كتب كمال ميرزا - لو كان الكيان الصهيونيّ هذه اللحظة يحقّق الانتصار الساحق الماحق الذي يدّعيه على إيران، ولو أنّ المخطّط الصهيونيّ في إيران يؤتي أُكله ويسير وفق المأمول، سواء بتدمير البرنامج النوويّ الإيرانيّ، أو بإسقاط النظام الحاكم وافتعال "ربيع إيرانيّ".. لما تدخّل أحد للوساطة، ولبقي الجميع يراقبون من بعيد لبعيد بينما الكيان ينجز مهمته، ولاكتفوا كالعادة بالشجب والندب والدعوة لضبط النفس بينما يتم الإجهاز على الجمهوريّة الإسلاميّة! استنفار الوسطاء منذ اليوم الثاني، وإبداء دوائر صناعة قرار غربيّة استعدادها للتدخّل في جهود الوساطة وهي المعروفة بدعمها المطلق للكيان وعدائها الجذريّ لإيران، هو مؤشر مهم على أنّ الكيان الصهيونيّ في ورطة! نعم، لقد استطاع الكيان الصهيونيّ أن يوجّه لإيران ضربة مباغتة وقويّة من النوع الذي يمكن له في سياقات أخرى أن يقصم ظهر جيوش ويُسقط دولاً وأنظمة.. ولكن إيران استطاعت أن تحتوي الضربة، وأن تحافظ على رباطة جأشها، وتماسك مؤسساتها وأجهزتها وهرم قيادتها وضبطها وربطها، وأن تردّ بشكلٍ قاسٍ في زمن قياسيّ. الكيان الصهيونيّ فشل في تحقيق "النصر بالصدمة"، وهو الآن مضطر لأن يُنازل في الحلبة خصماً من الوزن الثقيل يستطيع هو وجبهته الداخليّة تحمّل ضربات لا يمتلك الكيان وجبهته الداخليّة القدرة والجَلَد على تحمّلها. عدم مبادرة أميركا للآن بالدخول مباشرةً وصراحةً في المواجهة هو مؤشّر مهم آخر، فهذا يعني أنّ أميركا لديها قناعة بأنّ الضربات الصهيونيّة لم تستطع للآن أن تُضعف إيران وتفقدها توازنها وقدراتها بصورة كافية تضمن للقوّات الأمريكيّة دخولاً آمنا على خطّ المواجهة، وتحقيق حسم سريع و"نظيف"، دون الاضطرار لدفع أثمان باهظة، خاصة في حال نفّذت إيران تهديداتها وردّت باستهداف القواعد والمصالح الأمريكيّة في المنطقة. بالنسبة للكلب المسعور "نتنياهو" وعصابة حربه، فإنّ هذا ما يعوّل عليه، إقناع أميركا (والغرب) بأنّ عدس إيران قد استوى، وأنّه لم يتبقّ سوى "عضّة كوساية"، وأنّ المسألة لا تستدعي من أميركا سوى دفعة صغيرة من أجل إتمام "المهمّة" وقطف ثمار النصر. كما يعوّل "نتنياهو" (بخلاف ما قد يتصوّر البعض) أن تزيد إيران في هذه الأثناء من حدّة ضرباتها، وأن تزداد الوفيات والإصابات ومناظر القصف والدمار والخوف والهلع في الداخل الصهيونيّ، من أجل استغلال ذلك دعائيّاً، وايقاظ "متلازمة الهوليكوست" في الوجدان الغربيّ ولو إبتزازاً، واللعب على ثيمة: أنقذونا.. إسرائيل تحترق واليهود يُقتلون.. أنقذونا! وشخصياً لا أستبعد ولن أستغرب ولن أندهش لو قام الكيان باستهداف دول جوار أو مصالح غربيّة أو قواعد أمريكيّة بنفسه، ثمّ ألصقها بظهر إيران كنوع من الإبتزاز وتوريط الأطراف الأخرى وجرّها للتدخّل.. فالعقليّة الشيطانيّة الصهيونيّة لا حدود لحقارتها وخسّتها وقذارتها! منعاً للالتباس، الكلام أعلاه لا يعني أنّ الأطراف التي ستتدخل في الوساطة هي جميعها دول معادية لإيران أو متآمرة عليها بالضرورة، بالعكس، الوساطة المباشرة في الأغلب تتمّ فعليّاً عبر دول صديقة وحتى حليفة.. ولكن إبداء الكيان الصهيونيّ وحلفائه اللين تجاه مبدأ الوساطة نفسه، وطلب بعض حلفاء الكيان وداعميه من أصدقاء إيران وحلفائها التدخّل والتوسّط.. هذا بحدّ ذاته هو المؤشّر المهم والخطير وذو الدلالة. ولكن في نفس الوقت، في منطق السياسة والعلاقات بين الدول وموازين القوى لا شيء يحدث "ببلاش"، فحتى الدول الصديقة والحليفة لإيران، عندما تستجيب لمطالبات خصوم إيران بالتدخّل والتوسّط، فلا بدّ أن تُقدَّم لها بعض المغريات على شكل مكتسبات و/أو تنازلات لكي تقوم بذلك. على سبيل المثال، عندما يتصل "ترامب" بـ "بوتين"، ويطلب منه صراحةً أو ضمنيّاً التدخّل والتوسّط، فلا بد أن يكون هناك شيء ما في المقابل ستقدمه أمريكا لروسيا نظير هذا التدخّل، وغالباً سيكون هذا الشيء متعلّقاً بالملف الأوكرانيّ. والعكس صحيح؛ لو أنّ إيران هي التي بادرت وطلبت من أصدقائها وحلفائها التدخّل من أجلها، فقطعاً ينبغي أن يكون لديها شيء ما إضافيّ تقدمه لهم في المقابل. هذا السلوك حتى بين الأصدقاء والحلفاء في عُرف السياسة مقبول و"عاديّ" ولا يُفسد مبدأ الصداقة والتحالف. إيران ما تزال لغاية الآن في موقف عسكريّ وتفاوضي جيد قياساً بحجم الضربة التي وُجِهت إليها وما يُحاك لها، وحتى تحافظ على زخم موقفها التفاوضيّ وتعزّزه أكثر عليها رفض أن يكون برنامجها النوّوي فقط هو موضوع أي مفاوضات قادمة، وعليها رفع السقف، أو بالإنجليزية (raise the bar)، من خلال رهن المسار التفاوضيّ أيضاً بالوقف الفوريّ لإطلاق النار في غزّة ورفع الحصار وإدخال المساعدات، وبوقف الانتهاكات لاتفاق وقف النار في لبنان، وبوقف العدوانات المتكرّرة على اليمن، والمطالبة بضمانات دوليّة موثوقة على ذلك كلّه. هذه الخطوة من شأنها تقوية الموقف التفاوضي الإيرانيّ حتى فيما يتعلّق ببرنامجها النوويّ نفسه.. ومن شأنّها تعزيز صورة إيران في العالم العربيّ والإسلاميّ، وتفنيد الدعاية المضادّة التي ترعاها دول وأنظمة تريد التغطية على تخاذلها وتواطؤها وانحيازاتها من خلال مهاجمة ما تسميه "المشروع الصفويّ" واللعب على ورقة الطائفيّة.. ومن شأنها إعادة بثّ الروح في مبدأ "وحدة الساحات" الذي اجتهد العدو وأذنابه، وبذلوا الكثير الكثير، من أجل تحييده، وتفريغه، وتقويضه، وإخراجه من عقول الناس ووجدانهم والخطاب العام والفضاء التواصليّ. التفاوض حرب لا تقل ضراوتها وشراستها عن القتال نفسه، وهو للأسف درس آخر من الدروس الكثيرة التي تعلّمناها نحن عموم العرب والمسلمين بالطريقة الصعبة؛ إذا لا تتفوّق على اخفاقاتنا في ميادين المواجهة والقتال سوى إخفاقاتنا على طاولات المفاوضات، والمعاهدات والاتفاقيّات الموقّعة بين بعض الدولة العربيّة والكيان الصهيونيّ هي شاهد حيّ بهذا الخصوص، وغيض من فيض! يقول المثل الشعبيّ الدارج: عِدْ رجالك وارَد البير. هذا المثل يمكن اعتباره قاعدةً ذهبيّةً لفنّ التفاوض، ولكن مشكلة الدول العربيّة والإسلاميّة رغم كثرة رجالها، أنّ فكرة "ورود البير" ليست موجودة أساساً لدى أنظمتها، وأنّها قد تخلّت منذ وقت كبير عن "البير" وعن الجمل بما حمل وعن العير والنفير.. مقابل بعض الفتات تحصل عليه أقليّة وظيفيّة على حساب أكثريّة مسحوقة! .
التفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::
مشاهدة إيران واستنفار الوسطاء الاحتلال فشل بتحقيق النصر بالصدمة عاجل
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ إيران واستنفار الوسطاء الاحتلال فشل بتحقيق النصر بالصدمة عاجل قد تم نشرة ومتواجد على جو 24 وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، إيران واستنفار الوسطاء.. الاحتلال فشل بتحقيق النصر بالصدمة! عاجل.
في الموقع ايضا :