الخطاب الغربي المضلل وأثره في شرعنة الطغيان الإقليمي ...الشرق الأوسط

اخبار عربية بواسطة : (ترك برس) -

ترك برس

في ظل التحولات الجيوسياسية العميقة التي تشهدها المنطقة، تطفو إلى السطح روايات متعددة تحاول تفسير مسارات الحروب والثورات، لا سيما في سوريا.

ومن بين هذه الروايات، برزت تصريحات الأكاديمي الأمريكي جيفري ساكس التي أثارت جدلًا واسعًا، ليس فقط لأنها تنتقد الولايات المتحدة وإسرائيل، بل لأنها تطرح سردية تسعى إلى تحميل الأطراف الخارجية كامل المسؤولية عن الحرب السورية، متجاهلة إرادة الشعوب وجرائم الأنظمة القمعية.

صحيفة يني شفق التركية نشرت تحليلا للكاتب والسياسي ياسين أقطاي، يسعى إلى تفكيك هذه الرواية، وإبراز خلفياتها السياسية، وأثرها في طمس حقيقة الثورة السورية وإعادة إنتاج الخطاب الذي يخدم بقاء الاستبداد تحت ذرائع مضللة. 

يبدأ الكاتب برصد استقبال تصريحات ساكس بكثير من الترحيب داخل بعض الأوساط العربية، لا لجوهرها بل لمجرد أنها صادرة عن أمريكي ينتقد بلاده وإسرائيل. ويرى أن هذا الانبهار يخفي غفلة عن الدوافع الحقيقية وراء هذه التصريحات.

وفيما يلي نص التقرير:

استُقبلت تصريحات الأكاديمي الأمريكي والمستشار لدى الأمم المتحدة، جيفري ساكس، في منتدى أنطاليا الدبلوماسي بشأن الحرب السورية التي استمرت أربعة عشر عاماً، كما لو كانت طوق نجاة أُرسل خصيصاً لإنقاذ أولئك الذين لا يزالون يندبون على أطلال نظام الأسد. وكأن كون المتحدث أمريكياً يزيد من مصداقية ما يقوله في أعين هؤلاء، بل إن توجيهه أصابع الاتهام إلى كل من الولايات المتحدة وإسرائيل يزيد من وهج تصريحه لديهم. ولكن لا أحد يتساءل: ما الذي يدفع هذا الأمريكي إلى الهجوم بهذه الحدة على بلاده وإسرائيل؟ وكيف يمكن له أن يتحدث عن إسرائيل بهذه الجرأة والوضوح؟

حين يزعم ساكس أن الحرب السورية أشعلتها الولايات المتحدة وإسرائيل وليس نظام الأسد، فإنه يطلب منا نسيان كل ما جرى على مدار أربعة عشر عامًا، على مرأى العالم وعلى مقربة من حدودنا، وأن ننظر إلى الصراع من الزاوية التي يريدنا أن نراها منها. فبحسب روايته، في عام 2005 طلبت إسرائيل من واشنطن الإطاحة بالأنظمة المعارضة لها في الشرق الأوسط، لكن أوباما نفذ هذا المطلب عام 2011 مطلقًا شرارة "الربيع العربي"، مما أدى إلى إسقاط عدة أنظمة، وكانت الحرب في سوريا إحدى نتائجه.

إذن، إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة الإطاحة بنظام الأسد. وكل ما شهدناه على مدار أربعة عشر عاماً كان نتيجة سعي الولايات المتحدة للإطاحة بالأسد. أي أن الأسد المسكين، الذي لم يكن لديه هم سوى خدمة بلاده ومواطنيه وتوفير الرفاه والرخاء لهم، لم يرتكب أي خطأ؛ فلم يقتل أطفال درعا، ولم يطلق النار على الأهالي الذين حاولوا استلام جثث أطفالهم، ولم يزج بمئات الآلاف في سجون صيدنايا حيث عُذبوا وقُتلوا بوحشية، ولم يقتل مليوناً من أبناء شعبه الذين خرجوا يطالبون بإصلاحات بسيطة، بالمدافع والبراميل المتفجرة والمساعدات التي تلقاها من روسيا وإيران، ونتيجة لهذه المجازر لم يتسبب في تشريد 12 مليون شخص، ولم نر خمسة ملايين منهم في بلدنا بأعيننا ولم نشهد معاناتهم طيلة 14عامًا.

من الواضح تماماً أن ساكس يسخر من عقول الناس ويتفوه بالهراء.

ولكن لمجرد أننا نُشير إلى هذه التناقضات، ينبري أنصار النظام السوري المخلوع الذين يستمتعون بترانيم ساكس، فيتهموننا بأننا نسعى لطمس دور الولايات المتحدة وإسرائيل في الربيع العربي بل إن بعضهم لا يتردد في نعتنا بـ"الإسلاميين الإنجيليين"، وكأننا ندافع عن واشنطن وتل أبيب.

وما دام هناك الكثير ممن تستهويه خرافات ساكس بكل سذاجة، فما الذي يمنعه من الاسترسال في بيعها بشغف واستمتاع؟

إن هذا الحقد المزمن على الإسلاميين لا يفارق هؤلاء أبداً، يبدو أن أعظم أحلامهم وأكثرها إثارة للخيال هي رؤية الإسلاميين مصطفّين جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة، رغم أن الإسلاميين هم من طردوا أمريكا من أفغانستان، وهم من ألحقوا بأمريكا وإسرائيل في غزة أسوأ هزائمهما التاريخية، وجرّعوهما الويلات، إلا أن هؤلاء لا يزالون يتلذذون باحتمال "التحالف الآثم" بين الإسلاميين وواشنطن.

وما يزيد الطين بلة، أن الإسلاميين في مختلف أنحاء العالم الإسلامي اليوم يُصنَّفون كألدّ الأعداء المحتملين، في ظل النظام العالمي الذي ترعاه واشنطن، فيُسجنون ويُنفون ويُعذَّبون. وأيّ إنصاف أو قدر يسير من العقل كان كفيلاً بجعلهم يدركون أن الكابوس المرعب والبديل الوحيد للنظام الصهيوني المتمركز حول محور واشنطن وتل أبيب، إنما يتمثل في الإسلاموية، ولكن أين العقول اليقظة والبصيرة النيرة؟

أيها السذّج.. ما نقوم به هنا ليس تغطية على دور الولايات المتحدة وإسرائيل، لو تأنّيتم وفكرتم قليلا لوجدتم أننا نكشف هذا الدور على حقيقته بوضوح أكثر. ومن يصدّق أن دور أمريكا اقتصر على محاولة إسقاط الأسد لا شك أنه كان في غيبوبة طوال أربعة عشر عاماً. والآن، وبعد أن نجح الشعب السوري بثورته الحقيقية التي أقلقت إسرائيل وأربكتها وأفزعتها، يريدون أن يُلصقوا هذه الثورة بواشنطن، وأن يلوّثوها بتلك الصلة الزائفة. ألا تكفيكم حالة الذعر التي تعيشها إسرائيل اليوم لتوقظكم من غفلتكم وتنير بصيرتكم؟

لقد طرحنا سابقا سؤالاً بسيطًا: إذا كانت الولايات المتحدة تريد إسقاط نظام الأسد منذ 14 عاماً، فكيف فشلت في تحقيق ذلك؟ لقد حشدت هناك الكثير من الأسلحة، آلاف الشاحنات وطائرات الشحن المليئة بالأسلحة. ولو أنها أعطت عُشرها للمعارضة الحقيقية للنظام في سوريا، لسقط نظام الأسد في العام الأول. قليل من الحساب والعقل والمنطق كاف لفهم ذلك، ولكن الولايات المتحدة لم ترغب أبدًا في الإطاحة بالأسد في أي وقت مضى. في الحقيقة، لم يكن لها أي دور في أحداث الربيع العربي. وكان دور الولايات المتحدة هو حرف مسار الربيع العربي، وتحويله إلى انقلابات، إذ كانت تلك الثورات كلها ضد إسرائيل. ولكن جميع الأنظمة التي وصلت عبر الانقلابات تم ضبطها لتعزيز أمن إسرائيل. وأما في سوريا، فقد تم منع حدوث ثورة مماثلة لما حدث في دول أخرى في العالم العربي. وكانت الانتفاضة السورية جزءاً من سلسلة "الربيع العربي"، لكن التدخل الشيطاني من الولايات المتحدة وإسرائيل حال دون ذلك وأبقى نظام الأسد صامدًا حتى 8 ديسمبر 2024. لأن البديل للأسد، كان القوى الثورية، وكانت تشكل تهديداً حقيقياً لإسرائيل كما تبين.

لنوضح الأمر مرة أخرى وكأننا نشرحه لأبله: في مقالاتي ليس هنالك تبرئة أو تغاضٍ عن دور الولايات المتحدة وإسرائيل، بل على العكس تمامًا، هناك تأكيد أكبر على دورهما الشيطاني. فالولايات المتحدة وإسرائيل شريكتان في جميع المجازر التي حدثت في سوريا على مدى 14 عامًا. وعندما سلمت الولايات المتحدة آلاف الشاحنات المحملة بالأسلحة لقسد، لم تكن تهدف إلى تغيير النظام بهذه الأسلحة. بل كانت تهدف بالتعاون مع الأسد إلى إقامة بنية تمنع الشعب السوري من الوصول إلى الحكم، وتشكل تهديدا لتركيا.

وعليه، فإن الهدف من هذا الطرح ليس تبرئة الولايات المتحدة أو إسرائيل مما ارتكبتا على الأراضي السورية، بل هو إظهار أن حجم جرائمهما يفوق بكثير ما يحاول جيفري ساكس تصويره أو اختزاله. لسنا بصدد تهويل الأمور أو الخروج عن معايير العدالة. فالفظائع والانتهاكات التي شهدها السوريون في سجون صيدنايا، وتدمر، وحمص، بما في ذلك التعذيب الوحشي والممارسات الإجرامية ذات الطابع الإبادي بحق الشعب، وقعت في ظل وجود الولايات المتحدة بكامل ثقلها. لقد غضّت الطرف عن جميع جرائم الأسد، وكان بإمكانها الإطاحة به بضربة واحدة، خاصة وأن معظم الشعب السوري – باستثناء أقلية صغيرة – قد انتفض ضده. ولكنها لم تفعل، لأن البديل كان سيكون نظاماً منبثقاً من الإرادة الشعبية، ومن المرجّح أن يكون إسلامياً، وهؤلاء يمثّلون خطرًا حقيقيًا على إسرائيل.

وفي هذا السياق، لا يمكن التغاضي عن الإشارة إلى أن الجنرال ويسلي كلارك، الذي استشهد به جيفري ساكس كشاهد داعم لمزاعمه، لا يعدو كونه شاهد زور مشكوكا في مصداقيته، وتحيط به اتهامات عديدة بالكذب والاحتيال، فضلاً عن ضلوعه في ممارسات تلاعب بأسواق المال، لا سيما في البورصات الأمريكية والصينية. ولمن يرغب في التحقق من ذلك، فإن بحثاً سريعاً على الإنترنت كفيل بكشف الكثير من التفاصيل عن ذلك.

التفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::

مشاهدة الخطاب الغربي المضلل وأثره في شرعنة الطغيان الإقليمي

يذكر بـأن الموضوع التابع لـ الخطاب الغربي المضلل وأثره في شرعنة الطغيان الإقليمي قد تم نشرة ومتواجد على ترك برس وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.

وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، الخطاب الغربي المضلل وأثره في شرعنة الطغيان الإقليمي.

في الموقع ايضا :

الاكثر مشاهدة اخبار عربية
جديد الاخبار