ساعة الظلام .. بأي ذنب أضيفت ؟ بواسطة : محمد كرم ...المغرب

اخبار عربية بواسطة : (ازيلال 24) -

ساعة الظلام .. بأي ذنب أضيفت ؟

 

 

 

 

 

 

بواسطة : محمد كرم

 

 

 

 

 

 

 

في سياق البحث الدائم عن الجديد، و رغبة مني في مواصلة إشباع احتياجاتي الترفيهية و الإخبارية المتنوعة،  رسا اختياري في الآونة الأخيرة  على قناة TéléTchad التلفزيونية الرسمية و أنا أعلم في قرارة نفسي أني ربما المغربي الوحيد الذي قرر تكريس بعض الوقت لاكتشاف ما تقترحه هذه القناة على مشاهديها من برامج و روبورتاجات و أعمال درامية و أفلام وثائقية و غيرها بعدما تأكدت من أننا شعب لا يهمه ما يأتي من فضائيات الدول "المتواضعة" و "المغمورة". و كان من الطبيعي أن أخرج بمجموعة من الملاحظات، و الغاية من هذا المقال ليس هو تقييم محتوى ما تابعته من إنتاجات إلى حدود الساعة. قد أنكب على هذه المهمة في القادم من الشهور أو الأعوام. هدفي اليوم يتمثل فقط في إطلاع القارئ الكريم على مفارقة جديرة بالتأمل.

فبينما كنت أستعد لمتابعة إحدى النشرات الإخبارية الرئيسية لأول مرة استرعى انتباهي العد العكسي لتوقيت بدايتها. لقد لاحظت بأن توقيت المملكة المغربية المعمول به حاليا هو نفسه توقيت جمهورية التشاد الشقيقة و بالتالي فهو نفسه توقيت كل البلدان الإفريقية التي تتقاسم نفس خط الطول مع هذه الأخيرة من قبيل جمهورية إفريقيا الوسطى و الكونغو الديمقراطية و بوتسوانا. طبعا هناك من سيعتبر الأمر مجرد دعابة أو مشهدا من مشاهد الكاميرا الخفية، لكن هذا هو واقع توقيتنا.

مازلت أذكر بأن التعريف بخطوط الطول (و بخطوط العرض أيضا) شكل جزءا من برنامجنا الدراسي في السنة الأولى من المرحلة الثانوية اقتناعا من واضعي المقررات المدرسية بأن ثمة معلومات على الناشئة استيعابها في وقت مبكر نسبيا من أجل فهم أفضل للعالم الذي يحتضنها. و لكن عندما تتطور الأمور و تصبح تلك المعارف "زايدة ناقصة" فمن الطبيعي أن يتساءل المرء باستغراب شديد : ماذا حصل ؟ هل تغيرت نواميس الطبيعة دون سابق إنذار ؟ هل اندثرت خطوط الطول و حلت محلها خطوط مائلة بديلة ؟ و هل من حق أية جهة أن تتلاعب بساعة المواطنين البيولوجية ؟ هل كان من الضروري أن تفسد علينا دولتنا مناخنا الجميل بفرض توقيت يجمع المغاربة على نبذه و رفضه؟ و هل هناك فعلا ما يبرر اعتماد توقيت غريب و مكلف صحيا و نفسيا ؟

إن واقع الحال يقول بأن مملكتنا توجد على نفس خط الطول الذي توجد عليه غرينتش، و هي منطقة تشكل جزءا من لندن الكبرى عاصمة المملكة المتحدة و تعتبر اليوم نقطة افتراضية و مرجعية في تحديد التوقيت العالمي (بالضبط كما أن خط الاستواء يعتبر المرجع في تحديد خطوط العرض). و بما أنه يكفي الابتعاد عن الخط المرجعي ب 15 درجة شرقا أو غربا ليزيد التوقيت الحقيقي أو ينقص بساعة كاملة (هناك بلدان شاسعة قد يصل فيها عدد المناطق الزمنية إلى 11 منطقة كما هو الشأن في فيدرالية روسيا مثلا  !!!!!!!)، و بما أن موقع دولة التشاد محدد على خطوط طول بين درجتي 14 و 24 في اتجاه الشرق فإنه لا يعقل تقبل فكرة تقاسمنا مع هذه الدولة لنفس التوقيت. الفرق الحقيقي بين توقيتنا و توقيتهم قد يتراوح بين ساعة و ساعتين بحسب مواقع المناطق المعنية بالمقارنة على الخارطة. ففي الوقت الذي نكون فيه على أهبة الانتهاء من صلاة المغرب يكون فيه الأشقاء التشاديون على أهبة إقامة صلاة العشاء، و هذا المعطى يكفي لوحده للدلالة على سوء التقدير الذي رافق اتخاذ قرار الإضافة ببلدنا. توقيت الصلوات مهم جدا في إثبات ما إذا كان توقيتنا الإداري موافقا لتوقيتنا البيولوجي أم لا، و الدليل على ذلك أن الدولة نفسها تعمد إلى الرجوع إلى توقيت غرينتش خلال شهر رمضان حتى تمر الصلوات الليلية في أحسن الظروف و خاصة بالنسبة لكبار السن الذين لا يقوون على السهر في الغالب.

و يظهر حجم التخبط بشكل أكثر جلاء عندما تعترف دولتنا من خلال البلاغات الرسمية ذات الصلة بأن توقيت غرينتش هو توقيتنا "القانوني". و مادام الأمر كذلك فما الذي يبرر إضافة 60 دقيقة إلى توقيتنا الرسمي القانوني هذا ؟

تناسلت الروايات  بهذا الشأن، و الشيء الأكيد هو أن الواقفين وراء قرار الإضافة لم يتحملوا إلى غاية اليوم ـ على حد علمي ـ  عناء بسط الدوافع الحقيقية التي كانت وراء هذا الإجراء مع ذكر المكاسب مفضلين ترك  الحبل على الغارب. أما المحللون ـ الهواة منهم كما المحترفون ـ  فقد وجدوا أنفسهم يغوصون في الفرضيات فقط في غياب معطيات رسمية و دراسات داعمة.

و رغم مرور فترة لا يستهان بها على الشروع في اعتماد التوقيت الجديد لا شيء أفلح  في إقناع الناس بأن الاستئناس بالنظام المستحدث مسألة وقت لا غير، إذ هيهات أن يتعود البشر على ما يشذ عن ما يمليه العقل السليم. فمجرد التأرجح بين ساعة الصيف و ساعة رمضان أمر متعب، و التعود النسبي يستغرق بعض الوقت عقب كل تغيير.

كل المؤشرات توحي بأن تهدئة الساخطين المتذمرين مازالت غاية بعيدة المنال و بأن هؤلاء عازمون على مواصلة الاحتجاج و لو بالاكتفاء بالصمت الناطق اقتناعا منهم بأن الدولة ب "دخولها" في صحة الناس و بحرمانهم من نوم طبيعي و بتعريض أبنائهم و نسائهم لقطاع الطرق و الكلاب الضالة في كل صباح ـ و خاصة في الفصل البارد ـ تكون قد تجاوزت اختصاصاتها. حتى الإنارة العمومية لا يتم ضبط اشتغالها على غرينتش+1 في أماكن عدة، و الملاحظة نفسها تسري على مواعيد وصول الحافلات البرية في الفترة الصباحية حيث يضطر الكثير من المسافرين إلى الاحتماء بالمحطات الطرقية إلى حين ظهور خيوط الشمس الأولى حتى يتسنى لهم مغادرتها.

لا غرابة إذن في أن نرى نسبة الهدر المدرسي و أعداد الاعتداءات المقترفة تحت جنح الظلام و هي تواصل الارتفاع. لا غرابة كذلك في أن نرى آثار اضطراب النوم على وجوه الناس مع ما قد يعنيه ذلك من تقلبات مزاجية و هرمونية و وجود درجة معينة من الاختلال النفسي و العاطفي و تراجع على مستوى المناعة و التركيز و الإقبال على الحياة بصفة عامة... و لا داعي للاستغراب أيضا عندما يلح معظم التجار و الحرفيين المستقلين على تجاهل التوقيت الصيفي الدائم و يكتفون في تدبير وقتهم بمعاينة موقع الشمس من الأرض.

و ما حز في نفسي أكثر أنه في الوقت الذي كنت أتوقع فيه اتخاذ حكومة عبد الإلاه بنكيران أو حكومة سعد الدين العثماني ما يلزم من خطوات لتحويل عطلتنا الأسبوعية من يوم الأحد إلى يوم الجمعة إسوة بباقي الدول الإسلامية و انسجاما مع التوجه المحافظ لحزبهما و ذلك حتى نضع حدا للاضطراب الذي يسم ظروف عملنا و تمدرسنا و صلاتنا و قضاء أغراضنا الإدارية في هذا اليوم العظيم (مع الاعتراف بأن هذا المطلب لا يندرج ضمن أولويات معظم المغاربة) نزل علينا قرار التوقيت الجديد كالصاعقة ليكرس شذوذ ساعتنا و ليدفعني إلى التساؤل : هل اقترف هذا الشعب ذنبا ما في حق دولته حتى يطاله هذا العقاب الجماعي ؟ ألا يكفي المغاربة ما هم فيه من ضغط نفسي متزايد و قلة ذات اليد حتى نثقل كاهلهم بمشكل محبط و مدمر إضافي ؟

خلاصة القول : لا خير في توقيت إداري لا يناسب التوقيت البيولوجي، بل و يضر به أيضا. 

ختاما، أعتذر منكم، أعزائي القراء، إن لاحظتم بأني فاقد لجزء من أعصابي اليوم. "الساعة لله" ، و من فضلكم "سيرو بدلو الساعة بأخرى" ... و إلى اللقاء من خلال مقال جديد يوم ؟ من شهر ؟ على الساعة العاشرة صباحا.

أنا متأكد بأنكم تتساءلون الآن عما إذا كنت أقصد العاشرة "القديمة" أو العاشرة "الجديدة" !!! 

 

التفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::

مشاهدة ساعة الظلام بأي ذنب أضيفت بواسطة محمد كرم

يذكر بـأن الموضوع التابع لـ ساعة الظلام بأي ذنب أضيفت بواسطة محمد كرم قد تم نشرة ومتواجد على ازيلال 24 وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.

وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، ساعة الظلام .. بأي ذنب أضيفت ؟ بواسطة : محمد كرم.

في الموقع ايضا :

الاكثر مشاهدة اخبار عربية
جديد الاخبار