كل الطرق باتت تؤدي إلى تركيا ...الشرق الأوسط

اخبار عربية بواسطة : (ترك برس) -

ترك برس

تناول تقرير للكاتب والمحلل السياسي التركي نيدرت إيرسانال، صعود مكانة تركيا الجيوسياسية في ظل تحولات إقليمية ودولية عميقة، مسلطًا الضوء على أسباب لجوء مختلف الأطراف، بما في ذلك خصوم سابقون كتنظيم "بي كي كي"، إلى أنقرة. 

ويُبرز التقرير الذي نشرته صحيفة يني شفق دور تركيا في ملفات إقليمية كأوكرانيا، وسوريا، والعلاقات الكردية، وكذلك علاقتها بالقوى الكبرى كروسيا، والولايات المتحدة. 

ويُظهر الكاتب كيف استطاعت تركيا، بفضل بنيتها الأمنية واستراتيجيتها طويلة الأمد، أن تصبح محورًا إجباريًا في معادلات التفاوض والصراع. كما يشير إلى أن ما يحدث ليس نهاية المطاف، بل محطة ضمن مسار استراتيجي يستعد لمرحلة جديدة بحلول 2028.

وفيما يلي نص التقرير:

لماذا يتّجه الجميع نحو تركيا؟ حتى تنظيم "بي كي كي" الإرهابي نفسه؟

ويتساءلون "لماذا ألقى سلاحه الآن؟" وكأنه لا سبب لذلك. هل نعيد سرد تاريخ سنوات من التخطيط الاستراتيجي المحكم؟ لقد قلناها سابقاً، لكنهم لم يفهموا، ولن نضيع وقتنا في مجادلتهم.

ما أجبر التنظيم على الاستسلام هو "الجمهورية التركية" بكلّ مقوماتها. وبفضل التضحيات الجسام التي بذلها أبطالنا، لا سيما في مجال بنية الأمن القومي.

ولا ننسَ دور التحوّلات الجيوسياسية العالمية والإقليمية، ونؤكّد على ذلك لأن المسألة لا تقتصر على حدودنا الجنوبية أو على التنظيم الإرهابي بعينه.

خذوا مثلاً: لماذا تُختار تركيا محطّة للوساطة بين جميع الأطراف في مفاوضات السلام أو وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا؟

روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة، جميعهم كذلك. وأوروبا على مضض، ولكن لا يهم، فالأمر الواقع مفروض عليها. لماذا يقول بوتين: "سأطلب المساعدة من الرئيس أردوغان، فجهوده كبيرة"؟ ولماذا يصرح ترامب: "خلال اجتماعات إسطنبول، سأكون في المنطقة، وقد أزور تركيا"؟ لأنّ تركيا تُمثّل أكثر من مجرد "مكان"، بل تملك ثقلاً حقيقيًا في المعادلة.

وسواء أتوا في اللحظة الأخيرة أم لا، فالأمر لا يتعلق بنا بل بسياساتهم المتبادلة. ولكن لو سارت الأمور كما ينبغي، فمكان الاجتماع حول أوكرانيا سيكون هنا. وبالفعل، مساء الاثنين، كانت وزارة الخارجية التركية تسعى للتنسيق مع وزيري خارجية القوتين العظميين، رغم انشغالها بمئات الملفات الأخرى.

لماذا تشكرنا إسلام آباد في سياق التوتر الهندي الباكستاني بينما تغضب نيودلهي؟ بالطبع مكاننا واضح في الأزمة، ولكن ما يُثير حفيظتهم حقا هو مدى امتداد تأثيرنا ونفوذنا.

لماذا أعلن التنظيم الإرهابي استسلامه؟ لأنّ ما جرى خلال السنوات العشر الأخيرة – وتحديدًا منذ معارك الخنادق عام 2015 ومحاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016 – كان بمثابة قول الدولة التركية "كفى". وما أعقب ذلك من تغيير في نمط المواجهة، أولاً داخل تركيا، ثم في العراق، وأخيرًا أمام أعيننا في سوريا، هو ما حسم المسار.

في الحقيقة، في منطقة تتسم بهذا القدر من الاضطراب على حدود أي دولة، فإن حدوث تحول في بنية النظام كما في دمشق يُعد حدثًا قد لا يتكرر إلا مرة كل قرن... أما نحن، فقد أصبحنا نعيش التحولات الكبرى وكأنها من روتين العمل اليومي؟ فما السبب؟ ولا تظنوا أن إيران غائبة؛ بل هي حاضرة، وتتحرك أمام أعيننا كذلك.

أما الولايات المتحدة، وتحديدًا في عهد ترامب، فقد تجاوزت إسرائيل، وبدأت تتفاوض مع "حماس" وتدخلت لإطلاق سراح الأسرى. ويكفي النظر إلى الإعلام الإسرائيلي: "الرجل يأتي إلى المنطقة، ويتخطانا، ويتدخل لإطلاق سراح الأسرى ثم يقول: ربما أزور تركيا" كأنهم في حالة حداد.

وتذكرون بلا شك المكالمة الهاتفية التي جرت مؤخرًا بين الرئيسين ترامب وأردوغان؛ فقد تبادل خلالها الطرفان الدعوات الرسمية، وتم الاتفاق على لقاء ثنائي. وصرّح ترامب: "زيارتي للشرق الأوسط ستكون في إطار جولة مجدولة، لكن لقائي بكم ينبغي أن يكون خاصًا، وكأنه يقول: "لا يليق أن أزوركم مرورًا، لدينا قضايا كثيرة على المستوى الثنائي والدولي علينا مناقشتها". والآن، نرى أن هذه الزيارة المخصصة تكاد تصبح مؤكدة بفعل المستجدات، بل إن السياق الدولي قد يفرض قدومه إلى تركيا بشكل مبكر.

ولنكن واضحين: إذا أتى بوتين، فاحتمال قدوم ترامب كبير جدًا. وقد يحدث شعور بسرقة الأضواء، ولكنه غير مهم. وربما يُحجم بوتين عن الزيارة بسبب موقفه في المفاوضات الأوكرانية.، لكن سواء جاءوا أم لم يأتوا، فالموقع هو ذاته: تركيا.

والخلاصة كل الطرق باتت تؤدي إلى تركيا.

لم يَبقَ أحد لم يُدلِ برأيه في بيان التنظيم الإرهابي. حسنًا ولكن بما أننا نتابع الحديث عن"الظرف الدولي"، دعونا ننتبه إلى جملة واحدة فقط، جملة منفصلة، لا تتضح عند القراءة الأولى، منقطعة عن السياق العام للنص، لم يتمكن أحد - رغم قراءتهم لها - من رؤيتها والتوقف عندها. وهي: "إن التطورات الراهنة في الشرق الأوسط في إطار الحرب العالمية الثالثة تجعل من إعادة تنظيم العلاقات الكردية التركية أمرًا لا مفرّ منه."

وكما قلت في مستهلّ الكلام: حتى أولئك باتوا يلجأون إلينا. وهذا هو معنى "الظرف الدولي" حين يُستثمر بحكمة، فإذا وُجدت دولةٌ تعرف كيف توظّف هذا الظرف، وتُعيد تشكيله وتديره بمهارة، فحتى خصومها يجدون أنفسهم مضطرين للجوء إليها.

ولنتذكّر ما قاله الرئيس رجب طيب أردوغان مساء الإثنين، عقب اجتماع مجلس الوزراء:

"إنّ البشرية تمرّ بواحدة من أكثر المراحل إيلامًا في السنوات الأخيرة، فكل يوم نستيقظ على صراع جديد، أو حرب، أو توتر. ويتضح يومًا بعد يوم أن العالم يقف على مفترق طرق. فالنظام العالمي الذي تأسس عقب الحرب العالمية الثانية قد بلغ نهايته، ولا يزال الغموض يكتنف طبيعة البديل الذي سيحلّ محله. وبعبارة أكثر وضوحًا، فإن البشرية تنزلق بسرعة نحو دوامة من المجهول. تركيا، من بين الدول القليلة التي تُحسن إدارة هذا المناخ الفوضوي، والذي يؤثر على الجميع، كبارًا وصغارًا. أودّ أن يعرف جميع المواطنين أن المرحلة العصيبة التي تمرّ بها منطقتنا والعالم، لا ينبغي أن تثير القلق أو الخوف. فبوصلة تركيا لا تشير إلا إلى آفاق أكثر إشراقًا وازدهارًا. ومهما بلغ الاضطراب في الساحة الدولية، فإننا بعون الله سنقود السفينة إلى بر الأمان."

هل انتهى كل شيء؟ لا، لم ينتهِ بعد. فتركيا تواصل سدّ الثغرات الاستراتيجية المحتملة كافة. إنها تُعدّ العدّة. وكان إخراج التنظيم الإرهابي من اللعبة أحد أبرز هذه المراحل. أما ما تبقّى، فهو تفاصيل فنية. كأن يُثار السؤال: كيف سيتم جمع الأسلحة وإحصاؤها؟ وكيف سيتم التعامل مع المعترضين داخل التنظيم؟ وما مصير أعضاء التنظيم؟ كيف وإلى أين سيذهبون؟ كلها مسائل ثانوية. الدولة التركية ستتابعها، بل ستنظّمها بنفسها. هذا هو المعنى العميق لحرصنا طوال سنوات على تأمين الجبهة الداخلية والخارجية، وإيصال القوات المسلحة التركية إلى أقوى ما كانت عليه عبر التاريخ، والتخطيط بعقلانية لسنوات.

هذا يعني أن الأمر لم ينتهِ بعد..

وحتى الجبهات الدولية تُعدّ نفسها على هذا الأساس. ونحن بدورنا نسعى إلى أن نُكيّف خططهم وحساباتهم بما يتماشى مع حساباتنا الوطنية.

ينبغي إنجاز هذه المهام جميعًا خلال عامين ونصف إلى ثلاثة أعوام. فستكون الانتخابات المقبلة في تركيا، وكذلك انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2028، بداية لمرحلة جديدة.

نعم، من حقّنا أن نستمتع بلحظة النصر والإنجاز. ولكن ليس لدينا ترف "الراحة" أو "العطلة". فنحن في مطلع "قرن جديد" وهذه البداية فقط.

التفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::

مشاهدة كل الطرق باتت تؤدي إلى تركيا

يذكر بـأن الموضوع التابع لـ كل الطرق باتت تؤدي إلى تركيا قد تم نشرة ومتواجد على ترك برس وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.

وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، كل الطرق باتت تؤدي إلى تركيا.

في الموقع ايضا :

الاكثر مشاهدة اخبار عربية
جديد الاخبار