ترك برس
تناول تقرير تحليلي للكاتب والخبير التركي نيدرت إيرسانال، تصاعد التنافس الإقليمي والدولي حول آسيا الوسطى والعالم التركي في ضوء التحولات الجيوسياسية الأخيرة، من خلال قراءة معمقة لتصريحات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.
ويحلل التقرير الذي نشرته صحيفة يني شفق محاولات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة استغلال انفتاح دول آسيا الوسطى، مقابل مقاربة تركيا للملف باعتباره "شأناً عائلياً".
كما يستعرض أبعاد تحالف تركيا وأذربيجان وباكستان في مواجهة الضغوط، ويضع التطورات الأخيرة بين الهند وباكستان في سياق صراع النفوذ على "طرق التجارة الجديدة"، وسط تحركات خفية لإعادة رسم الخرائط الجيوسياسية من الخليج إلى شرق المتوسط، مع إبراز دور إيران كحلقة توتر ومساومة في المعادلة الإقليمية والدولية.
وفيما يلي نص التقرير:
تناول وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أثناء استقباله لنظيره النرويجي يوم الخميس، بعض التطورات في العالم التركي وآسيا الوسطى، حيث قال:
"إن التطورات العالمية التي شهدتها السنوات الأخيرة وتطور القدرات الذي أظهره إخواننا في آسيا الوسطى قد لفت انتباه القوى العالمية الفاعلة، وزاد اهتمام الاتحاد الأوروبي بآسيا الوسطى. وهذا أمر مفهوم بالنسبة لنا. ولكننا نلاحظ أيضًا محاولات من جانب الاتحاد الأوروبي لاستغلال هذا الاهتمام المتبادل في بعض المجالات."
ولا يمكن حصر المسألة في سياق اتصالات بعض دول العالم التركي مع الاتحاد الأوروبي أو الإدارة القبرصية اليونانية فقط. وقد وضعت وزارة الخارجية التركية بالفعل ملف هذه القضية تحت بند "الشؤون العائلية"، مؤكدة أنها "ستُحل بيننا". وهذا هو الصواب. ولكن مسألة "لفت انتباه القوى العالمية إلى المنطقة" أكثر حساسية بكثير؛ فهي تحتوي على عناصر "قابلة للاشتعال" ومجالات أوسع لـ"الاستغلال".
وعند مناقشة نقاط استغلال العلاقات بين دول العالم التركي والاتحاد الأوروبي، يبرز موقف أذربيجان الشقيقة ورئيسها علييف الداعم بقوة لجمهورية شمال قبرص التركية والقبارصة الأتراك، وهو موقف ذو دلالة واضحة. ولضمان وضوحه تم التعبير عنه بهذه الصراحة.
وكذلك الزيارة الأخيرة لرئيس وزراء باكستان، حليفنا القديم والشقيق، إلى أنقرة، وما أظهره من حب ودعم لتركيا، تدخل في هذا السياق وتوقيته الدقيق.
في الواقع، فإن مثلث تركيا وأذربيجان وباكستان ليس تشكيلًا استراتيجيًا جديدًا لنا. وقد بلغ هذا المحور ذروته خلال حرب أرمينيا، وعندما يُعرض على الخريطة، فإنه يُحدد مساحات الاهتمام للقوى العالمية شرقًا وغربًا كطرق أو أنظمة تجارية بيئية، بل كإطار عسكري أيضًا.
لنضع هذا في الحسبان..
وينبغي أيضًا أن نصنف اهتمام الغرب بالمنطقة؛ فاهتمام الاتحاد الأوروبي يختلف عن اهتمام الولايات المتحدة. وكذلك، فإن موقف روسيا من ألعاب الغرب في هذه المنطقة سيكون مختلفًا، وستقترب من أحد العاملين الخارجيين/الغربيين. وهذا مرتبط بكيفية انتهاء الحرب الأوكرانية، وكذلك بكيفية رؤية برلين ولندن للعالم التركي وآسيا الوسطى أثناء مواجهتهما لموسكو. فسبب تواجد الاتحاد الأوروبي في المنطقة يهدف في جوهره إلى "الوصول إلى الصين".
بالطبع هذا أحد الطرق، وهو في الوقت الحالي الأكثر فعالية، ولكن هناك أيضًا طريق آخر.
وبينما كنا نستضيف رئيس وزراء باكستان شهباز شريف، كانت هجمة إرهابية خطيرة تشهدها حدود بلاده، وما تلاها من تطورات كان أشد خطورة من الهجوم نفسه.
ففي منطقة جامو وكشمير الخاضعة للسيطرة الهندية، وقع هجوم إرهابي استهدف سياحاً، أسفر عن مقتل 26 شخصاً. وعقب هذا الهجوم تصاعدت التوترات بين باكستان والهند بسرعة هائلة.
وقد أدلى قادة البلدين بتصريحات حادة للغاية، وأوقفوا الاتفاقات بينهم، وأدخلوا "المياه" - التي تعد من أكثر المواضيع اشتعالًا بينهما - إلى ساحة المعركة؛ حيث أعلنت باكستان رسميًا أن أي خطوة عدائية تتعلق بالمياه ستعتبر "سببًا للحرب". ولا يخفى على أحد أن كلا البلدين يمتلكان أسلحة نووية.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد. فقد تجاوز البلدان في يوم واحد إجراءات دبلوماسية تصاعدية تستغرق عادة أشهراً، كمطالبة مواطني الطرف الآخر بمغادرة الأراضي، وترحيل بعض موظفي البعثات الدبلوماسية، وتعليق التجارة، وإغلاق المجالات الجوية، وغير ذلك. كما أن الاشتباكات الحدودية مستمرة دون توقف. ويبدو واضحاً أن الأمر لن ينتهي هنا، فهناك مخاوف من أن تقدم الهند على "رد فعل".
ولكن هل هذه مجرد مصادفات؟.. إنها إحدى طرق الاستغلال.
وحتى لو كانت كلها مصادفات، فمن غير الممكن أن يتزامن الهجوم مع زيارة نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، إلى الهند.
وهذا يستدعي تعديل خطوط الخريطة .
فالخط الأفقي الممتد من الهند إلى شرق المتوسط، أو الخط الآخر الممتد من هناك عبر الخليج إلى إسرائيل، أو الخط الشامل الذي يجمعها جميعاً مع العراق ويمر عبر تركيا إلى أوروبا - كلها خطوط استراتيجية تشكل "طريق التوابل الجديد".
لكن ثمة محطات "مشتركة" بارزة؛ فلدى دول مثل باكستان وإيران وأفغانستان شراكات عميقة وشاملة مع الصين وروسيا، بعضها محمية باتفاقات استراتيجية، كمبادرة "الحزام والطريق".
كما أن هذا المسار يحتمل سيناريو آخر قد يثير قلق الغرب؛ وهو التقارب بين الصين والهند الذي كان مستبعداً حتى وقت قريب، لكنه يشهد محاولات جدية في الأشهر الأخيرة، أو على الأقل خطوات لتخفيف التوترات والسيطرة عليها.
إذن الهجوم الأخير وما تلاه من عملية محفوفة بالمخاطر، تغير من تصنيفات الأمن والتنافس على هذه الطرق.
وخلف هذه الطرق تقع جسور غير مكتملة كإيران. فبالرغم من الضغوط الإسرائيلية، تواصل واشنطن المفاوضات مع طهران، بهدف كبح تذمر تل أبيب الأمني من جهة، وموازنة موقف طهران المدعومة من قبل الصين وروسيا من جهة أخرى. وحتى دول الخليج لا تريد مشاكل مع إيران. وهذا يمكن اعتباره نوعاً من الحدود.
ولا شك أن أمريكا تحسب أيضًا احتمال إنشاء روسيا وتركيا منطقة نفوذ في الملف الإيراني. إنه أمر معقد بعض الشيء، ولكن لا يمكن استبعاده تمامًا. فأنقرة مثلًا تدعم المصالحة الإيرانية الأمريكية بل وتساهم فيها فعليًا.
ولو كان الأمر بيد أمريكا، لشكلت مجموعة أخرى خلف ذلك؛ تركيا وسوريا وإسرائيل وربما مصر. ويبدو صعبا في الوقت الراهن، بل يستحيل على أنقرة، وخاصة في ظل حكومة نتنياهو أن تقترب من هذا الخط، وليس لديها أي نية في ذلك.
ويمكن زيادة الجسور والطرق والتحالفات. لقد تحولت تركيا إلى مركز جيوسياسي تتقاطع فيه كل المسارات والاهتمامات، ولكنها أيضاً أصبحت "مغناطيساً للاستغلال". وكما قال هاكان فيدان: "إنه وضع مفهوم بالنسبة لنا". لكن إضافة كلمة "استغلال" بعد هذه الجملة تحمل في طياتها رفضاً لهذا الاستغلال واستعداداً للرد.
التفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::
مشاهدة خبير هكذا أصبحت تركيا مغناطيسا للاستغلال
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ خبير هكذا أصبحت تركيا مغناطيسا للاستغلال قد تم نشرة ومتواجد على ترك برس وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، خبير: هكذا أصبحت تركيا "مغناطيساً للاستغلال".
في الموقع ايضا :