رؤية التحديث الاقتصادي في الأردن.. نصر سريع في معركة متخيلة ...الأردن

ساسة بوست - اخبار عربية
رؤية التحديث الاقتصادي في الأردن.. نصر سريع في معركة متخيلة

يعاني الأردن من أزمة اقتصادية مستمرة؛ تمامًا مثل ما تعاني من ذلك أغلب دول العالم الثالث، والتي لا تتشابه مع الأزمات الدورية التي تواجه الاقتصادات المتقدمة في الولايات المتحدة وغرب أوروبا واليابان، والتي يتبعها دائمًا دورات من الازدهار اللاحقة، كما أن ما يسمى ازدهارًا في بلدان مثل الأردن ومصر لا يمكن مقارنته بأفضل أحواله حتى بحالات الأزمات الاقتصادية في الغرب.

في الوقت نفسه؛ يمكن القول إن ساسة هذه الدول وخبراءها يمتلكون عقلية متشابهة في التعامل مع هذا الواقع، وفي صلب ذلك التعاون مع صندوق النقد والبنك الدوليين، ما أنشأ سياسات متشابهة طوال العقود الماضية؛ ظلت فاشلة في إحداث أي اختراق في الواقع المزري الذي تعيشه هذه البلدان، باستثناء سنوات قليلة من «الراحة»، والتي قد لا تحس بها كثيرًا فئات ضخمة في هذه المجتمعات.

    برامج الإصلاح الهيكلي بالتعاون مع صندوق النقد منذ عام 1989 وحتى اليوم، والتي لم تحقق أهدافها، بل ربما زادت الطين بلة.

    أصحاب الخبرة والاختصاص»؛ بينهم ممثلون من «مجتمع المانحين»، وقبل الخوض في تفاصيل الخطة علينا أن نفهم السياق الذي وُضعت فيها، والإجابة عن سؤال كيف وصل الأردن إلى هنا؟

    ثلاثة عقود من اقتصاد الصندوق

    بخلاف دول الخليج، لا يمتلك الأردن موارد طبيعية ثرية وضخمة؛ يمكنه إنفاق عائداتها لتأمين احتياجاته ببساطة، ولكن أيضًا وبخلاف دولة مثل مصر لا يملك الأردن اقتصادًا كبيرًا وفائضًا سكانيًّا ضخمًا، ومن ثم اقتصادًا أكثر تعقيدًا.

    Embed from Getty Images

    الاحتفال بالذكرى 65 لاستقلال الأردن

    750 ألف شخص مرة واحدة، وبجرة قلم قرار سياسي، بينما لم يكن سكان الأردن حينها يشكلون أكثر من 500 ألف ساكن، ما يعني أن عدد سكان المملكة صار تقريبًا 1.2 ملايين، أي قرابة ضعفين ونصف عددهم الأساسي.

    ولاحقًا شهد الأردن غيرها من موجات التغير السكاني الكبيرة؛ من النكسة عام 1967 وحتى الثورة السورية عام 2011، والتي تدفق على إثرها اللاجئون السوريون إلى الأردن، وبينهما موجة عودة الأردنيين من الكويت، ولجوء العراقيين إلى الأردن على أعقاب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وبينما يعزو الكثيرون مجمل مشكلات الأردن لهذه الهجرات؛ كان كثير منها مفيدًا جدًّا للاقتصاد، ودونها لم يكن ليشهد أهم فترات نموه، وهو ما سنراه لاحقًا.

    وفي هذا التقرير لن نخوض في الأبعاد السياسية والاجتماعية لديموغرافيا الأردن؛ وخصوصًا مسألة المكون الفلسطيني فيه؛ كما أننا لن نهتم بما هو سابق على عام 1989؛ أولى أزمات الأردن الاقتصادية الكبرى، بل سنترك هذه الموضوعات دون كبير تناول، مع ضرورة ذكرها سريعًا وأخذها بالحسبان.

    الريع غير المباشر من النفط، والذي يمكننا تفسيره بأنه الاستفادة من ريوع مبيعات النفط بدون أن يوجد هذا النفط في داخل البلد الموصوفة بأنها شبه ريعية.

    الازدهار في السبعينيات مرتبطة بشكل أساسي بطفرة النفط في الخليج، وارتفاع أسعاره، ومعها هجرة كثيرين من الأردن إلى الدول الخليجية للعمل، والذي ترافق مع تحويل جزء كبير من دخولهم إلى الأردن، واستثمارها في قطاعات العقارات والتعليم والاستيراد من الخارج.

    وخلقت الطفرة النفطية والاعتماد غير المباشر على ريع النفط تغيرًا في أنماط الاستهلاك في الأردن، دون أن يعني ذلك تغيرًا جوهريًّا في القدرة الذاتية للاقتصاد، وأصبح بإمكان الكثيرين بناء البيوت واستيراد سلع وخدمات من الخارج لم يكونوا يحلمون بها، وطبعًا فاضت هذه الدخول على الجميع في مختلف القطاعات.

    فازدهار العقار يعني توظيفًا أكبر، وهو يعني قدرة شرائية أكبر، وآلية ما لتوزيع هذه الريوع النفطية غير المباشرة في الاقتصاد، بما يسمح بزيادة الاستهلاك فيه، دون استثمارها في قطاعات إنتاجية حقيقية يمكن التعويل عليها لاحقًا.

    التحويلات أقصى مدى لها في السبعينيات بصفتها نسبة من الناتج المحلي الإجمالي عام 1976، إذ شكلت أقل بقليل من ربع الناتج المحلي؛ والذي بلغ حينها 1.71 مليار دولار، ما يعني أن تحويلات العاملين كانت وقتها نحو 420 مليون دولار، بأسعار الدولار الحالية، وظلت تشكل نسبة مهمة من الناتج المحلي؛ فمثلًا تظهر بيانات البنك الدولي أن مصر (التي تعتمد أيضًا على تحويلات العاملين في الخارج) لم تصل فيها النسبة لدرجة مقاربة لما وصلت عليه في الأردن إلا في عامي 1991-1992، رغم الفارق الكبير في عدد السكان لصالح مصر.

    النفط عالميًّا وضعف قدرة الخليج على امتصاص فائض العمالة من دول الجوار، لتستمر في لعب دورها المعتاد.

    الأزمة إلى ذروتها عام 1989، عندما وصل الدين الخارجي إلى ما يقارب 190% من الناتج المحلي الإجمالي، مع عدم قدرة الأردن على سداد ديونه، واضطراره لتقليل قيمة العملة بالنصف في تلك الفترة، وما ترافق مع ذلك من ارتفاع معدلات التضخم.

    برامجه مع صندوق النقد الدولي عام 1989، والتي استمرت بشكل متتابع وإن انقطع لسنوات قليلة حتى يومنا هذا، وبدأ ما يسميه الكاتب الأردني الراحل ناهض حتر «مسار تفكيك الدولة».

    مشروطة طبعًا ببيع مقدرات البلد عن طريق الخصخصة، بالإضافة إلى التخلي عن الدعم الاجتماعي الذي تقدمه الحكومة للمواطنين؛ والذي يمكن معه للأردنيين تحمل تكاليف المعيشة، وهو ما أخل بالعقد الاجتماعي غير المنصوص عليه مع الدولة، إذ عقد سكان الأردن صفقة مع الهاشميين الذين يحصلون على ولاء الأردنيين مقابل الأمان الاقتصادي.

    وبطبيعة الحال لا يمكن توفير مثل هذا الأمان الاقتصادي دون الدعم الاجتماعي السخي، ومعه التوظيف الكبير في مؤسسات الدولة بوظائف آمنة مستقبلًا، والذي لا يتحقق بدون المنح والمساعدات والديون وتحويلات العاملين في الخارج، والتي تسمح جميعها بإبقاء حالة الأمان الاقتصادي قائمةً في البلاد.

    2008 بنسبة 55% من الناتج المحلي؛ قبل أن يباشر صعوده مرة أخرى حتى وصل إلى 88% عام 2022؛ مع استثناء ديون الحكومة لمؤسسة الضمان الاجتماعي؛ والتي لو أضيفت لإجمالي الديون لبلغت النسبة 109%.

    لكن لو حصل الأسوأ؛ وتفاقمت الأزمة في الأردن، وعاد الدين للارتفاع حتى الوصول إلى مستويات عام 1989 فما الذي ستستطيع الدولة بيعه حينها بعد كل عمليات الخصخصة؟ وكم ستستطيع تخفيض الدعم من ميزانيتها؟

    استفاد الأردن من التخلي عن دعم العراق في حصاره؛ بل ألحق ذلك بتوثيق علاقاته مع الولايات المتحدة ودول الخليج، وتطبيع العلاقات مع إسرائيل؛ لتعود تحويلات العاملين في الخارج للارتفاع مرة أخرى ولو إلى حين.

    لكن لو عادت أزمة الثمانينيات اليوم إلى الظهور فلن يوجد أمام الأردن خيار التخلي عن العراق مقابل فوائد اقتصادية، أو التطبيع مع إسرائيل مرة أخرى؛ فالتطبيع لا يمكن أن يحصل مرتين، إلا لو أراد الأردن الموافقة على شيء مشابه لـ«صفقة القرن» التي اقترحتها إدارة ترامب، والتي ستفقد الأردن رصيدًا سياسيًّا كبيرًا في المنطقة على حساب تأجيل وقوع الأزمة عقودًا أو ربما أقل.

    نظرية في الإمبريالية» أن عالمنا اليوم مصمم بطريقة تسمح لدول المركز بالاستفادة من موارد دول العالم الثالث؛ مقابل منع هذه الدول من التقدم وتحقيق التنمية، للمحافظة على الوضع الحالي والنظام المالي القائم، وضمان تدفق الموارد الأولية من الأطراف إلى المركز.

    السلعة الإستراتيجية مهددة بالانقطاع في ظل تقارب دول الخليج مع إسرائيل.

    سياسات باتجاه مختلف عما سبق؛ وإن كانت غير كافية في حل المشكلة، لذلك أمر ملك الأردن بتشكيل ورشة عمل من الخبراء المذكورين سابقًا؛ لوضع «رؤية التحديث الاقتصادي».

    فكر كأنك نظام عربي

    لا تقتصر أزمة التمثيل الديمقراطي في الوطن العربي على السياسة وحدها؛ بل هي تتعداها إلى الاقتصاد، والذي تفكر الأنظمة العربية فيه نيابةً عن الشعوب، بدعوى معرفتها مصلحة هذه الشعوب أكثر منها، لذلك تعقد الورشات والمؤتمرات وغيرها بحضور الخبراء-المسؤولين، والذين هم بالعادة مقربون أصلًا من أجهزة الحكم، ولا يختلفون في رؤيتهم عن المشكلة وطرق حلها، إن لم يكونوا أنفسهم صانعي السياسات السابقة التي أدت للمشكلة، وبينهم طبعًا ممثلون من «مجتمع المانحين».

    Embed from Getty Images

    الملك عبد الله

    حفل رعاه الملك بنفسه، بعد أن عقدت ورشات إنتاج الرؤية في الديوان، والذي ما يزال يعين الحكومات في الأردن لتعرض بعدها على مجلس النواب ليمنح أو يحجب الثقة عنها.

    ولكن تبقى وثيقة الورشة مهمة في معرفة طريقة تفكير أحد الأنظمة العربية في وصف المشكلة الاقتصادية، وآلية إنتاج حلها، بمعزل طبعًا عن أي تفاعل مع «رعاياه» المنتظرين لهذه الحلول التي تتنزل من السماء.

    الرؤية أنها مختلفة عن سابقاتها في الأردن؛ لتعلمها من أخطاء الرؤى والإستراتيجيات السابقة والبناء عليها؛ فهي تمتاز بالشمول وفق الرؤية، لأنها نتاج تعاون 500 من الخبراء والمختصين، وتحاول إيجاد الطرق الفعالة والواقعية، ما قد يُفهم منه أن الخطط السابقة كانت غير شاملة ولا فعالة، وربما خيالية أيضًا، وأخيرًا تذكر الرؤية أنها وضعت آلية للمساءلة، الأمر الذي لم يحصل سابقًا في الأردن لمحاولة فهم سبب الفشل.

    وبطبيعة الحال يمتلك الأردن هيئات كثيرة للمتابعة والمساءلة ومراقبة التنفيذ، ولدى تلك المؤسسات آليات كثيرة للعمل ومع ذلك تفشل في تأدية مهمتها في كل مرة؛ فلا أحد يسأل بشكل حقيقي، وتستمر الخطط في الفشل مرة تلو الأخرى، وليس هناك طريقة لمعرفة إذا ما كانت الآليات الجديدة ستعمل أو لا.

    لكن الرؤية الجديدة تذكر الجهات المعنية بالمتابعة والتقييم، وهي جميعها هيئات غير منتخبة، وتتبع لجهات غير منتخبة أيضًا؛ وهذه الجهات هي وحدة متابعة الأداء الحكومي التابعة لرئاسة الوزراء، ووحدات تنفيذية داخل الوزارات والمؤسسات الحكومية، ووزارة التخطيط، وطبعًا الديوان الملكي نفسه الذي عقد الورش وعين المشاركين فيها.

    المستويات إلا 10 مرات (ضمن سياق دعم خارجي وفير)، ولا واحدة فيها خلال العقد الماضي، وركيزة ثانية هي تحسين جودة الحياة؛ متضمنًا في ذلك رفع حصة الفرد من الدخل الحقيقي بنسبة 3% سنويًّا، رغم أن حصة الفرد من الدخل القومي في تراجع مستمر منذ عام 2008.

    التحليل القطاعي.. عندما ندقق فيما يخص الناس حصرًا

    تزودنا «رؤية التحديث الاقتصادي» بكم عظيم من البيانات لتحليلها ولو سريعًا؛ بيانات قد لا يكون سهلًا الوصول إليها دون جمعها في هذه الرؤية، وتتيح لنا أن نفهم أكثر فيما يخص الناس على أرض الواقع خلف هذه البيانات والأرقام.

    فقبل تحليل ركيزتي الرؤية الأساسيتين – النمو وتحسين جودة الحياة- فلنأخذ لمحة سريعة عن واقع عمل الناس في القطاعات المختلفة في الأردن بناء على بيانات الرؤية، والتي انصب اهتمامها على قسم غير قليل من الاقتصاد الأردني وقسمته إلى قطاعات تمثل 65% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصاد.

    العمالة في الأردن وفق بيانات البنك الدولي لعام 2021، وهذا يعني أن الغالبية الأكبر من العاملين في السوق الأردنية غير مشمولين برؤية التحديث الاقتصادي.

    ويعد أحد أهم ما تقدمه الوثيقة هو بيانات حصة الفرد العامل في كل قطاع من إجمالي الناتج المحلي؛ مع توفير المتوسط الذي يحصل عليه العامل الواحد في كل قطاع نسبة لإجمالي الناتج من هذه القطاعات لا إجمالي الناتج المحلي لكل القطاعات في البلاد، وهو قريب من 20 ألف دينار سنويًّا، أي 1600 دينار شهريًّا (=2250 دولارًا شهريًّا تقريبًا).

    الأردن

    منذ شهر استباقًا لتسريبات باندورا.. تفاصيل تعاقدات الديوان الملكي الأردني مع شركات أمريكية لإدارة الأزمة

    الأردن إلا ربع السكان بالمجمل؛ و40% تقريبًا ممن هم بين عمري 15-64 سنة، مما يعني أن من المنطقي افتراض أن هذا الرقم سيوزع على أربعة في المتوسط، ليصبح متوسط الدخل للشخص الواحد سواء كان عاملًا أو غير عامل 565 دولارًا تقريبًا في الشهر.

    أكثر من ذلك؛ من المنطقي أن يحتسب المتوسط لإجمالي الناتج المحلي الإجمالي وليس للقطاعات المختارة الممتازة، ولكن يبدو أن المشاركين في هذه الورشات، أو المختصين باحتساب البيانات المذكورة يعرفون أن الواقع سيبدو أكثر سوءًا لو فعلوا ذلك.

    ...

    التفاصيل من المصدر - اضغط هنا

    مشاهدة رؤية التحديث الاقتصادي في الأردن نصر سريع في معركة متخيلة

    يذكر بـأن الموضوع التابع لـ رؤية التحديث الاقتصادي في الأردن نصر سريع في معركة متخيلة قد تم نشرة ومتواجد على ساسة بوست وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.

    وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، رؤية التحديث الاقتصادي في الأردن.. نصر سريع في معركة متخيلة.

    في الموقع ايضا :

    الاكثر مشاهدة في اخبار عربية


    اخر الاخبار