هل تنهار إيران أم تسقط إسرائيل؟ ...الشرق الأوسط

اخبار عربية بواسطة : (ترك برس) -

إبراهيم قاراغول - يني شفق

في الوقت الذي كانت فيه قافلة إنسانية عالمية تستعد للتحرك ضد الإبادة الجماعية في غزة، نفّذت إسرائيل في 13 حزيران/يونيو هجومًا صادمًا ومباغتًا ضد إيران.

قصفت طهران، واستهدفت علماءها النوويين، وكادت أن تُبيد القيادة العليا في الجيش والاستخبارات الإيرانية. نفذت عمليات اغتيال من خلال شبكات الموساد المنتشرة داخل إيران. لدرجة أن طهران كانت تُضرب من الداخل، وواجهت خيانة بحجم خطير وغير مسبوق.

في اليوم الأول، لم تستطع القيادة الإيرانية فعل شيء، كانت مشلولة بالكامل. وبدا أن ما وقع لا يشبه هجومًا عسكريًا مباشرًا من دولة ضد دولة، بل أقرب إلى عملية إرهابية داخلية معقدة وواسعة النطاق.

بطبيعة الحال، العناصر التي استخدمها الموساد داخل التنظيم الداخلي كانوا من المواطنين الإيرانيين من أصول إسرائيلية أو متعاونين مع الموساد. (وما جرى هنا يحمل دروسًا عميقة لتركيا). فقد تمكّن الموساد من إنتاج طائرات مسيرة داخل إيران عبر هؤلاء الأشخاص، ونقلها إلى مواقع محددة، بل وأسس ورشات لصناعة المسيّرات داخل البلاد.

إيران: "استحوذنا على أسرار إسرائيل النووية".. فبدأت الهجمات

وقبيل هذا الهجوم الإسرائيلي، وقعت حادثة بالغة الأهمية لم تلقَ صدىً كافيًا. إذ أعلنت إيران أنها حصلت على كافة "أسرار إسرائيل النووية". وأذاع التلفزيون الرسمي الإيراني أن الاستخبارات الإيرانية حصلت على ملف ضخم يحتوي على معلومات تتعلق بالمرافق والخطط والمعدات النووية الإسرائيلية، وأن نقله إلى طهران استغرق وقتًا طويلًا.

ولم يتضح بعد محتوى هذا الملف بشكل دقيق، وقد اعتبره كثيرون في البداية مجرّد دعاية إيرانية تقليدية، ولهذا لم يُعطَ الاهتمام الكافي. إلا أن تطورات الحرب لاحقًا تشير إلى أن هذا الادعاء قد يكون صحيحًا، وإذا صحّ، فقد يكون السبب الرئيسي للهجوم الإسرائيلي.

"اللااحتياط الإيراني"... السلاح الأخطر بيد إسرائيل

نُفذ الهجوم الإسرائيلي بينما كانت مفاوضات أمريكية–إيرانية حول الملف النووي لا تزال جارية. كانت إسرائيل تخشى بشدة من التوصل إلى اتفاق، وكانت تسعى باستماتة لإفشاله. لم تنجح في إقناع ترامب بخوض حرب ضد إيران، لكنها لجأت إلى هذا السيناريو لإفشال الاتفاق وجرّه قسرًا إلى المواجهة.

وكان هناك واقع واضح اسمه "اللااحتياط الإيراني"، والذي تحوّل في تلك الليلة إلى السلاح الأكثر فاعلية بيد إسرائيل. ففي ظل الخيانة الداخلية، كانت هناك شبكات من داخل المستويات العسكرية والمدنية والاستخباراتية الإيرانية تتعاون مع إسرائيل، موجّهة ضربات مدمّرة لبلادها.

التهريب الحدودي يتحوّل إلى "تهريب استخباراتي"

اضطرت القيادة الإيرانية إلى مواجهة حرب مزدوجة: من جهة كانت تتصدى للهجمات الإسرائيلية، ومن جهة أخرى تواجه "محتلين داخليين". وعلى الأرجح، كانت هذه الأطراف تطمح إلى إسقاط النظام بالتعاون مع إسرائيل، والسير نحو تقسيم إيران.

وأفادت أطراف قريبة من النظام الإيراني أن الطائرات المسيّرة تم تهريبها عبر الحدود مع العراق، وتحديدًا من شماله. فتحوّلت شبكات التهريب التقليدية إلى مسارات "تهريب استخباراتي" لصالح الموساد.

ليلة الهجوم... بريطانيا وألمانيا أيضًا شاركتا في ضرب إيران

حلّقت الطائرات الإسرائيلية في سماء طهران، وأمطرتها بالصواريخ، فيما كانت إيران مشلولة تمامًا، غير قادرة على الرد. بدا وكأن أطرافًا داخلية قد "جمّدت" الدولة بالكامل، ولم تتمكن من تشغيل حتى أنظمة الدفاع الجوي.

نعم، إسرائيل أصابت الأهداف التي أرادتها، لكنها لم تكن وحدها؛ فقد كانت القوات الأمريكية أيضًا جزءًا من هذا الهجوم. ومهما قال ترامب، فإن الجيش الأمريكي في المنطقة والجيش الإسرائيلي كانا يتحركان كجيش موحد تديره تل أبيب.

كما قدمت بريطانيا وألمانيا الدعم الكامل لهذه الهجمات. وبهذا الشكل، يمكن القول إن إيران لم تتعرض لهجوم من إسرائيل وحدها، بل من كامل التحالف الغربي. فالخيانة لم تكن من عملاء الموساد فقط، بل أيضًا من جهات تتعاون مع تل أبيب كأمريكا وبريطانيا وأوروبا.

بطبيعة الحال، فإن مشهد دولة يُغتال فيها رئيسها ووزير خارجيتها وتبقى عاجزة تمامًا عن الرد، هو أقوى ضمانة لإسرائيل. فصدام حسين أيضًا سقط بسبب خيانة داخل الجيش العراقي، يومها تعاونت إيران مع الولايات المتحدة، وإسرائيل تحاول اليوم تكرار نفس السيناريو.

لكن هذه المرة... إسرائيل تدخل مرحلة الصدمة: صور غزة تصل من تل أبيب

في اليوم الثاني، انقلب المشهد رأسًا على عقب. استردت إيران وعيها بسرعة، وبدأت تدافع عن مدنها وتهاجم تل أبيب وحيفا. لم تكن إسرائيل تتوقع ردًا بهذا الحجم. وفي اليوم الثالث، استخدمت إيران صواريخ باليستية ثم صواريخ فرط صوتية، لم تتمكن أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، ولا حتى تلك التي حصلت عليها من الولايات المتحدة، من اعتراضها.

الصدمة التي عاشتها إيران في اليوم الأول، بدأت إسرائيل تعيشها في الأيام التالية. كانت سماء الشرق الأوسط تتوهّج بصواريخ إيران، والدمار يعمّ المدن، وتُستهدف البنى العسكرية، المطارات، الموانئ، وشبكات الكهرباء الإسرائيلية. وبدأت صور "غزة" تصل هذه المرة من "تل أبيب".

إن استمرّ الوضع.. فإسرائيل من سيطلب وقف إطلاق النار

تحوّلت الكفة النفسية لصالح إيران. فإسرائيل، للمرة الأولى، انتقلت من الهجوم إلى الدفاع. ومع ذلك، لم يكن واضحًا إن كانت إيران قادرة على الاستمرار بهذا الزخم. إلا أن ما تبيّن هو أن إسرائيل ليست مستعدة لتحمّل هجوم فعّال طويل المدى. استراتيجيتها القديمة التي بنتها لعقود، والمبنية على "الهجوم لبناء القوة"، أصيبت هذه المرة في مقتل.

طالبت إسرائيل المساعدة من الولايات المتحدة والغرب، رغم أن جميع حلفائها من دول المنطقة كانوا يدعمونها أصلًا. حتى قبرص اليونانية تحوّلت إلى قاعدة رئيسية للهجمات. بريطانيا، والولايات المتحدة، وألمانيا قدّمت — ولا تزال — كل أشكال الدعم العسكري لإسرائيل في حربها ضد إيران.

لأول مرة في تاريخها، تُنفّذ إيران هجومًا بهذا الحجم ضد إسرائيل. وإن تمكنت من مواصلته، فقد تكون إسرائيل هي الطرف الذي سيطلب وقف إطلاق النار. لكن ذلك يتطلب من إيران تطهير بنيتها الداخلية من "وكلاء الاستخبارات" والخونة. كما حدث في تركيا مع تفكيك تنظيم "غولن"، على إيران أن تُجري عملية تطهير مماثلة.

القوة المفرطة تعني الخوف.. عصر خوف إسرائيل بدأ

لم تعد الولايات المتحدة ولا الغرب يملكان القدرة على غزو أي بلد في هذه المنطقة كما حدث في العراق أو أفغانستان. كما أن قدرة إسرائيل على جرّ الغرب إلى الحروب لم تعد كما كانت. منذ 11 أيلول، كانت كل الحروب والاحتلالات في منطقتنا تُخطّط في تل أبيب وتُنفّذ بأيدي أميركية وأوروبية. لكن يبدو أن هذا العهد قد انتهى. لقد ظهرت تهديدات جديدة بالنسبة لهم.

رغم أن هجمات إسرائيل على غزة وإيران قد تبدو استعراضًا للقوة، إلا أن زمن "حصانة إسرائيل" قد انتهى. فالاستخدام المفرط للقوة هو في حقيقته علامة خوف. إسرائيل في حالة ذعر، وتقوم بأعمال جنونية. لكن معادلات القوة العالمية من الآن فصاعدًا ستستمر في إضعاف موقعها.

دولة شِيزوفرينية... ومجتمع شِيزوفريني!

تشن إسرائيل حروبًا متزامنة ضد فلسطين، وإيران، واليمن، وسوريا، ولبنان. تُهدد مصر وتركيا، وتبقي الأردن تحت السيطرة، وتُوجه الخليج والسعودية من خلال الولايات المتحدة. لا يمكن لدولة في هذا الوضع، تعادي الجميع في آن واحد، أن تستمر في الوجود. وربما تحاول جرّ الغرب إلى حرب نهائية أخيرة، لكنها لن تنجح.

الخطر الحقيقي يهدد إسرائيل. فدولة مثقلة بكل هذا الكم من الحقد والكراهية، ومجتمع بات يعاني من "انفصام سياسي" عن الواقع، لا يمكن له أن يصمد في هذه المنطقة. ويبقى الخوف الأكبر: لجوء إسرائيل إلى استخدام السلاح النووي. إذ ينبغي أخذ هذا التهديد على محمل الجدّ، لأن دولة دخلت في عداوة مع البشرية جمعاء، وتشوّهت بنيتها النفسية والإنسانية، قادرة على ارتكاب مثل هذه الحماقات.

إسرائيل تهديد وجودي لتركيا أيضًا

إسرائيل ليست مشكلةً تخصّ الفلسطينيين أو العرب فقط، بل هي مشكلة تركيا كذلك. فهي تخوض ضد أنقرة حربًا غير مباشرة تشمل الجغرافيا الإقليمية بأسرها، وتدير سلسلة معقّدة من المؤامرات التي تستهدف كل حسابات تركيا المستقبلية.

إن إسرائيل تشكّل تهديدًا وجوديًا بالنسبة لتركيا، وإذا لم يُتعامل مع هذا الواقع بما يليق، فإن مستوى التهديد سيزداد خطورة مع مرور الوقت. لذلك، بات من الضروري أن تتخذ تركيا خطواتها وفقًا لهذا الصراع الوجودي، وأن تتهيأ له جيدًا.

بسقوط الدولة العثمانية تأسست إسرائيل.. فصعود تركيا يعني انهيارها

ينبغي ألّا ننسى: لم يكن ممكنًا تأسيس دولة إسرائيل إلا بعد تفكيك الدولة العثمانية بشكل كامل. إذ إن جوهر ذلك التفكيك كان تمهيدًا لبناء النظام القائم اليوم في إسرائيل. وإذا كانت إسرائيل قد وُلدت من أنقاض العثمانيين، فإن صعود تركيا اليوم لا يمكن أن يتحقق إلا على أنقاض إسرائيل. بمعنى أن نهاية المرحلة التي بدأتها إسرائيل بعد العهد العثماني قد حان وقتها.

لا يمكننا تفسير قصف إيران، وضرب غزة، واستهداف مصر وسوريا ولبنان واليمن من خلال مفاهيم مذهبية أو هوياتية أو عبر نظريات صراع داخلي إقليمي. لقد احتلوا العراق بحجة وجود صدام، واحتلوا أفغانستان بحجة طالبان. لقد كانوا يبررون كل غزو وكل حرب، ويعيدون تشكيل وعينا وفق سرديتهم الخاصة.

لقد آن أوان استخدام القوة!

علينا الآن أن ننظر إلى جغرافيتنا بعيننا نحن، وبعقولنا نحن، وبمبادئنا نحن. لا يجوز أن نعهد للآخرين بحق تعريف الخطأ والصواب عنا، فقد دفعنا ثمن ذلك لعقود طويلة، وكان الثمن باهظًا.

يجب أن تستمر الضربات التي تدفع إسرائيل إلى الدفاع عن نفسها. سواء كانت من إيران أو من دول أخرى، لا بد من السير في هذا الطريق. إذا أردنا ضمان مستقبل دولنا وشعوبنا، فإن هذه هي الوسيلة. لقد حان استخدام القوة ضد إسرائيل، ولم يعد بالإمكان تأجيل ذلك. فكل تأجيل سيقود إلى نتائج كارثية، ليس فقط لإيران، بل لتركيا ولسائر دول المنطقة أيضًا.

تركيا يجب أن تصبح قوة نووية وتجرب صواريخ عابرة للقارات

لم يعد من الممكن منع إيران من الوصول إلى القدرة النووية. وأنا شخصيًا أعتقد أن إيران قد تجاوزت بالفعل العتبة النووية، وبلغت مستوى الدولة النووية.

وعلى تركيا أن تصبح بسرعة قوة نووية، وأن تمتلك صواريخ عابرة للقارات. ما حققناه خلال السنوات العشر الأخيرة في مجال تكنولوجيا الدفاع هو إنجاز مذهل، لكن لا بد من تسريع هذه الوتيرة بشكل أكبر. فالصراع مع العدوانية الإسرائيلية وجنون هذا المجتمع المصاب بالشيزوفرينيا أصبح أمرًا لا بد منه بالنسبة لكل شعوب هذه الجغرافيا. لا يمكننا المقامرة بمستقبل شعوبنا ومدننا من خلال الصبر على هذا الكيان.

هناك خريطة واحدة فقط يجب أن تتغير: خريطة إسرائيل ستُمحى!

يجب أن يعرف الجميع: التاريخ الذي بدأ في منطقتنا مع الحرب العالمية الأولى قد وصل إلى نهايته. النظام الذي أُسس آنذاك قد انهار، ولا يحق لأحد بعد الآن أن يرسم خرائط جديدة لهذه المنطقة.

ثمة خريطة واحدة فقط يجب أن تتغير: خريطة إسرائيل. فمثل هذا الكيان، بمثل هذا السلوك، لا يملك أي شرعية في منطقتنا. وحتماً... سيُمحى من الخريطة.

التفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::

مشاهدة هل تنهار إيران أم تسقط إسرائيل

يذكر بـأن الموضوع التابع لـ هل تنهار إيران أم تسقط إسرائيل قد تم نشرة ومتواجد على ترك برس وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.

وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، هل تنهار إيران أم تسقط إسرائيل؟.

في الموقع ايضا :

الاكثر مشاهدة اخبار عربية
جديد الاخبار