وأنا أشاهد فقرات قصيرة متفرقة من عروض الفنان محمد القحوم التي أقامها مؤخرًا في قطر بعنوان “نغم يمني في الدوحة”. أعيد التساؤل ما الداعي من استخدام القنبوس، سوى إضفاء زينة من الفولكلور ترصع المساحة الأوركسترالية على منصة الأوبرا، وبجانب آلات غربية.
أولاً، اليمنيين استخدموا القنبوس لعدم وجود صناعة آلات موسيقية، الذي يعتمد على عملية بسيطة بنحته من جذع شجرة، بينما العود مركب من قطع خشبية مختلفة، وأكثر تعقيدا، وهذا الأخير مساحته أوكتافين ونصف، يتيح للأصوات الصعود الى جوابات أعلى، بينما القنبوس مساحته محدودة لا تتجاوز 11 نغمة، أي أوكتاف ونصف. وبالتأكيد إذا كان بمتناول مغنيي التراث اليمني العود الشرقي الأكبر حجمًا، كانوا استخدموه.
أعتقد في هذا السياق أرى عرض متحفي، وسط عناصر من العصر الحديث. للأسف ثقافتنا كموروث تقع تحت قبضة الحس الاستشرافي الذي يمارس تصوراته في جعل ثقافتنا ساكنة لا تتحرك، ولا تتطور.
ما يثير تساؤلي، وفقا للملمح العام، الذي ابتهجت به وامتدحته منذ العرض الأول في ماليزيا بعنوان “الأوركسترا الحضرمية”. هو مدى التطوير في العناصر اللحنية التراثية، نفسها، أي التطوير من داخلها، بمعزل عن توظيفها كما هي، مجاورة لعناصر لحنية أوركسترالية، تتناسق معها على مستوى السلالم اللحنية. أيضًا التوظيف الإيقاعي.
في واحدة من المشاهد، لاحظت تفاعل الجمهور مع حركة الإيقاع اليمني، من خلال توظيف آلات شعبية. علامات التطوير أيضًا بحاجة الى اجتهاد، من أجل تطوير الشكل الإيقاعي، من خلال تحديثه واضفاء زركشة تندمج فيها آلات الإيقاع الشعبية بالغربية. حتى هذا النوع الراقص، يمكن أن يكون جيدًا بتمازجه مع فرقة حديثة، أو طابع شرقي، ولست مع المبالغة الأوركسترالية في بعض اللمحات. أيضًا التنويع من خلال قوالب عديدة، تجانس نسخة من تخت يمني، بمجاورة ثيمات غربية. ليس هناك مساحة كافية لتفصيل تصوراتي العامة وهي مجرد اقتراحات ليست بالضرورة كاملة.
لكن التنويع في غاية الأهمية، أيضًا توظيف ثيمات من الموروث وتعديلها، وفق عدة مساحات لحنية، بمعنى استخدام بعضها كموتيف لحني، والموتيف عبارة عن خلية لحنية من مأزورتين، تتعرض لعملية تكرار لتصبح جملة لحنية، ثم التنويع على الثيمات اللحنية، من خلال توسيعها، وتقطيعها، لتدفع شكل من الحركة الموسيقية، وهذه تتطلب جهد موسيقي واشتغال، قد يصعب فهمها، وقد لا تستسيغها التصورات المتقوقعة ضمن نسق التراث.
أنا لا أنزع عن القحوم اجتهاده العام ومزاياه، لكني أيضًا أضع تصورات، يمكن أن تساعد على تشكيل طموح أوسع في تطوير الموسيقى اليمنية، التي بحاجة إلى دعم مؤسسي، بما في ذلك دعم عازفين وموسيقيين وفنانين بمنح أكاديمية في الموسيقى لتعزيز فننا بموسيقيين وفنانين على جميع المستويات، ذو كفاءة عالية، وتنشيط هذا الجانب من خلال تبني فعاليات متنوعة. لتكن حضرموت هي المركز أو أي منطقة يمنية، وفي الوقت الحالي حضرموت هي المناسبة لتبني هذا المشروع، لأنها أفضل حاضن ممكن للموسيقى خصوصا على المستوى الاجتماعي، وأيضًا على مستوى رؤوس الأموال المستعدين لكن من خلال استيعاب كل الكفاءات على المستوى اليمني وأيضًا العربي، إن أمكن.
قبل فترة رأيت، للفنان الصديق صابر بامطرف محاولة رائعة في إعادة تقديم لحن من الموروث هو “خيلت براقًا لمع” على البيانو، كان فيه لمحة تجديد، يبني تنويعاته على تطوير الثيمة اللحنية من داخلها.
لا يعني أني أفضل فنان على آخر، فكل له اجتهاداته، لكن العملية بحاجة إلى تفاعل الأفكار والتصورات، والتجارب الموسيقية، وكل سيأخذ حقه، في خدمة الفن اليمني والحضرمي وغيرها من الفنون اليمنية.
الفن يحتاج الى انصاف مستمر، ولست انزع عن أي اجتهاد حقه من التكريم، واذا لم يكن هناك في الكلام حافز للفنان يدفعه نحو التطوير والابتكار والعمل على ابداعه، فإنه سيستمر دائرة مغلقة حول نفسه. الموسيقى هي عملية متصلة بالممارسات اللحنية والاطلاع على تجارب والاستفادة منها، وحافزها النشاط والتنافس الخلاق.
مشاهدة ldquo نغم يمني rdquo تحت قبضة الحس الاستشراقي
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ نغم يمني تحت قبضة الحس الاستشراقي قد تم نشرة ومتواجد على بيس هورايزونس وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، “نغم يمني..” تحت قبضة الحس الاستشراقي.
في الموقع ايضا :
- بدون سابق إنذار.. وفاة التيك توكر شريف نصار وسط حالة من الذهول لمتابعيه
- السعودية.. ضبط مصري روج لحملات حج وهمية في مكة المكرمة
- مراسم رسمية بحضور الكاردينال كاميرلينغو وأقارب البابا الراحل