في خضم التحولات المتسارعة التي يشهدها الإقليم، تطلّ علينا مواجهة جديدة بين إيران والكيان الصهيوني، لتعيد طرح الأسئلة الكبرى حول الموقف، والانتماء، والعدو الحقيقي. وفي لحظات كهذه، تتقاطع المشاعر مع العقل، ويصطدم التاريخ بالراهن، ليفرض على كل صاحب ضمير ووعي أن يعيد ترتيب أولوياته بعين ثاقبة ومسؤولية أخلاقية. إيران، دون أدنى شك، تملك سجلًا طويلًا من التدخلات التي عمّقت معاناة شعوب عربية عديدة. من سوريا إلى العراق، ومن اليمن إلى لبنان، امتدت سياساتها لتعيد رسم خرائط الطوائف والصراعات، وتُضعف مناعة المجتمعات، وتُذكي نار الفتن. لذلك، من الطبيعي أن يُنظر إليها من قبل كثيرين كدولة ساهمت بدور سلبي في محيطها العربي، وهذا موقف له أسبابه الجدية ولا يمكن القفز عليه أو تجاهله. في المقابل، ثمّة من يرى في إيران حليفًا استراتيجيًا أو نموذجًا للمقاومة والخلاص. لكن هذا التصور، في غالب الأحيان، يتجاهل كلفة التدخل الإيراني على الشعوب العربية، ويقفز فوق آلام ملايين الناس، ما يجعله – في تقديري – موقفًا غير واقعي ولا مبرر سياسيًا أو أخلاقيًا. لكن حين تتجه البوصلة نحو العدو الصهيوني، حين تتساقط القنابل على غزة، وتُحاصر المساجد، وتُستباح المقدسات، وتُنتهك كل الأعراف الإنسانية والتاريخية، فلا يبقى مكان للخذلان، ولا مجال لتقديم العداوات الجانبية على الصراع المركزي. العدو الغاصب هو العدو الأول، هو من احتل الأرض، ونكّل بالشعب الفلسطيني لعقود، شرّد وقتل وهدم واغتال، ولا يزال يتمادى في جرائمه بلا حسيب ولا رادع. من هذا المنطلق، أجد نفسي – في المواجهة الدائرة بين إيران والكيان الصهيوني – في صفّ إيران دون تردد. لا حبًا بها، ولا تبنيًا لمشروعها، بل انطلاقًا من مبدأ تلاقي المصالح في لحظة تاريخية فارقة. فكل من يواجه العدو الصهيوني اليوم، هو – موضوعيًا – في خندق المعركة العادلة، التي لا حياد فيها. نعم، لا أنسى ما فعلته إيران في عالمنا العربي، ولا أتنازل عن حقي في نقدها ومطالبتها بكف يدها عن التدخل في شؤوننا. لكنني، في المقابل، لا أستطيع أن أقف متفرجًا حين توجه ضرباتها إلى العدو الأول. بل أتمنى لتلك الضربات أن تصيب أهدافها، وتحقق أكبر قدر ممكن من الإرباك والخسائر في صفوف المحتل، لأن كل نكسة يتعرض لها الكيان الغاصب، هي انتصار – ولو رمزيًا – للحق العربي والفلسطيني. نحن بحاجة إلى عقل عربي متزن، يُحسن التمييز بين التهديدات، ويعرف كيف يرتب الأولويات، ويحدد بدقة من هو العدو ومن هو الخصم. فالمعادلة واضحة: يمكنك أن تختلف مع إيران، بل وأن تعارضها سياسيًا، لكن لا يمكنك أن تساوي بينها وبين الكيان الصهيوني الذي احتل الأرض، وشرّد الشعب، ويواصل ارتكاب المجازر بحق أمتنا. المعركة اليوم واضحة، وساحة الاشتباك لا تحتمل التردد. ولعل هذا الظرف يعيد إلينا بوصلتنا، ويعزز في وجدان العرب أن هزيمة الكيان ممكنة، وأن فتح جبهة مواجهة معه ليس حلمًا مستحيلًا، بل خيار واقعي إذا توفرت الإرادة. وما نحتاجه هو أن نمتلك قرارنا العربي، وندافع عن أنفسنا ومصالحنا، لنعود كما كنا وكما يجب أن نكون: خير أمة أُخرجت للناس. .
التفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::
مشاهدة بين اصطفافات الأمس ومواجهة اليوم موقف عربي في زمن التعقيد
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ بين اصطفافات الأمس ومواجهة اليوم موقف عربي في زمن التعقيد قد تم نشرة ومتواجد على جو 24 وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، بين اصطفافات الأمس ومواجهة اليوم: موقف عربي في زمن التعقيد.
في الموقع ايضا :