في لحظةٍ يُفترض أن تتّحد فيها القلوب والعقول من أجل إنقاذ سورية، البلد الذي كان وما يزال يمثل قلب العروبة النابض، نجد أنفسنا أمام واقعٍ عربيٍ متشظٍ، مواقف متضاربة، وتحالفات هشّة لا تخدم سوى أعداء الأمة. فما الذي يبرّر هذا الانقسام المؤسف في المواقف العربية تجاه سورية؟ ولماذا تُدار سورية الجديدة بمفردها، بينما يجب أن تتعاضد الأيادي العربية لانتشالها من بين أنياب الحرب والدمار؟ إن الواقع السوري الراهن، بكل ما يحمله من معاناة وآمال، لا يحتمل هذا التردد والانقسام في المواقف. فالوضع لم يعد يحتمل التنظير ولا المجاملات الدبلوماسية. أمامنا قيادة سورية جديدة تحاول لملمة ما تبقى من وطنٍ أنهكته الحروب، ويحق لها أن تجد دعماً عربياً لا مشروطاً، سياسياً واقتصادياً، شعبياً ورسمياً، لكي تنهض سورية من تحت الرماد، وتعود بالشكل الذي يتمناه الجميع : موحدة، حرة، آمنة، مستقرة ، مدنية، ديمقراطية. لكن المؤسف أن بعض العواصم العربية لا تزال تراوح مكانها، تتقاذفها الضغوط الدولية، وتخشى سحب البساط من تحت النفوذ الأمريكي-الإسرائيلي الذي ما انفكّ يبتزّ القيادة السورية الجديدة في وضح النهار، بل ويشترط التطبيع مع إسرائيل مقابل تخفيف العقوبات وتجميد قانون "قيصر"، الذي بات خنجرًا في خاصرة الاقتصاد السوري، وأداة لخنق الشعب قبل النظام. هنا يُحمد الموقف الأردني، الواضح والصريح، في دعم القيادة السورية الجديدة. فالأردن، بخطابه السياسي الواقعي والمسؤول، يُدرك أن استقرار دمشق هو استقرار لعمان، وأن نهضة سورية جزء لا يتجزأ من نهضة المشرق العربي. ولذلك كان الأردن ولا يزال يضغط بكل قواه من أجل إلغاء أو على الأقل تجميد قانون قيصر، الذي لم يُلحق الأذى بسورية وحدها، بل أرهق الاقتصاد الأردني وقطع شرايين التجارة والاستثمار بين البلدين الشقيقين. إننا ندفع ثمناً باهظاً لهذا الانشطار والانقسام والتفرقة التي تسود عالمنا العربي والإسلامي. وهذا التشظي ليس قدراً، بل هو نتيجة مباشرة لتغييب الإرادة السياسية العربية الجامعة، وتقديم الحسابات الضيقة على حساب المصالح القومية. أين هو الموقف العربي الموحّد؟ أين هي الجامعة العربية من هذه المأساة؟ أليس من المفترض أن تكون دمشق هي الخط الأحمر، والراية التي توحدنا، لا التي تفرّقنا؟ إن الإجماع العربي على دعم سورية الجديدة لم يعد خياراً، بل ضرورة تاريخية وأخلاقية واستراتيجية. دعم القيادة الجديدة يجب أن يكون شاملاً، لا يُقيّد بشروط الغرب ولا يمر عبر بوابة التطبيع المذل مع الكيان الصهيوني، الذي لا يزال يمارس عدوانه على الأراضي السورية، كما حصل فجر الجمعة، حين نفّذت قوات الاحتلال الإسرائيلي إنزالًا جويًا على بعد كيلومترات من دمشق، في محاولة فاضحة لإحراج القيادة السورية الجديدة، والتشكيك في قدرتها على فرض السيادة. كيف يمكن للعرب أن يصمتوا أمام هذه الإهانة؟ بل كيف يمكن أن يُشترط على القيادة السورية أن تطبع مع الكيان الذي يحتل أرضها ويقصفها ويغتال أبناءها، مقابل بعض الفتات من تخفيف العقوبات؟! أليست هذه هي قمة الوقاحة السياسية؟! إن القيادة السورية الانتقالية، التي أعلن رئيسها أحمد الشرع في خطابه أن "سورية لا تقبل التجزئة"، تحتاج إلى موقف عربي يعكس هذا الشعار. تحتاج إلى أن ترى العرب على قلب رجلٍ واحد، يشدّون على يدها، ويسحبون منها ذريعة الخضوع للابتزاز الأمريكي-الإسرائيلي. إن إعادة إعمار سورية لا تبدأ بالمال فقط، بل تبدأ بالإرادة، بالتضامن، وبقرار سياسي عربي جامع يضع مصلحة الأمة فوق الحسابات الفئوية. هذه هي اللحظة الحاسمة، فإما أن نستعيد سورية إلى حضنها العربي، أو نتركها فريسة للضغوط والمساومات. وليعلم الجميع، أن من يساوم على سورية، إنما يساوم على فلسطين والعراق ولبنان واليمن. لأن انكسار دمشق يعني انكسار المشرق بأكمله، وصعود إسرائيل كقوة إقليمية بلا منازع. فلنتحد إذن، ولنعلن أن سورية ليست وحدها، وأن العرب لا يبيعون أشقاءهم، وأننا لم نعد نقبل أن تكون السياسات الأمريكية هي من يقرر من نُصادق ومن نُعادي. سورية تنادي، فهل من مجيب؟ .
التفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::
مشاهدة لماذا هذا التشظي العربي تجاه سورية
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ لماذا هذا التشظي العربي تجاه سورية قد تم نشرة ومتواجد على جو 24 وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، لماذا هذا التشظي العربي تجاه سورية؟.
في الموقع ايضا :