توطين الدواء السعودي.. من الاستيراد إلى التصدير ..أقتصاد

أقتصاد بواسطة : (جريدة الرياض) -

يعد قطاع صناعة الأدوية والأجهزة الطبية من القطاعات الاستثمارية الواعدة في المملكة، التي تركز المملكة على تطويرها خلال السنوات الأخيرة، لما يشكله القطاع من أهمية حيوية في تحقيق الأمن الدوائي والصحي، وتأمين الاحتياجات الطبية وبناء قدرات صناعية متطورة في القطاع، لذلك تهتم المملكة بدعم فرص الاستثمار في القطاع الدوائي وبناء شراكات مع الشركات العالمية الرائدة في مجال تصنيع الدواء والأجهزة الطبية، وجذب مزيد من المستثمرين لبناء مشاريع متنوعة في القطاع الصحي بالمملكة وتحقيق أرباح ضخمة من تنفيذها على أرض الواقع، وتأكيد ريادة المملكة في قطاع حيوي، زادت أهميته في السنوات الأخيرة بعد ما كشفته جائحة كوفيد- 19 من فجوة تصنيعية كبيرة في أبحاث وتصنيع اللقاحات.

إن المملكة من أكبر أسواق الأدوية في منطقة الشرق الأوسط، وذلك مع زيادة نمو الطلب على الأدوية وارتفاع حجم القوة الشرائية، مما يجعلها سوقاً جاذبة للمستثمرين، خاصة بعد وجود حقوق الملكية الفكرية على أرض الواقع، التي حفزت الشركات العملاقة على التواجد في المملكة، لتصبح مقراً إقليميًا لها في المنطقة، مستفيدة من الحوافز الاستثمارية الكبيرة، والمناخ المحفز والبنية التشريعية المثالية، ثم عبقرية المكان، حيث تتوسط المملكة قارات العالم، فهي في الجانب الغربي من آسيا وبجوار قارتي أفريقيا وأوروبا.

كما تسعى السعودية إلى تحقيق أمنها الدوائي، من خلال زيادة فرص الاستثمار في صناعة الأدوية لضمان توافر احتياجاتها الأساسية، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مما يعزز فرص التصدير للخارج، أيضاً تتمتع بفرص استثمارية متنوعة في القطاع الصحي واعدة، من إنشاء مصانع الأدوية، ومراكز الأبحاث، وشركات الأدوية، والمعدات والأجهزة الطبية.

أما أهم الأهداف الاستراتيجية السعودية، فتكمن في توطين هذه الصناعة، والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، وتدريب الكوادر السعودية للعمل في القطاع الصحي، بتحديث المناهج ودعم البحث العلمي، ونشر الأبحاث المتخصصة في «الفارماكولوجي» في المجلات العلمية الرائدة، تشجيعاً للابتكار، والبحث المستمر في مجال صناعة الأدوية، وعلاج الأمراض، وجعل صناعة الدواء صناعة وطنية مستدامة.

بداية التصنيع الدوائي

البداية القوية للتصنيع الدوائي، جعلت صادرات المملكة تصل إلى 35 دولة، منها دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تمثل الإمارات الأعلى استيرادًا، تليها مصر والعراق، وسط توقعات مراقبين ومتعاملين في القطاع بأن تكون السعودية مركز تصنيع الدواء الرائد في المنطقة.

ويظل سوق الأدوية الصاعد في مراحل نمو جيدة بنسبة 5 % سنويًا، مع مساعٍ لزيادة الاستثمارات المحلية لتقليل الاعتماد على الاستيراد، ومع مزيد من التركيز على تشجيع القطاع الخاص وتعزيز البحث والتطوير، وبناء شراكات استراتيجية مع الشركات العالمية لتوطين صناعة الأدوية، من أهم نقاط القوة التي تعمل عليها المملكة بإرادة قوية، ودعم للاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتشجيع القطاع الخاص، وإتاحة الفرصة لبناء مصانع جديدة في أماكن متعددة تغطي أرجاء المملكة، وتدعم أهدافها الوطنية، وتعزز القدرة التصديرية، وتحقق مستهدفات رؤية 2030.

توطين الأدوية والمنتجات الصيدلانية

لقد أعدت وزارة الصناعة والثروة المعدنية منظومة من القطاعات التابعة لها لتوطين الأدوية والمنتجات الصيدلانية، إذ تعمل الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية «مدن» على توطين الصناعات الدوائية من خلال 36 مدينة صناعية تتضمن أراضي ومصانع مجهزة بالخدمات، كما تضم الهيئة الملكية للجبيل وينبع أربع مدن صناعية مجهزة ببنية تحتية لإقامة المشاريع، بينما يوفر المركز الوطني للتنمية الصناعية الخبرات الصناعية والتشريعات لاستقطاب المستثمرين، كما يمول الصندوق الصناعي مشاريع المصانع المحلية، ويدعم بنك التصدير والاستيراد السعودي الصادرات المحلية مع توفير الحلول التمويلية.

وتتولى الهيئة العامة للغذاء والدواء عدة مهام منها تسجيل المستحضرات الصيدلانية وشركاتها وتقييمها، والتنسيق مع وزارة الصحة والأجهزة الحكومية الأخرى التي تقدم خدمات صحية لتعزيز الصحة العامة، وتشجيع الصناعة الدوائية الوطنية ودعمها، وتقديم البنية المعلوماتية الدوائية المبنية على أسس علمية من مصادر موثوقة للمستهلك، مع تسعير المستحضرات الصيدلانية، وتعديل الأنظمة واللوائح الرقابية، ومتابعة جودتها، وتقييم سلامة المنتجات، وتتبع المستحضرات الصيدلانية عبر نظام رصد الإلكتروني، وتمثيل المملكة في الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية في مجال المستحضرات الصيدلانية.

كما أسست الهيئة نظام التتبع الإلكتروني «رصد» لحماية المجتمع، من خلال تفعيل الرقابة للتأكد من سلامة الأدوية، ومكافحة الغش الدوائي، وتمكين المستهلك من معرفة بيانات الدواء، ويعمل النظام بتقنيات حديثة، تستخدم في تعقب الأدوية المسجلة والمصنعة داخل البلاد أو المستوردة، وكافة الأدوية في نقاط البيع خاضعة للنظام بنسبة 100 %.

شركات ومصانع محلية

تعمل الشركات السعودية للصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية، على صناعة وإنتاج وتطوير وتسويق وبيع وتوزيع الخامات الدوائية والمستحضرات الطبية والصيدلانية، مثل: الأقراص، والكبسولات، والمسحوق الجاف للمعلقات، والشراب، ومعلقات الحقن، والكريمات والمراهم والمواد الهلامية، والتحاميل، وغسول الفم، والمطهرات، وكذلك العمل على تصنيع اللقاحات والمستحضرات الصيدلانية التي تنتج تركيبات الجرعات النهائية، والمكونات البيولوجية النشطة للمنتجات الصيدلانية الحيوية واللقاحات، والتخطيط لنقل وتوطين صناعة التكنولوجيا الطبية الحيوية، إذ بدأت الشركات الوطنية بتأسيس مصنع لإنتاج الأنسولين وأدوية السرطان وأمراض الدم، وبدأت التوطين لإنتاج الأنسولين عام 1440هـ/2019م، ومع خطط التوسع الحكومية، تعزز الشركات من قوتها محليًا، وعلى الصعيد الإقليمي كقوة تصديرية مرتقبة.

صناعة اللقاحات

توسعت المملكة في صناعة الأدوية لتلبية احتياجاتها الدوائية، وأقر مجلس الوزراء في 28 رجب 1443، تشكيل لجنة باسم «لجنة صناعة اللقاحات والأدوية الحيوية» برئاسة معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية، لتكون هي الجهة المختصة فيما يتعلق بتنظيم وصناعة الأدوية الحيوية وتطويرها، وتحقيقًا للتوجهات الهادفة إلى تحقيق الأمن الدوائي والصحي، شمل التوسع الصناعي في قطاع الأدوية العديد من الاستثمارات، إذ طرحت وزارة الصناعة والثروة المعدنية في 25 ذو القعدة 1443هـ/24 يونيو 2022م، عددًا من الفرص الاستثمارية في صناعة اللقاحات والأدوية الحيوية بقيمة 3.4 مليارات دولار، وذلك تحقيقًا لتوجهات السعودية الهادفة إلى تحقيق الأمن الدوائي والصحي، وجعل المملكة مركزًا مهمًّا لهذه الصناعة الواعدة، في الوقت الذي يتمتع قطاع الأدوية الحيوية بأسرع معدل نمو في السوق بين جميع قطاعات الأدوية بنسبة سنوية تقدر بـ17 %.

وتركز لجنة صناعة اللقاحات والأدوية الحيوية في المرحلة الأولى على توطين لقاحات الأطفال الأساسية، وبناء القدرات الذاتية ومنصات التصنيع اللازمة لمكافحة الجوائح المستقبلية، مرورًا بالأنسولين لمعالجة مرضى السكري، ودعم مراكز تجميع البلازما بمصنع على مستوى عالمي؛ لتحقيق الاكتفاء الذاتي من مشتقات البلازما، والمرحلة الثانية سيكون التركيز الأكبر على توطين تقنيات العلاجات المناعية والسرطانية، إذ يُقدَّر حجم القطاع الحيوي بأكثر من ملياري دولار سنويًّا، يمثل منها الأنسولين ما يقارب 340 مليون دولار.

وفي الإطار ذاته أطلق صندوق الاستثمارات العامة في 29 ذو القعدة 1444هـ/18 يونيو 2023م، شركة للاستثمارات الدوائية متخصصة في الصناعات الدوائية، لتمكين نمو القطاع وتعزيز مرونته من خلال العمل على إنتاج الأدوية الحيوية على نطاق تجاري، عبر منصات التطوير والتصنيع الدوائي، بما يساعد على ترسيخ مكانة السعودية وجهةً عالميةً لإنتاج الأدوية، حيث تعتزم الشركة على التركيز على صناعة المنتجات الدوائية الأساسية والمنقذة للحياة، مثل: الأنسولين، واللقاحات، وأدوية البلازما والأجسام المضادة، والعلاجات الخلوية والجينية، والجزيئات الصغيرة المبتكرة، وتنوي تأسيس شراكات مع الشركات المحلية والدولية الرائدة، بهدف جذب الاستثمارات الموجهة لتنمية القدرات المحلية، مما يسهم في تعزيز التصنيع المحلي في هذا القطاع.

هيئة المحتوى المحلي

وانطلاقًا من مبادرات هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية في توطين صناعة ونقل معرفة اللقاحات والأدوية الحيوية للمملكة؛ بهدف المساهمة في تعزيز الأمن الدوائي والصحي الوطني، حددت الهيئة قائمة من المستحضرات الدوائية المستهدفة للتوطين، مكونة من 206 أصناف، مستهدفة الحفاظ على سلاسل الإمداد للمنتجات المزمع تصنيعها محليًا، واستحداث صناعات وقطاعات جديدة، مع تنمية المحتوى المحلي في القطاع الصحي، لتصبح الصناعات الدوائية أهم ركائز تحقيق الأمن الصحي والاقتصادي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في الأدوية والمستلزمات الطبية كجزء محوري من رؤية المملكة 2030.

وتمتلك المملكة العديد من المدن الصناعية، مثل مدينة سدير للصناعة والأعمال ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية، مما يسهل إنشاء مصانع الأدوية وتوسيع خطوط الإنتاج، ووجود بيئة تنظيمية وتشريعية من قبل الجهات الرقابية، التي تعمل على تحسين معايير الجودة وتعزيز التنافسية في القطاع، التي تُشجع على عقد اتفاقيات مع شركات عالمية لتوطين تقنيات التصنيع الدوائي، وإطلاق برامج تعزيز المحتوى المحلي في قطاع الأدوية، مع دعم صندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الصناعية السعودي لمشاريع الأدوية، مما يوفر التمويل والتسهيلات لإنشاء المصانع. كما توجد مراكز بحثية متقدمة مثل جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وغيرها، التي من الممكن أن تسهم في تطوير الأبحاث الدوائية، وتعظيم المكون المحلي في الأدوية المصنّعة داخليًا.

تحديات وتخطيط لمواجهتها

من أهم التحديات التي تعترض مسيرة نمو الصناعة الدوائية، أن نسبة كبيرة من الأدوية المستهلكة في المملكة مستوردة، مما يزيد من الفاتورة الدوائية الاستيرادية، مما يجعل السوق عرضة للتقلبات العالمية، كما يعتمد الإنتاج المحلي على الأدوية الجنيسة، بينما تحتاج المملكة إلى مزيد من الأدوية البيولوجية والمبتكرة، ويتطلب ذلك نقل التقنيات وتطوير الأبحاث، مما قد يكون عائقًا أمام الشركات الناشئة.

لتجاوز التحديات وتعزيز النمو، نحن بحاجة إلى تبني استراتيجيات لتقديم حوافز ضريبية وإعفاءات جمركية للمصانع المحلية، وزيادة الدعم لمصانع الأدوية الحيوية والمبتكرة، وتشجيع عقد شراكات استراتيجية مع شركات الأدوية العالمية لنقل التكنولوجيا وإنتاج الأدوية الحيوية داخل المملكة، وتخصيص ميزانيات أكبر لدعم الأبحاث في المستحضرات الصيدلانية الحيوية والتقنيات الوراثية، وتشجيع التعاون بين الجامعات السعودية وشركات ومصانع الأدوية، وربط الابتكار بالتصنيع، مع إنشاء حاضنات أعمال دوائية صيدلانية، مع تقديم تسهيلات استثمارية للمستثمرين المحليين والأجانب لإنشاء مصانع الأدوية، وتسهيل إجراءات التسجيل الدوائي، والامتثال لمعايير الجودة العالمية، وتطوير برامج تعليمية متخصصة في الصيدلة الصناعية والحيوية، بالتعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث، إضافة إلى التركيز على توسيع القدرات اللوجستية والتصديرية، عبر إنشاء مناطق حرة صناعية، مع تعزيز الشحن الجوي والبري للأدوية.

التفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::

مشاهدة توطين الدواء السعودي من الاستيراد إلى التصدير

يذكر بـأن الموضوع التابع لـ توطين الدواء السعودي من الاستيراد إلى التصدير قد تم نشرة ومتواجد على جريدة الرياض وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.

وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، توطين الدواء السعودي.. من الاستيراد إلى التصدير.

في الموقع ايضا :

الاكثر مشاهدة أقتصاد
جديد الاخبار