كتب الحقوقي عوني الرجوب * في مجتمعاتنا العربية، أصبح القيد الأمني بمثابة وصمة تُلاحق الإنسان في زواجه، وعمله، وحياته الاجتماعية، بل يكاد يكون حكمًا بالإعدام الاجتماعي. يُعامل صاحب القيد وكأنه مجرم خطير، دون التحقق من حيثيات قيده، أو مَن كان الظالم ومن كان الضحية. بين المتهم والمذنب: ضياع الفارق الخطورة لا تكمن في وجود القيد الأمني فحسب، بل في النظرة المجتمعية التي تساوي بين المتهم والمذنب، بين من ثبت عليه الجرم ومن كان ضحية مكيدة أو خطأ أو حتى وشاية كاذبة. في كثير من الحالات، قد يكون القيد نتيجة موقف عابر، كفالة تجارية لم تُسدد، أو تصرف غير مقصود، أو حتى مؤامرة من حاقد أو حاسد. ومع ذلك، يُعامل صاحب القيد كأنه ارتكب جريمة مخلة بالشرف، ويُحرم من أبسط حقوقه: التوظيف، والزواج، وحتى نظرة الاحترام في المجتمع. عند مرضى النفوس الازدواجية الصارخة في المعايير المؤسف أن هذه النظرة لا تُطبق على الجميع. فصاحب المال والسلطة تُغفر له الزلات رغم كثرة جرائمه، ويُنظر إليه بعين الرضا، مهما كان ماضيه مثقلاً بالانتهاكات. في المقابل، يُحاسب الشاب البسيط الخلوق المهذب على قيد قديم ربما يعود لسنوات، أو على خطأ لم يُمنح فرصة لتبريره. نجد شبابًا شرفاء يُرفضون في الزواج فقط لوجود قيد بسيط في سجلهم، بينما يُقبل من لا أخلاق له ولا دين، لمجرد أن سجله الإلكتروني نظيف وفي منطقته أو مجتمعه لص ونصاب. إنها مفارقة مؤلمة تختصر الكثير من الظلم. التدقيق في الظاهر وتجاهل الجوهر في ملف الزواج تحديدًا، أصبح القيد الأمني معيارًا أوليًا لاجتياز "مرحلة القبول"، دون أدنى اهتمام بالسيرة الشخصية، أو الأخلاق، أو السمعة. في بعض الحالات يسأل الخاطب عن تفاصيل صحية أو شخصية تافهة – كإجراء عملية الزائدة أو هل خضعة لعلاج نفسي أمر مضحك بالفعل – بينما تُغضّ الأبصار عن عيوب كبيرة لدى الطرف الآخر. وقد يكونوا مرضى نفسيين تُقدَّم البيانات الرقمية على الأخلاق، ويُجعل السجل الأمني هو المعيار الأول والأخير، رغم أن كثيرًا من الفتيات قد يكنّ ضحايا علاقات أو أخطاء أخلاقية فادحة، لم تُسجَّل ضدهن شيئًا فقط لأنهن كنّ في الظل أو بسبب التستر المجتمعي. ظلم يولّد ضغطًا وديونًا وفي ظل هذا الواقع، ونتيجة الشروط التعجيزية التي تفرضها بعض العائلات على الشاب المتقدم للزواج – من أثاث فخم وذهب ومهر ومؤخر – يضطر العريس إلى الاستدانة، أو أخذ قروض من البنوك، أو الإنفاق فوق طاقته ليثبت أنه "يستحق"، ما يدخله في دوامة ديون وربما قيود جديدة. بدلًا من دعم الشاب لبناء أسرة، يُدفع إلى الحافة، وتُضاف إليه قيود جديدة، فتزداد أزمته تعقيدًا. فارحموا شبابكم وارحموا بناتكم من العنوسة، فالحلول تبدأ من خفض السقف لا من رفعه. والسؤال المؤلم هنا: هل أصبح التعثر المالي أو حتى الكفالة جرمًا؟ وهل نصب كمين لشاب مهذب وزجه بتهمه هو بريء منها أصبحت جريمه فلنتعقل قبل أن نظام الآخرين وهل المطلوب من الشاب أن يدفع "بدل قيد" عشرات المرات ليُقبل في المجتمع؟ دعوة إلى تقييم أكثر إنصافًا القيد الأمني لا يُعبّر دائمًا عن الحقيقة. كثيرون يحملون قيودًا بسبب وشاية، أو خطأ إداري، أو موقف سياسي، أو حتى صداقة بريئة فُسرت بسوء نية. العدالة تقتضي التحقق من واقع الشخص من خلال سيرته في بيئته الحقيقية: أهله، جيرانه، زملاؤه، لا من خلال رقم إلكتروني. كما أن كلا الجنسين عرضة للخطأ. كما يُغرر بالشاب وقد يُسجَّل عليه قيد، كذلك قد تُستدرج الفتاة وتقع في الخطأ دون أن يُسجَّل عليها شيء. العدل الحقيقي لا يُفرق في الميزان، ولا يبرئ أحدًا لمجرد غياب الأثر الرقمي. كلمة أخيرة للانصاف المجتمع الذي يحكم على الناس من خلال ملفات إلكترونية فقط هو مجتمع يفقد عدالته وإنسانيته. لا بد أن نعيد الاعتبار لقيم الصدق، والأمانة، والدين، والسمعة الحسنة، وأن نُدرك أن القيد الأمني ليس بالضرورة دليلاً على الانحراف أو الفساد. فلنحكم بالحق لا بالهواجس. فلنُحكّم العقل والضمير قبل أن نصدر الأحكام. فكرامة الإنسان لا يجب أن تُداس بسبب رقم في سجل، بل تُقاس بحقيقته وسيرته بين الناس. * باحث وكاتب سياسي .
التفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::
مشاهدة القيد الأمني ليس حكم ا بالإدانة دعوة للرحمة والعقل والعدالة الاجتماعية
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ القيد الأمني ليس حكم ا بالإدانة دعوة للرحمة والعقل والعدالة الاجتماعية قد تم نشرة ومتواجد على جو 24 وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، القيد الأمني ليس حكمًا بالإدانة: دعوة للرحمة والعقل والعدالة الاجتماعية!.
في الموقع ايضا :