شغموم يفكّ الأسرار التي تثير العقول وتجذب الأرواح ...المغرب

اخبار عربية بواسطة : (هسبريس) -

في كل مرة أقرأ فيها أدب الميلودي شغموم، أو أعيد قراءته، يتأكد لي أنه كاتب ذو موهبة خلاقة، ومهارة أدبية تتميز بالقدرة على ابتكار أفكار جديدة وأصيلة وبأسلوب فريد؛ يتأكد لي أن كتابته الروائية منشغلة دوما بقلق الوجود حين تستعيد حيوات بسيطة في الظاهر، لكنها في العمق مشدودة لأزمنة ملتبسة تلقي بها في مناطق من قلق يكدّر عليها صفْوَ الأيام والليالي.

بهذا الاعتبار، يُعلي الميلودي شغموم من أهمية الوجدان في تركيب العوالم ووصف الأحوال، فيكون رهان القارئ الاهتمام بالأبعاد الفكرية لهذه الرواية أو تلك من أجل فهم هشاشة الكينونة أمام ما تحياه من أوضاع، لنتأمل ما قاله بطل رواية “الليالي القمرية” فهو يلخص هذا المنحى بشكل واضح: “ما معنى أن أنام وأنا نائم، أشاهد نفسي أنام وأنا نائم بالفعل…”، ولنتأمل أيضا سؤال شخصية دليلة في رواية “كليلة ودنيا” :” أعرف أنه لا يشغلني كما لا يشغلك سوى سؤال واحد: لماذا ولدت؟”؛ الوجدان ببعده الفلسفي مدخل أساس لقراءة التجربة الروائية للميلودي شغموم في أبعادها الواقعية والغرائبية والسحرية والأسطورية….

2

من ذلك، هَمُّ سارد الرواية كمال عبد العالي، أستاذ السلك الأول بإعدادية علال الفاسي الذي أحب ابنة عمته سميرة، ورغب في الزواج بها، ليس لأن القدرَ ذاتَه ضمِن له ولها النجاة من الرصاص الطائش الذي غلف سماء الدار البيضاء، عقب الأحداث الشهيرة لعام 1965، وحوّل أمه إلى صورة ممزقة واستعارة مشوّهة: صورة الرصاص وهو يشتت أمعاءها التي تطايرت في الهواء نحو الشمس الصفراء، وحوّل أمها إلى مجرّد يدٍ مبتورة تدحرجت من مرتفع الزقاق إلى أسفله حتى سقطت في مجرى الوادي الحار، (الرواية ص 62)، بل لأنه يحتاج فقط إلى وجهها الفرِح. كانا يكبُران، ولم يكن يجد ما يعوّض به حبّه لسميرة إلا الحبّ نفسه؛ وقد أضيفُ إليه تعب الليالي العارمة منذ علم أنها تزوجت بأستاذ الفيزياء وهي في الثانية ثانوي. سألها يوم زواجها كيف حالكِ؟ أجابت: سعيدة. ثمّ طلبت الطلاق وهي في معركة الاستعداد للباكالوريا سنة 1972. بعد حصولها على الشهادة سألها مرة أخرى: هل نتزوج الآن؟ ردّت بابتسامة غامضة: لستُ جاهزة الآن.

من زواج إلى آخر، ومنه إلى العيش مع عشيقها محمد الذئب، تبدو سميرة في الرواية، شخصية يحلو لها الإقامة على مشارف التيه؛ لا تقصدُ التخفيّ رغم أن كلامها يأتي أحيانا مباشرا لا مشفرا أمام البلاهة اليومية أو الغفوة الطارئة؛ وفي كلّ مرة تجد من يصدّقها: كمال. تسترجع الثقة لأنها تؤمن، في القرارة، أن لكلّ عُمْرٍ شوقهُ وحُرقتُهُ؛ فنحن لا نتحمّل مسؤولية أنفسنا كاملة، دائما، وكل ما يحدث لنا يقعُ لأننا نريده، فعلا، أو لا نرغب في تجنّبه… (أو) لأننا نعبر العالم كما نعبر الحلم، وليس العكس، (الرواية ص 42)”.

“- يا سميرة، إني نادم على كل ما فعلت معك ولكم أخجل من نفسي على كلّ هذا.

– حين رأيت الآخرين يشتهون جسدكِ أخذت أشتهيه معهم، كأني واحد منهم، وزدت على ذلك بأن حوّلتكِ إلى مجرّد جسد فتحالفت معهم، ضدّكِ، ومع الوقت”، (الرواية ص 115).

هل يحتاج كمال لكي يجيب على سؤالها إلى نبوءة تبدّد حيرته وتصقل ما في نفسه من صدأ؟

لكن أقصى وأقسى ما فكّر فيه ساعتها كان أعمق وأعْقد: “قد يبدو الحبّ هو ما ينقصني، منذ الطفولة، واستمرّ هذا النقص معي إلى الآن، (الرواية ص 49). ورغم ذلك، ظلّ كمال يرفض المجازفة بأحلامه، ويأبي، في الآن ذاته، السكوتَ عما يهجس بداخله متحسّرا، كأنه لا يطلبُ إلا الشجن، لا يريد أن يثأر إلا لحبه لسميرة.

4

ولذلك، تبدو فصول رواية “فارة المسك” للميلودي شغموم وكأنها فهم لعلاقة كمال بسميرة، وتفسير للُغز “اللاّ-علاقة” حين تعني فقط: التجرّد من العاطفة.

“مع نهاية الألفية الثالثة تناقلت الصحف الوطنية، وعلى مختلف صفحاتها، الخبر التالي:

سميرة تقتلُ عشيقها وتنتحر.

يهذي، يحلم، يتذكر …

اقرؤوا “فارة المسك”… لن تندموا على ذلك!

وإلى حديث آخر.

التفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::

مشاهدة فارة المسك الميلودي شغموم يفك الأسرار التي تثير العقول وتجذب الأرواح

يذكر بـأن الموضوع التابع لـ فارة المسك الميلودي شغموم يفك الأسرار التي تثير العقول وتجذب الأرواح قد تم نشرة ومتواجد على هسبريس وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.

وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، "فارة المسك" .. الميلودي شغموم يفكّ الأسرار التي تثير العقول وتجذب الأرواح.

في الموقع ايضا :

الاكثر مشاهدة اخبار عربية
جديد الاخبار