خطوة نحو عسكرة أوروبا.. ما أهمية تبني الدنمارك لسياسات دفاعية أكثر تشددًا؟ ...الأردن

ساسة بوست - اخبار عربية
خطوة نحو عسكرة أوروبا.. ما أهمية تبني الدنمارك لسياسات دفاعية أكثر تشددًا؟

«عندما تندلع حربٌ جديدة في قارتنا، لا يمكن أن نكون محايدين».

كلمات رئيسة وزراء الدنمارك، ميت فريدريكسن، بعد أن صوَّتت بلادها بأغلبية الثلثين لعودة كوبنهاجن إلى سياسة الدفاع والأمن في الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة تاريخية بالنظر إلى تاريخ السياسة الخارجية والدفاعية الدنماركية، والذي ظلَّت على مدار ثلاثة عقود (منذ معاهدة ماستريخت 1993) تتبنَّى سياسات أقرب إلى الحياد بين الشرق والغرب، وتحاول أَلَّا تتورَّط في السياسات والخطط العسكرية الغربية.

    تُعيد تشكيل سياساتها الدفاعية، إذ تقدمت فنلندا والسويد –مؤخرًا – بطلب للانضمام إلى «الناتو»، بينما تستعد ألمانيا، أكبر دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، لزيادة إنفاقها الدفاعي، في خطوة تاريخية منذ الحرب العالمية الثانية، وهنا يظهر السؤال حول مدى أهمية الخطوة الدنماركية في إطار إعادة هيكل الأمن في أوروبا؟

    إذ يرتبط جزء من أهمية هذه الخطوة بتوقيت اتخاذها، بالترافق مع استعار الحرب في أوكرانيا، والتغييرات القائمة حاليًا في عدد من دول أوروبا فيما يخص السياسات العسكرية، وعلى الجانب الآخر، فإن الخطوات الدنماركية قد تعمل على تقويض «نموذج الدولة الأوروبية المحايدة»، وهو النموذج الذي تبنيه الدنمارك والنرويج منذ نهاية الحرب البادرة، وما قبلها، رغم عضوية كليهما في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، فإن هذه العضوية لم تجعلهما ينخرطان في الأنشطة الدفاعية الغربية، بما يهدد الأمن الروسي.

    من المتوقع أن تحرص البلدان – حال انضمامهما للناتو – على عدم استفزاز روسيا، وتقديم التطمينات الأمنية لها، لتُكرر تجربة النرويج والدنمارك في الناتو.

    مسيرة من الحياد النسبي

    دولة صغيرة، تُشكِّل التجارة الخارجية جزءًا مهمًا من ناتجها المحلي الإجمالي، فبعد أن كانت تمثل نسبة 35% من هذا الناتج عام 1990، صارت 55% في عام 2016، أثَّر هذان العاملان: صغر مساحة الدولة (وبالتالي محدودية مواردها) وارتباط اقتصادها بالعالم الخارجي، بشكلٍ مباشرٍ في السياسة الخارجية الدنماركية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وإلى يومنا هذا، إذ حاولت ممارسة سياسة خارجية نشطة ومعتدلة، بل تتسم بالحياد النسبي، مع مستوى منخفض من التنافس والتوتر مع الدول المجاورة والقوى الكبرى.

    Embed from Getty Images

    رئيسة وزراء الدنمارك، ميت فريدريكسن

    درجة عالية من الاستمرارية، هو حالة الإجماع السياسي داخل البلاد حول تلك السياسة، سواءً على المستوى الحكومي، أم على مستوى البرلمان، وقد شارك الأخير بشكلٍ فعَّال في صياغة مبادئ السياسة الخارجية للبلاد، وأشرف على تطبيقها.

    أربعة أحجار زاوية منفصلة وظيفيًّا:

    المجموعة الأوروبية (الاتحاد الأوروبي حاليًا): والتي عبَّرت عن الشق الاقتصادي في السياسة الخارجية، والمتمثل في اقتصاد السوق. حلف الناتو: والذي عبَّر عن الشق الأمني في السياسة الخارجية. الأمم المتحدة: والتي عبرت عن البعد الإنساني والقيمي للسياسة الخارجية، والمتعلقة بتعزيز القيم العالمية والتنمية. التعاون مع دول الجوار في الشمال: والذي دار حول تعزيز هوية كوبنهاجن وانتمائها الجغرافي.

    دراسة صدرت عن مؤسسة «راند» الأمريكية، عام 1989، والتي تحدثت عن تنامي القيمة الإستراتيجية لمنطقة الشمال الأوروبي في الإستراتيجية العسكرية للناتو، وما ترتَّب على ذلك من انتقاد من جانب الناتو للسياسات الدفاعية الدنماركية، لا سيما انخفاض مستوى الإنفاق العسكري وانخفاض حجم قواتهما المسلحة.

    سياسة

    منذ شهر مترجم: بين عودة بريطانيا وتبعية أوكرانيا.. رؤية ماكرون «الارتجالية» لأوروبا بلا إطار

    الدراسة -عام 1989- إلى أنه لا يجب توقع عدول كوبنهاجن عن تلك السياسة، مما يفرض على الغرب قبول هذا الواقع –آنذاك- بالنظر إلى أهمية كوبنهاجن في الأمن الأوروبي ومنظومة الناتو.

    لم تتغير سمات السياسة الخارجية الدنماركية، بل ترسَّخت أكثر، لكن ما تغير هو أولويات هذه السياسة، إذ نمت أهمية الاتحاد الأوروبي في السياسة الخارجية الدنماركية بشكلٍ كبيرٍ، وصار بإمكانه التعامل مع ملفات الاقتصاد والسياسة والأمن في البلاد، وليس الاقتصاد فقط كما كان الوضع خلال الحرب الباردة.

    وصارت كوبنهاجن تؤمن بأهمية مشاركتها في صنع السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، لدرجة أن رئيس الوزراء الدنماركي، أندرس فوغ راسموسن، في الفترة من 2001 إلى 2009، أطلق على الاتحاد الأوروبي «أعظم مشروع لحفظ السلام في التاريخ».

    ذكر وزير الدفاع السابق، كلاوس هجورت فريدريكسن، أن «الناتو يظل حجر الزاوية في السياسة الأمنية الدنماركية، والحكومة الدنماركية ملتزمة بالحفاظ على مكانة كوبنهاجن عضوا أساسيا في الحلف».

    رفضت الدنمارك عام 1992 معاهدة ماستريخت، المسئولة عن إنشاء الاتحاد الأوروبي والوصول إلى السياسات الموحدة في الدفاع والعملة والمواطنة بين جميع الدول الأعضاء.

    وحصلت كوبنهاجن على سلسلة من الاستثناءات أطُلق عليها اسم «أوبت آوت»، أي «خيارات رفض» وكذلك رفضت كوبنهاجن عام 2000 الدخول إلى منطقة اليورو، وفي 2015، جرى استفتاء آخر، رفضت بموجبه الالتزام بالسياسة الأوروبية المعنية بالشئون الداخلية والعدل والدفاع.

    مستوى حلف الناتو، فقد رفضت كوبنهاجن نشر الأسلحة النووية على أراضيها خلال فترات السلام، وكانت نفقاتها الدفاعية منخفضة مقارنةً بأعضاء الناتو الآخرين. ووصلت إلى 1.2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015.

    مبررات تلك السياسة واضحةً بالنسبة للدنمارك، فبعد نهاية الحرب الباردة، كان الوضع الجيوسياسي الجديد يعني أن التهديدات تجاه كوبنهاجن صارت بعيدة جدًا، ومع حل حلف وارسو بقيادة السوفيت، وسعي أعضائه السابقين للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، وجدت الدنمارك نفسها في وضع فريد تاريخيًا، يتمثل في كونها محاطة بحلفاء وشركاء تنظيميين.

    أوكرانيا أم ألمانيا السبب في عسكرة الدنمارك؟

    في الاستفتاء الذي جرى في الأول من يونيو (حزيران) 2022، وافق الدنماركيون بنسبة 66.9% على انضمام بلادهم إلى «سياسة الأمن والدفاع المشتركة للاتحاد الأوروبي» (CSDP)، وهو ما يعني إنهاء انسحاب بلادهم لمدة 30 عامًا من آلية التعاون الدفاعي الأوروبي، بعد أن كانت الدنمارك هي الدولة الأوروبية الوحيدة المُستثناة من تلك السياسة.

    Embed from Getty Images

    رئيسة وزراء الدنمارك، ميت فريدريكسن مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون

    آلية الـ CSDP هي المسئولة داخل الاتحاد الأوروبي عن مجال الدفاع وإدارة الأزمات، بما في ذلك التعاون الدفاعي والتنسيق بين الدول الأعضاء، وتُركِّز على تعزيز إدارة الأزمات المدنية والعسكرية وتكثيف تعاون الاتحاد الأوروبي في مجال بحث وتطوير الأسلحة.

    ويمنح انضمام كوبنهاجن لهذه السياسية القدرة على تعميق التعاون العسكري مع دول الاتحاد الأوروبي بما يتجاوز المهام والمشاريع الفردية، فضلًا عن الانخراط في مبادرات تنمية القدرات في مجالات الأمن السيبراني ومواجهة التهديدات المختلطة، وكل هذا يصب في زيادة الوزن النسبي للبلاد في مسائل الأمن والدفاع في أوروبا.

    بعض الخبراء أن هذه الخطوة تحولًا رمزيًّا مهمًّا في السياسة الدفاعية للدول الأوروبية، التي اضطرت إلى إعادة تقييم جذري لأمنها منذ أن شنت روسيا حربها ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022 وأكَّد البعض الآخر أن الأهمية السياسية لهذه الخطوة تفوق أهميتها العسكرية، بينما عدَّت رئيسة الوزراء الدنماركية أن هذه الخطوة تاريخية، إذ قالت: «الأوقات التاريخية تتطلب قرارات تاريخية».

    قالت: «الليلة، أرسلت الدنمارك رسالة مهمة للغاية إلى حلفائنا، إلى الناتو، إلى أوروبا، وقد أرسلنا رسالة واضحة إلى بوتين».

    أعلنت كوبنهاجن عن زيادة إنفاقها الدفاعي لتصل نسبته تدريجيًّا إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2023، مما يعني أن الإنفاق الدفاعي السنوي للبلاد سيرتفع بنحو 2.65 مليار دولار.

    التخلص التدريجي من الغاز الروسي، وهو ما يتوافق مع الاتجاه الذي تتبناه حاليًا معظم دول أوروبا، التي كانت تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على الغاز الروسي.

    دولي

    منذ شهرين «نيويورك تايمز»: هل تريد ألمانيا تنفيذ خطة إعادة التسلح فعلًا؟

    ورغم كل ما سبق، ولكن الأمر المثير للانتباه هو خروج بعض التحليلات التي حاولت الكشف عن المُحفِّز المباشر لهذه الخطوات الدنماركية؛ فمع التأكيد على أن حرب أوكرانيا هي السبب الرئيس فيما يجري حاليًا من إعادة هيكلة لمنظومة الأمن الأوروبي بشكلٍ عامٍّ، إلا أن تحركات الدنمارك جاءت متأثرةً بالسياسات الألمانية الأخيرة.

    ففي أعقاب بداية الحرب الأوكرانية، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز عن إنشاء صندوق بقيمة 100 مليار دولار لتحديث الجيش الألماني، وذلك في مواجهة التهديد الروسي، بالإضافة إلى اتجاه البلاد، بعد سنوات من سياسات خفض التصعيد العسكري، إلى الإيفاء بمعايير الناتو، والوصول بميزانية الدفاع إلى نسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي في البلاد.

    أكَّد كريستيان سوبي كريستنسن، نائب رئيس مركز الدراسات العسكرية في جامعة كوبنهاجن، على أهمية التغيير الكبير الأخير في سياسات ألمانيا الدفاعية، وهو ما مثَّل عاملًا حفَّازًا للدنماركيين، بينما أشارت السياسية الدنماركية، لايكي فريس، إلى خطوات برلين الأخيرة لعبت دورًا رئيسًا في القرارات الدنماركية، بالنظر إلى أن ألمانيا هي أقرب حليف للدنمارك، إلى جانب الولايات المتحدة؛ فالتصعيد الألماني الأخير على مستوى السياسات الدفاعية، لم يترك مجالًا للدنمارك للاختباء خلفها.

    علاقات تحالف قوية بين ألمانيا والدنمارك منذ عام 1955، وتعاون مستمر على كافة المستويات، السياسية والاقتصادية والعسكرية، ولكن لماذا كان على الدنمارك أن تُخالف عقيدتها السياسية المترسخة منذ عقود، وتتبع ألمانيا هذه المرة؟

    القائدان الحقيقيان للجماعة الأوروبية، ولكن امتلكت كل دولة رؤية مختلفة حول كيفية تحقيق السلام والاستقرار في القارة العجوز.

    اتجهت ألمانيا إلى آليات التعاون الاقتصادي وخفض التصعيد العسكري، واتِّباع نهج شامل يجمع بين أنواع مختلفة من الوسائل مع التركيز القوي على حقوق الإنسان والحكم الرشيد وسيادة القانون.

    لعدم انخراط كوبنهاجن ضمن سياسات الاتحاد الأوروبي العسكرية.

    أمَّا اليوم، وبعدما اتجهت ألمانيا للتخلي عن تلك السياسة، لم يعد هناك معسكر قائم وقوي، لتنضوي تحته السياسات الدنماركية المتوازنة، وهو الأمر الذي دفعها إلى اللحاق بركب السياسات الأوروبية التصعيدية، والتي تشير إلى مستقبلٍ تحفه المخاطر، وكأن العالم يستعيد أجواء الحرب الباردة وسباقات التسليح مرةً أخرى.

    التفاصيل من المصدر - اضغط هنا

    مشاهدة خطوة نحو عسكرة أوروبا ما أهمية تبني الدنمارك لسياسات دفاعية أكثر تشدد ا

    يذكر بـأن الموضوع التابع لـ خطوة نحو عسكرة أوروبا ما أهمية تبني الدنمارك لسياسات دفاعية أكثر تشدد ا قد تم نشرة ومتواجد على ساسة بوست وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.

    وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، خطوة نحو عسكرة أوروبا.. ما أهمية تبني الدنمارك لسياسات دفاعية أكثر تشددًا؟.

    في الموقع ايضا :

    الاكثر مشاهدة في اخبار عربية


    اخر الاخبار