منذ اختراع التلفزيون في الثلث الاول من القرن العشرين، أصبح هذا الجهاز أحد الركائز الأساسية في الحياة اليومية للناس. لم يكن مجرد وسيلة ترفيه، بل منبراً للأخبار، ونافذة على العالم، وأداة لصياغة الرأي العام. لكن مع دخول القرن الحادي والعشرين، بدأت مكانته تتراجع تدريجياً لصالح وسائل أخرى فرضت نفسها بقوة على المشهد الإعلامي، حتى قال البعض انه يحتضر، فهل مات التلفزيون حقًا؟ وهل نحن على أعتاب نهايته الحتمية؟ أم أن هذا الجهاز سيجد لنفسه مكانًا جديدًا في العالم الرقمي؟ تراجع دور التلفزيون في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي لم يكن التراجع الذي شهده التلفزيون في السنوات الأخيرة مفاجئاً، بل جاء نتيجة طبيعية لثورة تكنولوجية هائلة، تقودها الهواتف الذكية، والإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي. في السابق، كان التلفزيون المصدر الأساسي للأخبار، ومتابعة الأحداث، والبرامج الترفيهية، لكن اليوم، أصبح الناس يحصلون على كل ما يريدون لحظياً عبر هواتفهم الذكية. يكفي تصفح تطبيق مثل "تويتر" أو "تيك توك" أو "فيسبوك" لتجد موجزاً فوريًا للأخبار، ومقاطع الفيديو، والتحليلات، بل وحتى بثًا مباشرًا من قلب الحدث. لقد تغيرت طبيعة الاستهلاك الإعلامي. المستخدم اليوم لم يعد يرضى بأن يكون متفرجاً فقط، بل يريد التفاعل، والمشاركة، وصنع المحتوى بنفسه. هذه الميزة التي توفرها وسائل التواصل هي ما جعلتها تتفوق على التلفزيون التقليدي، الذي ما زال يعتمد على نموذج "المرسل والمتلقي"، مما جعله يبدو في كثير من الأحيان جامدًا أمام ديناميكية المنصات الحديثة. الناس يعتمدون على وسائل أخرى لم يقتصر التغير على الفئات العمرية الشابة فقط، بل شمل شرائح متعددة من المجتمع. فحتى كبار السن بدأوا يتجهون نحو الإنترنت للحصول على المعلومات ومتابعة الأخبار. يمكن القول إن التحول الرقمي أعاد تشكيل السلوك الإعلامي للناس. لم تعد هناك حاجة لانتظار نشرة أخبار الساعة الثامنة، أو جدول بث معين، لأن المحتوى بات متاحًا على مدار الساعة، ويمكن مشاهدته في أي وقت ومن أي مكان.واذكر هنا اننا عندما كنا نسمع ذلك من المهندس راضي الخص وهو المدير الفني ونائب رئيس شبكة قنوات راديو وتلفزيون العرب (ART) في منتصف تسعينيات القرن الماضي كنا نصاب بالذهول وعدم التصديق بل انه عندما طرح فكرة تأسيس قناة للالعاب بحيث تلعب لعبة مع شخص في اقصى الكرة الارضية وبنفس اللحظة كنا نعتقد انه يشطح بالخيال ،لكن تين فيما بعد ان ذلك كله اصبح حقيقة لقد اصبحت منصات مثل "نتفليكس" و "يوتيوب"، و"شاهد" توفر بديلاً مغريًا للقنوات التلفزيونية التقليدية. فيها يجد المشاهد حرية الاختيار، وتحكماً كاملاً في تجربة المشاهدة. بل إن بعض هذه المنصات باتت تنتج محتوى عالي الجودة، ينافس القنوات الكبرى، ويجذب جمهورًا عالميًا. كذلك، لم تعد الأخبار محصورة في غرفة الأخبار، فكل شخص يحمل هاتفًا ذكياً قد يكون (صحفياً) ينقل الحدث مباشرة. تكاليف باهظة مقابل وسائل لا تكلف شيئاً إذا قارنا بين التلفزيون التقليدي والمنصات الرقمية من حيث التكلفة، فإن الفجوة تبدو هائلة، فالقنوات التلفزيونية تحتاج إلى ميزانيات ضخمة لتغطية البث، وصناعة المحتوى، وتوظيف الكوادر، وشراء الأجهزة، والتقنيات. أما وسائل التواصل الاجتماعي، فهي تتيح لأي شخص أن يصبح "إعلاميًا" دون أن يدفع شيئًا يُذكر. بكاميرا هاتف متواضعة واتصال إنترنت، يمكن لصانع محتوى أن يصل إلى ملايين المتابعين. كما ان الإعلانات التي كانت تذهب إلى شاشات التلفزيون أصبحت تتوجه اليوم إلى المنصات الرقمية، حيث تتوفر أدوات دقيقة لاستهداف الجمهور، وقياس النتائج. هذا التحول في سوق الإعلان أضر كثيراً بموارد القنوات التقليدية، وجعلها عاجزة أحياناً عن المنافسة. واقع التلفزيون اليوم رغم كل ما سبق، فان التلفزيون لم يمت بعد ، ولا يزال هناك جمهور يتابع بعض القنوات، خاصة في أوقات الأزمات أو الأحداث الكبرى مثل كأس العالم، أو الانتخابات، أو الكوارث الطبيعية. كما أن بعض البرامج الحوارية والمسلسلات ما زالت تحظى بنسب مشاهدة جيدة و في بعض الدول، ما زال التلفزيون هو الوسيلة الرئيسية للوصول إلى الجمهور، خصوصاً في المناطق التي لا يتوفر فيها الإنترنت بشكل جيد. لكن لا يمكن إنكار أن التلفزيون يعاني.و الكثير من القنوات أغلقت أو قلصت من إنتاجها، وبعضها اضطر إلى الانتقال نحو البث الرقمي أو الاندماج مع منصات إلكترونية و أصبح من الضروري للتلفزيون أن يواكب العصر، وأن يعيد النظر في طريقة عمله، ومحتواه، وجمهوره المستهدف. هل سيندثر التلفزيون أم سيبقى؟ القول بأن التلفزيون سيموت تماماً قد يكون مبالغا به ، لكن المؤكد أنه لن يعود إلى سابق عهده لان مستقبله مرتبط بقدرته على التكيف. إذا استطاع أن يندمج مع الوسائل الرقمية، وان يقدم محتوى تفاعلياً يناسب الأجيال الجديدة، وهناك بعض القنوات بدأت فعلاً في هذا الاتجاه، عبر إنشاء تطبيقات للبث المباشر، أو تقديم برامج قصيرة على "يوتيوب" و"إنستغرام"، أو حتى التعاون مع المؤثرين وصناع المحتوى. قد يتحول التلفزيون من "جهاز" إلى "خدمة"، ومن "شاشة بث" إلى "منصة رقمية". لم يعد التحدي فقط في تقديم الخبر أو الترفيه، بل في كيفية الوصول إلى جمهور مشتت، متنقل، ومتطلب. المنافسة اليوم لم تعد فقط مع القنوات الأخرى، بل مع كل محتوى يظهر على شاشة الهاتف. خاتمة إذن، هل مات التلفزيون؟ يمكن القول إنه دخل في غيبوبة، لكنه لم يُعلن وفاته بعد. هو في مرحلة تحول صعبة، تحاول فيها المؤسسات الإعلامية التقليدية أن تعيد تشكيل نفسها بما يتماشى مع متغيرات العصر. التلفزيون لن يندثر تمامًا، لكنه سيتغير حتمًا. سيتحول من النموذج القديم الجامد إلى صيغة أكثر مرونة وتفاعلاً، أو سيترك الساحة نهائيًا للمنصات الجديدة. في النهاية، البقاء سيكون للأذكى، والأسرع في التكيف، والأكثر قدرة على مخاطبة الإنسان المعاصر بلغة يفهمها، ويستمتع بها. اما ما يتعلق بموت التلفزيون الاردني فهذا بحث آخر ساتعرض له فيما بعد خاصة بعد موجة من الادارات التي لا علاقة لها بالعمل التلفزيوني الحقيقي والتي تقوده الى النهاية غير المرجوة. .
التفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::
مشاهدة هل مات التلفزيون
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ هل مات التلفزيون قد تم نشرة ومتواجد على جو 24 وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، هل مات التلفزيون؟.
في الموقع ايضا :