في ظل التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها الأردن، تبرز فرصة استراتيجية مهمة لتعزيز شراكته مع الاتحاد الأوروبي من خلال تبنّي سياسات واستراتيجيات مستندة إلى مبادئ اقتصاد السوق الاجتماعي والديمقراطية الاجتماعية. هذه المقاربة لا تقتصر على كونها توجهاً داخلياً إصلاحياً فحسب، بل تمثل أيضاً خطاباً سياسياً عقلانياً ينسجم مع أولويات الاتحاد الأوروبي وقيمه، ويمكّن الأردن من ترسيخ موقعه كشريك موثوق في محيطه الإقليمي. الاتحاد الأوروبي، الذي يُعد ثاني أكبر ممول وداعم للأردن، يعتمد في موازنات مساعداته التنموية والمالية على قرارات البرلمان الأوروبي، الذي يشكل أعضاء الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية كتلة وازنة فيه. وهذا يفتح نافذة واسعة أمام الأردن لتقديم نفسه، ليس فقط كمستقبلٍ للدعم، بل كشريك يتبنى نموذجاً اجتماعياً واقتصادياً متكاملاً يعكس مبادئ العدالة الاجتماعية، وتوسيع قاعدة الحماية الاجتماعية، وتحسين الإنتاجية من خلال تمكين الفئات المهمشة، ودعم الطبقة الوسطى، وإصلاح النظام الضريبي، وتوجيه الاستثمار نحو التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية المستدامة. وفي هذا السياق، تكتسب المساعدات الأوروبية بُعداً جديداً، فهي ليست مجرد أداة مالية مرحلية، بل وسيلة استراتيجية تمكّن الأردن من بناء قدراته الذاتية في الاعتماد على الإنتاج المحلي، وخلق فرص عمل حقيقية في القطاعات الحيوية مثل الصناعة والزراعة والخدمات. فالاتحاد الأوروبي، بما يملكه من خبرات تقنية وأدوات تمويل مبتكرة، يمكن أن يلعب دوراً محورياً في دعم الأردن لتطوير سلسلة القيمة المحلية، وتحفيز الابتكار، وتعزيز تنافسية السوق المحلي في ظل بيئة اقتصادية عادلة ومنفتحة. والأهم من ذلك، أن دعم الحوكمة الرشيدة ومأسسة الشفافية يعد حجر الأساس لأي إصلاح اقتصادي منتج ومستدام، وهو ما يضعه الاتحاد الأوروبي ضمن أولويات برامجه مع الأردن. فسياسات اقتصاد السوق الاجتماعي توفر إطاراً عملياً يوازن بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وهو بالضبط ما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى دعمه في دول الجوار. فتطبيق ضريبة تصاعدية أكثر عدالة، وربط الدعم بالمشاركة الفاعلة في سوق العمل، وضمان الحد الأدنى من الحقوق الاجتماعية، سيؤدي إلى تحفيز الإنتاجية، ورفع جودة الخدمات العامة، وتعزيز ثقة المواطن بالدولة. وفي السياق ذاته، فإن تعزيز الحياة السياسية عبر خلق تيار ديمقراطي اجتماعي مؤسسي وقادر على التأثير، يرسل إشارة واضحة للاتحاد الأوروبي بأن الأردن لا يتحرك فقط استجابةً للضغوط الخارجية، بل يتبنّى نموذجاً تنموياً متكاملاً يعبّر عن مصالحه الوطنية وهويته السياسية المستقبلية. من هذا المنظور، لا تبدو العلاقة مع الاتحاد الأوروبي مجرد معادلة تمويل مقابل استقرار، بل شراكة ذات أفق تحويلي، يستطيع الأردن من خلالها أن يقول: "أنا لا أطلب دعماً تقنياً ومالياً فقط، بل أمتلك مشروعاً سياسياً واقتصادياً، وقادراً على تعزيز الاستقرار والتحول الديمقراطي والإنتاجية معاً." هذا الطرح يمنح الأردن قوة تفاوضية أكبر، ويفتح المجال أمامه للاستفادة من أدوات الدعم الفني والسياسي والتنموي الأوروبي بطريقة أكثر استدامة وتبادلية، تُفضي إلى الاعتماد على الذات لا في الخطاب فحسب، بل في الواقع الاقتصادي اليومي الملموس. .
التفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::
مشاهدة الأردن يصنع الفرق بوابة الديمقراطية الاجتماعية إلى شراكة أعمق مع أوروبا
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ الأردن يصنع الفرق بوابة الديمقراطية الاجتماعية إلى شراكة أعمق مع أوروبا قد تم نشرة ومتواجد على جو 24 وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، الأردن يصنع الفرق: بوابة الديمقراطية الاجتماعية إلى شراكة أعمق مع أوروبا.
في الموقع ايضا :