يحيى دبوق-
يبدو أن ثمّة تحوّلاً ملحوظاً يمكن البناء عليه، فيما يتعلّق بمسار المفاوضات الجارية حالياً بين إسرائيل وحركة «حماس»، برعاية الوسيط الأميركي، الذي يُظهر، بدوره، جدّية أكبر لجهة الدفع نحو اتفاق بين الجانبَين. وممّا يَظهر، ثمة فرص معقولة للتوصّل إلى صفقة جزئيّة: هدنة مؤقّتة، في مقابل إطلاق سراح عدد من المحتجزين الإسرائيليين، والإفراج عن أسرى فلسطينيين.
مع ذلك، فإنّ الطريق أمام عقد اتّفاق شامل ينهي الحرب، ما يزال مليئاً بالعقبات؛ حتى أنّ الاتفاق الجزئي نفسه، ورغم أنه يبدو في المتناول، ما يزال في إطار الخطوات الأولية والمقدّمات غير الواضحة، في ظلّ عدم التوافق على بنوده النهائية. فمن جهتها، لم تعلن «حماس» موقفها الرسمي من المقترح، وإنْ كانت المؤشرات تدلّ على أنها لا ترفضه تماماً، بل تعمل على تحسين شروطه، عبر طلب مزيد من الضمانات الواضحة حول مستقبل الهدنة ومصير العملية التفاوضية، والأهم، الاتفاق على هدف المفاوضات اللّاحقة التي يجري اقتراحها كبند رئيسي في الاتّفاق الجزئي، حتى تكون كافية في ذاتها لإنهاء الحرب والتوصّل إلى ترتيبٍ سياسي وأمني وإنساني مستدام وغير قابلٍ للخرق.
وممّا يُلفت في سياق الاتفاق الجزئي المُتبلور، تراجُع إسرائيلي ملحوظ، قياساً مع مواقف سابقة رافضة صدرت عن تل أبيب، وعلى لسان رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، نفسه، كانت تربط بدء مفاوضات إنهاء الحرب بإطلاق سراح جميع الأسرى دفعةً واحدة. وهكذا تطوّر، وإنْ كان يمكن الرّهان عليه بوصفه مقدّمة لما سيلي من «تنازلات»، لكنّه غير كافٍ للإشارة إلى أنّ مسار نهاية الحرب قد انطلق؛ خصوصاً وأنّ الاتفاق ما يزال رهنَ قدرة الطرفَين على تجاوز الخلافات الجوهرية، وهي كثيرة جداً ومتعارضة، علماً أنّ المقصود هنا ليس الصفقة النهائية فحسب، بل الصفقة الجزئيّة المُحتملة أيضاً.
ويبدو أنّ المتغيّر الذي طرأ، ودفع إلى استبدال المقاربة الإسرائيلية، سببُه تصاعُد الضغوط الدولية والداخلية، خصوصاً من جانب الولايات المتحدة، التي بدأت تتدخّل بشكل أكثر فاعلية في العملية التفاوضية، بعدما منحت إسرائيل كلّ الوقت المطلوب لـ«إنجاز المهمّة». ومن المهمّ الأخذ في الاعتبار، أن التراجع الإسرائيلي ليس تماشياً كاملاً مع الضغوط الأميركية أيضاً، كما أنّه لا يعبّر عن استسلام سياسي أو استراتيجي، بل هو خطوة مدروسة، تهدف، وفق ما تشير إليه المعطيات المتوفّرة وأرجح القراءات، إلى امتصاص الضغط الدولي، وتحويله إلى مكاسب. فالحكومة الإسرائيلية، برئاسة نتنياهو، ما تزال تعمل ضمن حساباتها الخاصة بها، وهي تعلن عن قبول صفقة جزئية لإفراغ الزّخم الدولي والاتهامات الموجّهة إليها، من دون أن تعطي ضمانات حقيقية باستمرار المسار التفاوضي.
ويبدو الرهان الإسرائيلي هنا واضحاً: استخدام فترة الهدنة التي قد تمتدّ على 60 يوماً، للتحضير لسيناريوهات مستقبلية أكثر ملاءمة لإسرائيل، مع البحث عن ذريعة تتيح لها الانسحاب من التزاماتها بموجب الاتفاق، خصوصاً أنه لا توجد مؤشرات قاطعة إلى تحوّل جذري في السياسة الإسرائيلية، بل مجرّد إدارة للموقف.
على أن المحكّ الرئيس فيما يجري، سواء ما يتّصل بالصفقة الجزئية المتبلورة حالياً، أو الاتفاقات التي قد تليها، وحتى إنهاء الحرب نفسها، يرتبط إلى حدّ كبير بالموقف الأميركي، بعدما تعذّر على إسرائيل تحقيق النتيجة التي تريدها أميركا أيضاً، عبر الخيار العسكري. ويبدو أنّ الولايات المتحدة بدأت تتّخذ موقفاً أكثر صراحة وتأثيراً تجاه إسرائيل، لكن من دون الوصول إلى فرض شروط قاسية أو إنذارات نهائية، و«تكسير الأواني». فالضغط الأميركي الحالي لا يشبه ذلك الذي تمارسه واشنطن على دول أخرى، مثل أوكرانيا، بل يمارَس بحذرٍ وبصيغة تحافظ فيها على العلاقات وحميميّتها المعتادة، أقلّه في العلن.
وفي الأهداف، تراهن أميركا على دفع الطرفين نحو صفقة محدودة يمكن تنفيذها الآن، مع العمل على تمديدها لاحقاً بغرض تحقيق اتفاق شامل. لكن نجاح هذا الرهان يتطلّب ضمانات واضحة، وآليات رقابة فعّالة، ووعوداً أميركية ملزمة، لا تسمح لإسرائيل بالتملّص من التزاماتها والانسحاب لاحقاً من الاتفاقات. وإلى الآن، ما تزال واشنطن بعيدة عن تقديم ضمانات قاطعة، وإنْ عمدت إلى ذلك نسبياً في سياق المفاوضات الحالية، وهو تطوّر يمكن البناء عليه، في انتظار الأيام المقبلة.
التفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::
مشاهدة فلسطين حلحلة في المفاوضات أميركا تدفع نحو صفقة جزئي ة
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ فلسطين حلحلة في المفاوضات أميركا تدفع نحو صفقة جزئي ة قد تم نشرة ومتواجد على Tayyar.org وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، فلسطين: حلحلة في المفاوضات: أميركا تدفع نحو صفقة جزئيّة.
في الموقع ايضا :