قراءة في حرب الأجواء الإسرائيلية-الإيرانية قلم : عائشة واسمين ...المغرب

اخبار عربية بواسطة : (ازيلال 24) -

 قراءة في حرب الأجواء الإسرائيلية-الإيرانية

 

 

قلم : عائشة واسمين

 

 

 

لعل من السابق لأوانه التكهن بما ستسفر عنه الحرب الدائرة حاليا بين إسرائيل وإيران والتي تتم عبر وسائل قتالية جوية نظرا لبعد المساقة بين الطرفين ولأهداف تم تحديدها مسبقا وهي تدمير القدرات النووية لإيران ومنعها من تخصيب اليورانيوم والدخول إلى نادي الدول النووية. لكن بناء على المعطيات الحالية، ولفهم ما يحدث، يمكن إدراج الأسباب والتحولات الاستراتيجية في المنطقة والأدوار الوظيفية المتصارع عليها والطموحات المشروعة للقوى الإقليمية خارج أو ضمن الهيمنة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وفي ظل استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية المدعومة أمريكيا في غزة. هكذا، استغل الكيان الاسرائيلي عنصر المباغتة، مستندا في ذلك إلى تصريحات ترامب المتناقضة بشأن المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني- وقام بتوجيه ضربة استباقية استهدفت قيادات عسكرية وعلماء فيزياء نووية إيرانيين دون إعلام الطرف الآخر بنيته في شن الحرب عليه (كما ينص على ذلك قانون الحرب). بهذه الصيغة الاستباقية ووفقا لمقتضيات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، توجه أصابع الاتهام إلى الكيان الإسرائيلي بقيامه بعدوان مكتمل الأركان على دولة ذات سيادة وهي إيران. ولو كانت هذه الأخيرة هي التي افتتحت الأعمال العدائية بحجم وقوة نفس الضربات التي وجهت لها (ليلة الخميس12 يونيو 2025) لتم تحريك بسرعة مجلس الأمن وإصدار كل القرارات التي تدينها.  ولعلنا نتذكر ما جرى للعراق في صيف 1990 حين اجتاحت جيوشه أراضي الكويت وحين قصف الداخل الإسرائيلي، وما تبع ذلك من عقوبات وتفعيل الفصل السابع من خلال تطبيق ترسانة من القرارات الملزمة للنظام العراقي آنذاك إلى درجة إعلان الحرب عليه وفرض عقوبات قاسية على شعب كامل وووو.... من يجرؤ في زمن السلم الأمريكي من محاسبة الكيان الإسرائيلي على حرب الإبادة المرتكبة في غزة وحرب العدوان على إيران. نعم ميثاق الأمم المتحدة يؤكد حرفيا على حق الطرف المعتدى عليه في الدفاع عن نفسه، وهذا ما تقوم به إيران حاليا...  ولكن لأن المعتدية -طبقا للقانون الدولي- هي إسرائيل التي تدافع عنها ديمقراطيات العالم الغربي، فيتم التغاضي عن وصف هجماتها بالعدوان بل أكثر من ذلك بعض تهرول الأنظمة الرسمية الغربية مثل فرنسا لتقول أن إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها. ولا نتحدث هنا عن الولايات المتحدة الأمريكية، فهي شريكة في الحرب قولا وفعلا بأسلحتها وتدعم ما تقوم به إسرائيل وتنتظر حسم المعارك لصالحها لكي تأتي إيران صاغرة إلى المفاوضات ويفرض عليها حينها السلم الأمريكي ...

 

الدور الوظيفي لإيران

نختلف مع إيران في مشروعها الطائفي في المنطقة العربية ذات الأغلبية السنية والذي أحدث تغييرات كبيرة في النسيج الديمغرافي والاجتماعي ومعاناة إنسانية لازالت أثارها حاضرة إلى الآن. والغريب في الأمر أن من ساعد إيران في ذلك هي أمريكا نفسها التي سلمت العراق بعد حرب 2003 وقامت بالقضاء على نظام صدام حسين وبتأسيس نظام طائفي بامتياز. وبعد ذلك كان التمدد الشيعي الإيراني سهلا بعد موجات الربيع العربي التي ضربت المنطقة ابتداء من 2011. ومما لا شك فيه أن إيران كانت الصديقة الحليفة لأمريكا في عهد الشاه، لكن ليس هناك أصدقاء دائمين في السياسة الدولية ولكن مصالح الدول تتقارب أو تتباعد حسب تموقعها الجيو سياسي والجيو استراتيجي. وإذا كان شاه إيران قد لعب دورا محوريا كدركي في المنطقة لمدة طويلة وفي زمن الصراع الأيديولوجي شرق /غرب بهدف احتواء وإبعاد المد الشيوعي عن المنطقة، فإن بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران والمتغيرات الجوهرية التي رافقت الاجتياح العسكري السوفياتي لأفغانستان وما ترتب عن ذلك من تحالف أمريكي-إسلامي لمساعدة المجاهدين الأفغان من التحرر من قبضة السوفيات، خرجت المنطقة تدريجيا من منطق المد التقدمي والقومي الذي كانت تشكله الأنظمة العربية آنذاك في العراق وسوريا ومصر، وإن كانت هذه الأخيرة قد دخلت في مسلسل سلام مع الكيان الإسرائيلي وتشددت الأخرى في مواقفها تجاه أي تسوية مع إسرائيل دون استرجاع كل الأراضي العربية المحتلة. إذن كان ولابد من إنشاء وضع جديد يجعل محور الممانعة آو المقاومة ينشغل بأموره الداخلية أو الجانبية، هكذا كان بالنسبة لسوريا وتدخلها في لبنان إبان الحرب الأهلية اللبنانية ومواجهتها لفصائل المقاومة الفلسطينية. كذلك كان الأمر بالنسبة للعراق الذي دخل في حرب مع إيران لمدة ثمان سنوات استنزفت قواه وعند انتهاءها، كانت هناك حربا جديدة تنتظره في مواجهة أمريكا التي أجهزت -بمعية تحالف دولي- على كل قدراته العسكرية والاقتصادية إلى أن تم القضاء على نظامه السياسي واستبداله بنظام طائفي.      

نحو تصادم المشروعين الإسرائيلي والإيراني  

ظل التجانس بين المشروعين الفارسي والصهيوني سائدا ولم يكن هناك أي اصطدام بينهما بل بالعكس كان هناك تخادم ولو بطريقة غير مباشرة مادام الخصم العربي وتحديدا السني هو الذي يشكل خطرا عليهما معا من حيث العدد الديمغرافي والمساحة الجغرافية المحيطة بهما. إذن كان التوافق -كل من جانبه- على تفتيت واختراق ما هو سني وتجزيئه لدرجة نزع عامل القوة الديمغرافية وتغيير معالم الجغرافية في الدول المطوقة لإسرائيل وفتح ممرات للمد الشيعي الإيراني ليس فقط في العراق ذي التركيبة الشيعية الغالبة ولكن في سوريا ذات الأغلبية السنية. هكذا منذ عقود وكأن هناك تحالف غير معلن عنه ولكن ظاهره يتجلى في تغيير معالم الشرق الأوسط من خلال تحقيق المشروعين: التمدد الشيعي الإيراني ومشروعية الدولة اليهودية على كل فلسطين التاريخية. لكن الذي سيكسر هذا التحالف هو البرنامج النووي الإيراني الذي شكل عقبة في وجه تحالف المصالح، بحيث لم يقبل الكيان الإسرائيلي رغم امتلاكه للسلاح النووي وعدم التزامه بالاتفاقات الدولية، بالسماح لوجود قوة نووية إقليمية تنازعه في المنطقة. هكذا، ظل يتحين الفرص لتدمير المشروع النووي الإيراني سواء من خلال اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين أو من استهداف المواقع النووية عسكريا. كانت إسرائيل تعارض وتنسف كل التسويات أو الاتفاقات الدولية بشأن البرنامج النووي الإيراني بحيث كانت تسعى بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة أو عن طريق حليفتها أمريكا إلى عدم تمكين إيران من امتلاك السلاح النووي. ولعل رفض إسرائيل لاتفاق سنة 2015 الذي تم التوصل إليه في فترة ولاية باراك أوباما وإيران وإعلان دونالد ترامب الانسحاب منه مباشرة بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يفسر لنا الموقف المتعنت لأي برنامج نووي ولو لأغراض سلمية صرفة في المنطقة. 

من جانب آخر، وبعد تراجع محور الممانعة بخروج أخر الدول منه (سوريا) واندفاع مجموعة من الدول العربية نحو الكيان الإسرائيلي من أجل التطبيع معه وكأن هذا الفعل هو السبيل نحو التقدم والتنمية والسلام، أصبحت إسرائيل هي البوابة لمن يريد الحصول على رضى الولايات المتحدة الأمريكية. وبالرغم من ذلك، لم تجنح إسرائيل نحو السلم والسلام بقبول قيام دولة فلسطينية كما جاء في اتفاقيات السلام المبرمة معها. بل استطاعت أن تقنع الدول المعنية أنها راعية للسلم والسلام في المنطقة عبر الدخول في المشاريع الاقتصادية الكبرى (الممر الاقتصادي الرابط بين الهند والشرق الأوسط وأروبا...). هكذا خفت صوت الدول العربية في مناصرة الحق الفلسطيني وأصبحت أكثر دفاعا عن الكيان الإسرائيلي أو حيادا بالتزام الصمت عما يجري في غزة من إبادة ممنهجة وتجويع لأهالي غزة.

على خطى تغيير معالم الشرق الأوسط

منذ السابع من أكتوبر 2023، تشهد المنطقة حرب إبادة وتجويع بشكل متواصل في قطاع غزة، وبشكل متقاطع على جبهات متعددة منها ما تم حسمه كما جرى في لبنان من خلال تحييد والقضاء على قيادات حزب الله -أحد الأدرع البارزين إيران في المنطقة- وكذا التغيير المفاجئ في النظام السوري الذي كان حليفا لإيران وصعود نظام جديد لم يمانع في تغيير سياسة بلاده تجاه إسرائيل. هكذا، بعد الفراغ الذي تركه وكلاءها الإقليمين بانسحاب مثلا حزب الله من جبهة القتال بعد الإجهاز على قياداته، أصبحت إيران -بحكم البعد الجغرافي- ضعيفة في الرد الحاسم ولاسيما أنها ترددت كثيرا في الرد الذي لم يكن في مستوى الأحداث المتتالية (اغتيال إسماعيل هنية في طهران- اغتيال حسن نصر الله وقيادات حزب الله في بيروت). بعد هذه الأحداث التي أبعدت نهائيا معظم خصوم إسرائيل من المواجهة ولم يتبق إلا المقاومة الفلسطينية في غزة والحوتيين في اليمن، تراجع دور إيران وظنت إسرائيل أن الفرصة أصبحت سانحة للقضاء ليس فقط على المشروع النووي الإيراني وإنما إزاحة نظام الملالي من الساحة الإيرانية واستبداله بنظام موال لها تستقدم عناصره من المعارضة الإيرانية من خارج إيران. زد على ذلك، أن اختلال الموازين في المنطقة رهين بما ستسفر عليه هذه المواجهة الحربية من نتائج آنية ومستقبلية ستطال كل دول المنطقة وذلك بإعادة ترتيب الأوراق حسب القوة المكتسبة أو المسلوبة من هذه الحرب على طرفيها المباشرين وعلى أساس امتدادها إلى الحلفاء المحليين. وإذا كان السلاح النووي هو محور هذه الحرب أي الصراع حول من يستطيع البقاء قويا في المنطقة ويمتلك طبعا هذا السلاح. إذن، من يمتلك القوة النووية هو وحده يمتلك السيادة واستقلالية القرار. غير ذلك فهو يظل في حماية الأقوى. صحيح في زمن الحرب الباردة، شكل هذا السلاح توازنا للرعب واستقرارا في العلاقات الدولية. أما اليوم وفي ظل الحرب ذات الأوجه الإعلامية والنفسية والسيبرانية المتقلبة، فهو المعيار الحقيقي لإثبات سيادة الدول بحيث لا مكان لمن لا قوة له في عالم الهيمنة الرأسمالية المتوحشة الأكثر انسلاخا عن القيم الأخلاقية وتجردا من الإنسانية. وغزة -من كل هذا- هي مثال حي على موت الضمير الإنساني العالمي حين تركت لوحدها تصارع الموت ولا أحد يستطيع إيقاف أو محاسبة مرتكبي الإبادة الجماعية. ويبقى السؤال مطروحا حول ما إذا سيتم تجاوز هذه الفترة العصيبة في وجود قادة غير متحكمين في قرارتهم العبثية والمصيرية والتي ستدخل العالم في دوامة من الصراعات -إقليمية وعالمية- وستؤذي حتما إلى ما لا تحمد عقباه.

التفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::

مشاهدة قراءة في حرب الأجواء الإسرائيلية الإيرانية قلم عائشة واسمين

يذكر بـأن الموضوع التابع لـ قراءة في حرب الأجواء الإسرائيلية الإيرانية قلم عائشة واسمين قد تم نشرة ومتواجد على ازيلال 24 وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.

وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، قراءة في حرب الأجواء الإسرائيلية-الإيرانية قلم : عائشة واسمين.

في الموقع ايضا :

الاكثر مشاهدة اخبار عربية
جديد الاخبار