أتحدث مع صديق عن العزوف الذي أمرُّ به عن القراءة والكتابة، يلومني، يعتب عليَّ، ثم أمضي أثناء كلامي معه في سرد الأعذار والمسوغات والأفكار المنبثقة من ذلك الشعور؛ شعوري بالخوف أحياناً من أنني أفقد الشغف رويداً رويداً في الانتماء لهذا الجانب الإنساني الإبداعي من الحياة، والإحساس بأنني بحاجة ماسة للتوقف، التوقف الذي يظهر على سطح خشيتي انقطاعاً، بينما هو في شعور آخر مطمئنٌ - ولا أركن إليه دائماً - اتصال بمواد الحياة الخام، واستلهام ما يمس نفسي منها، التأمل في الحوارات، في الأفعال، ردود الأفعال، الأقوال التي من شأنها أن تكون عابرة؛ لكنها تقف في بالي كثيراً.
الجميل في هذه الحالة وأنا أعزف عن الكتب، والكتابة، أنني أقبض على لحظاتٍ أخرى في شتى مناحي الحياة، لا لهدف التقاطها والإمساك بتفاصيلها، كلا، وإنما لمعايشتها، وتقمص حالات الآخرين فيها.
اللبث عند المواقف الواقعية والافتراضية البصرية التي من شأنها أن تتعلق بي كساتر عن العادية - التي تمنيت مراراً أن ألتزم بها - كالاحتفال في مقهى بأبٍ مسحوق وإن بدا متأنقاً بجانب بناته، ترحيب عامل البقالة القريب على الهاتف بصديقٍ له، كان يعبر عن اشتياقه الشديد إليه، أمكث ملياً عند الصداقة وأقارن متنها بمتنٍ آخر من القرابة والأخوة، اقتراح ابني لي في بناء قبو حينما نبني بيت العمر بواسطته: ما الذي من الممكن أن نندسَّ بشأنه هناك في الأسفل؟ ما الذي نخفيه؟ أو ما الذي سيخفينا في ذلك الطابق السفلي؟!
مشهد من مسلسل يعود فيه الأموات إلى الحياة، إلى ذويهم، يطرق أحدهم باب بيت خطيبته، يريد أن يواصل حياته التي انقطعت معها ومع الدنيا منذ أكثر من سبع سنوات، يريد أن يفي بوعده. يعود آخرون إلى الحياة؛ لكنها تأبى أن تتقبلهم، أشعر بالتعاطف معهم والترابط؛ لكن لا أفتأ أحدث نفسي حينما تكون مكانهم، بعدم تقبل فكرة العودة من الموت، أبوك الذي مات أصغر منك، ماذا تفعل حينما يعود إلى الدنيا ويلتقيك بما كان عليه؟!
الحياة مرةٌ واحدة، هذه حقيقة لا مجاز ولا استعارة، كما أن الإنسان لا يؤمن بذلك وحسب، بل يحب أن يؤمن به ويسلِّم له.
أعود إلى حديثي عن العزوف الذي انطلق فيه إلى سماوات أخرى من الاستلهام، والتغذية الفكرية الأدبية بعد تلك التباريح التي أفضت بها إلى صديقي إياه وأقول إنني ما زلت بين خوفي من العدم ورجائي في صلاتٍ أدبية أخرى، أخشى تواكلي؛ مسوغاً لنفسي ذلك الانقطاع باعتباري إياه استئنافاً، بيد أني أعود إلى صورة معلقة في مكتبي لماريو فارغاس يوسا، في أسفلها مقولةٌ له مهمة: «الطمأنينة شعور غريب على المبدع، المبدع كل مرةٍ مبتدئ، كل مرةٍ يقول في سره، ربما لم يعد لديَّ شيءٌ أقوله؛ لكنه يحفر، ويحفر، ويجد ما يقوله».
روائي وقاصالتفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::
مشاهدة طمأنينة الكتابة
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ طمأنينة الكتابة قد تم نشرة ومتواجد على جريدة الرياض وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، طمأنينة الكتابة.
في الموقع ايضا :