أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْــــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَــنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
للشهر الثاني من العام الثاني، يستمر العدوان الوحشي الإجرامي الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ويمارس العدو الإسرائيلي جرائم الإبادة الجماعية بالقتل والتجويع، ويستهدف كل مقومات الحياة.
في هذا الأسبوع، ارتكب العدو الإسرائيلي المجرم ما يزيد على ثلاثين مجزرةً دموية، استشهد فيها وجرح أكثر من (ألف وثلاثمائة فلسطيني)، معظمهم من الأطفال والنساء، ولأكثر من شهر يواصل العدو الإسرائيلي تصعيده الإجرامي الكبير ومذابحه الفظيعة شمال قطاع غزة، حيث تشير التقديرات إلى استشهاد أكثر من (ألفي فلسطيني) وجرح أكثر من (أربعة آلاف) خلال التصعيد العدواني هناك، ويمنع العدو الإسرائيلي دخول أي مواد غذائية أو طبية، ويفرض تحت القصف العنيف، والمذابح الكبيرة، والتجويع، تهجيراً قسرياً على سكان شمال قطاع غزة.
إجرامٌ متناهٍ يستخدم فيه العدو الإسرائيلي أشد أنواع القصف، ووسائل التدمير الشامل، لقتل أكبر عددٍ من المدنيين، وتدمير أكبر مساحةٍ من المباني، والحال في بقية قطاع غزة لا يختلف كثيراً، فالعدو يستهدف الأهالي الذين معظمهم نازحون، يستهدفهم بالغارات الجوية في مختلف أنحاء قطاع غزة، وبالقصف المدفعي في مراكز الإيواء وفي المخيمات، ويجوِّعهم، ففي خان يونس مثلاً- حيث هناك ما يقارب المليون نازح- مخبزٌ واحدٌ، ويتزاحم الناس على مدِّ البصر للحصول على ربطة خبزٍ واحدة.
العدو الإسرائيلي الفاشل في المواجهة العسكرية، والعاجز عن تحقيق أهدافه المعلنة من عدوانه على قطاع غزة، انتهج منذ البداية المسلك الإجرامي الوحشي للاستهداف الشامل للمدنيين، وأكثر ضحايا إجرامه هم الشهداء من الأطفال والنساء.
أمَّا على مستوى المواجهة العسكرية، فإخوتنا المجاهدون في قطاع غزة صامدون، ومتماسكون، وثابتون، وينكلون بالعدو، ويلحقون به الخسائر الكبيرة على مستوى عديده وعتاده، فهم يقتلون من ضباطه وجنوده، وهم يدمرون آلياته العسكرية ودباباته، وفي هذا الأسبوع كان هناك يقارب ستة عشر عملية لكتائب القسام، فيها الكمائن المنكلة بالعدو، والاشتباك المباشر مع جنوده، وإلحاق الخسائر المباشرة في صفوفهم، وكذلك التدمير للدبابات والآليات، والقصف بقذائف الهاون... وغير ذلك.
وكذلك سرايا القدس، لها الكثير من العمليات، من ضمنها: عمليات بالقصف الصاروخي إلى [مغتصبة سيديروت]، وهكذا العمليات التي تنفِّذها بقية الفصائل، التي تقاتل في سبيل الله تعالى، جنباً إلى جنب مع كتائب القسام.
العدو الإسرائيلي، في ظل فشله على مستوى المواجهة العسكرية، وعجزه عن القضاء على فصائل المقاومة، التي تجاهد في سبيل الله تعالى، وتتصدى لعدوانه وإجرامه، يعتمد في مقابل ذلك على ارتكاب الجرائم الكبيرة جداً، جرائم الإبادة الجماعية، ويتفنن في أنواع الجرائم، لكن ذلك- كما أكدنا كثيراً- لا يمثل إنجازاً عسكرياً مهما بلغ، مهما بلغ عدد ضحاياه من الشهداء من الأطفال والنساء، لا يمثل ذلك نصراً له، مهما دمَّر من المباني المدنية لا يعتبر ذلك نصراً له، ولا يزال في حالة الفشل الواضح والمؤكد.
مع طول الوقت، وحجم الإجرام المتراكم، ونحن في الشهر الثاني من العام الثاني، وجرائم الإبادة الجماعية، التي يرتكبها العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في غزة، هي جرائم يومية، في كل يوم، والمشاهد أيضاً لتلك الجرائم التي تنقلها وسائل الإعلام، ولاسيَّما القنوات الفضائية، وفي مواقع التواصل الاجتماعي، هي أيضاً مشاهد يومية، مشاهد مؤلمة، ومشاهد دامية، ومشاهد تُحرِّك الضمير الإنساني، لكل من بقي له ضميرٌ إنساني، تُحرِّك الشعور بالمسؤولية الدينية، في كل من بقي له ذرةٌ من الإيمان، والشعور بالانتماء للإسلام والدين الإلهي الحق، ولكن- للأسف الشديد- مع كل هذا المدى الزمني، وما تراكم فيه من مآسٍ وجرائم يرتكبها العدو الإسرائيلي، تتجدد مع كل يوم، فالموقف العربي ومن حوله الموقف الإسلامي- في معظمه- لا جديد فيه، فلا ما يستجد من جانب العدو الإسرائيلي من جرائم رهيبة جداً، ومنها: التصعيد الذي يقوم به حالياً في شمال قطاع غزة، ولا طول الوقت الذي عظمت فيه مأساة الشعب الفلسطيني، وكبرت فيه معاناته، ساعد أو أسهم في تحريك الضمير العربي الرسمي على المستوى الإنساني، أو الشعور بالمسؤولية الدينية، أو بأي دافعٍ وحافز، وهذا شيءٌ مؤسفٌ جداً! حالةٌ خطيرة، تعتبر من الدلائل الواضحة على مدى الإفلاس الإنساني، والأخلاقي، والإيماني، لدى معظم الأنظمة العربية، وعلى امتداد التأثير السلبي للموقف الرسمي، في واقع الكثير من أبناء شعوب أمتنا، الذين رضوا لأنفسهم بأن يكونوا متفرجين، وألَّا يكون لهم أي موقف بأي مستوى، وهذا شيءٌ محزنٌ جداً!
في الواقع الرسمي العربي، دعك عن مسألة القتال المباشر، أو الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، أو مع أمريكا وإسرائيل، ولكن حتى على المستوى السياسي، الدبلوماسي، وبقية الاعتبارات، ليس هناك موقف بما تعنيه الكلمة، موقف سياسي يمكن أن يصنف كموقف، أو موقف على المستوى الإنساني لمساندة الشعب الفلسطيني يمكن أن يصنف كموقف... ولا أي شيء، مجرد بيانات، وحتى البيانات بنفسها ضعيفة، الموقف نفسه مستمرٌ تجاه إخوتنا المجاهدين في فلسطين، لا تزال بعض الأنظمة الرسمية تصنفهم إرهابيين بدون أي ذنب، إلا جهادهم في سبيل الله تعالى، في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، عن فلسطين ومقدساتها فقط، لم يفعلوا شيئاً بتلك الأنظمة، لم يستهدفوها بأي استهداف، لا عسكري، ولا سياسي، ولا إعلامي... ولا أي شيء، هم أبرياء تماماً من أي موقف تجاه تلك الأنظمة، بل كانوا ولا يزالون حريصين على أن يبدوا تجاهها إيجابيةً، في كلامهم، في مواقفهم، في إعلامهم، في مساعيهم لأن تكون العلاقات إيجابية مع كل أبناء الأمة، ولكن دون جدوى.
ولاحظوا، مع كل ما قد فعله العدو الإسرائيلي ويفعله، من جرائم الإبادة الجماعية اليومية الفظيعة، من قتلٍ لآلاف الأطفال والنساء عمداً وعدواناً، من تجويعٍ للملايين من أبناء الشعب الفلسطيني... من غير ذلك، من انتهاكات للمقدسات، ولحرمة المسجد الأقصى الشريف، كل ذلك لم يدفع ببعض الأنظمة العربية- من أبرز الأنظمة العربية- إلى مستوى التصنيف فقط، التصنيف له بالإرهاب، تصنيف فقط في القوائم، حتى لو لم يتبعه أي خطوة عملية (عسكرية، أو أمنية)، حتى على مستوى التصنيف، لم يفعلوا ذلك، أليس هذا يُبَيِّن ما هم عليه من الاعوجاج، وأنهم مرتبطون بالأمريكي والإسرائيلي نفسه في طبيعة التصنيفات تلك؟ ولهذا لم يُصَنِّفوا العدو الإسرائيلي حتى التصنيف، حتى بعض الوسائل الإعلامية العربية، لم يرق موقفها إلى مستوى الحديث عن الإسرائيلي بالتوصيف الطبيعي لجرائمه كجرائم، للحديث عنها كجرائم فظيعة، وتوصيفها بما ينبغي أن توصَّف به، وبما ينبغي أن يوصَّف به أيضاً هو، وهو يرتكب تلك الجرائم، بل لا زال بعض الإعلام العربي يساند العدو الإسرائيلي، ويخدمه بشكلٍ مفضوح وواضح، وبشكلٍ مخزٍ، لا مثيل له حتى في المراحل الماضية.
هذه الحالة التي عليها الموقف العربي، ومن حوله الموقف الإسلامي، في معظمه مع وجود استثناءات، مع وجود استثناءات، لكن في معظمه، هو يذكرنا ببداية المأساة التي عانى منها الشعب الفلسطيني، كيف بدأت تلك المأساة، وهذا أيضاً يلفت نظرنا جميعاً إلى ذكرى مرَّت بنا في هذا الأسبوع، وهي: ذكرى وعد بلفور، وعد بلفور الذي كان في الثاني من نوفمبر قبل مائة وسبعة أعوام، وعد بلفور البريطاني المشؤوم، الذي وعد بتمكين اليهود، قدَّم التزاماً بتمكين اليهود الصهاينة من احتلال فلسطين، ثم التحرك من خلال فلسطين لإقامة ما يحلمون به، وتحقيق هدفهم الذي كان هدفاً واضحاً منذ البداية، وهو: إقامة إسرائيل الكبرى على مساحة كبيرة من البلاد العربية، واتجه البريطاني بعد ذلك الالتزام، الذي يسمى بـ(وعد بلفور)، اتَّجه في خطواتٍ عملية لتحقيق ذلك، في إطار احتلاله لفلسطين، من خلال تنظيم حملات استقدام لليهود من مختلف أنحاء العالم، إلى فلسطين، وتجنيد الآلاف منهم في إطار الجيش البريطاني؛ لإعدادهم عسكرياً، وتمكين نفوذهم في الانتشار في فلسطين، والسيطرة والنهب، وإعدادهم لذلك، ثم تشكيل عصاباتهم الإجرامية، ودعمها بالسلاح، وبالإسناد العسكري، في جرائمها واعتداءاتها على الشعب الفلسطيني، والاستهداف لأي تحرُّك فلسطيني جهادي وحر لمواجهة ذلك.
هناك دروس وعبر مهمة وكثيرة مما حصل في البداية، فعندما نتساءل بدايةً، ما هو الدافع الذي دفع البريطاني آنذاك، إلى الإقدام على تلك الخطوة العدوانية الإجرامية، التي تستهدف العرب في أوطانهم، وفي حريتهم، وفي حقهم، لماذا فعل ذلك؟ هل كان هناك من الوسط العربي ما استفز البريطاني، ودفعه إلى أن يقوم أولاً باحتلال أجزاء واسعة من البلاد العربية، ومن بعد ذلك أن يُقْدِم على ذلك الجرم الكبير الفظيع، الذي يستهدف جزءاً مهماً من البلاد العربية في البداية، لم تكن إلا البداية؛ من أجل أن يلحق بها خطوات أخرى، ويستهدف بذلك شعباً عربياً مسلماً مظلوماً، وأرضاً له، فلسطين هي التي للشعب الفلسطيني، وبلادٌ عربية إسلامية، وفيها مقدسات ذات أهمية بالغة للمسلمين، منها المسجد الأقصى الشريف، وفيها غيره أيضاً من المقدسات، هل كان هناك في الواقع العربي ما استفزه واستثاره، فكان ما قام به البريطاني ردة فعل على الاستفزاز العربي؟ هذه مسألة مهمة؛ لأن أي تحرُّك في المرحلة الراهنة، في الاتجاه الجهادي والتحرري ضد أعداء الأمة، يُوَصَّفُ من قبل المثبطين، ومن قبل العملاء، ومن قبل من ينقصه الوعي، على أنه تحرُّك استفزازي، ويُقَدَّم في أوساط الأمة على أنه هو من يمثل المشكلة، التي يجب الخلاص منها لتهدأ الأمة، ولتستقر أوضاعها، الدروس في البداية هي دروس مهمة جداً، مع دروس بعدها كثيرةٌ وكثيرة.
على العكس من ذلك تماماً، لم يكن في تلك المرحلة في الواقع العربي ما يستفز البريطاني، بل كان العرب في تلك المرحلة، وقبل الاحتلال البريطاني لمعظم البلدان العربية، كانت كثير من القوى العربية البارزة اتجهت لإقامة علاقات ودِّيَّة مع البريطاني، وتعاونت معه، وارتبطت بعلاقات قوية به، وقدمت له الخدمات الكبيرة، مقابل الوعود التي قدَّمها لها، في أن يمكنها من أن تكون هي المسيطرة على الواقع العربي، وأن تكون هي من يحكم الواقع العربي، مثل ما يفعله الأمريكي في هذه المراحل مع بعض الزعماء والأنظمة العربية تماماً، يبيعهم الوهم والسراب، في شكل وعود مُعَيَّنة من تمكينهم لأن يكونوا هم القوة الأساسية، والحاكمون، والمسيطرون، وهكذا باع بعض الدول العربية هذا الوهم في تلك المرحلة، في مقابل أن يتعاونوا معه، وتعاونوا معه، ودخلوا معه في علاقات كبيرة؛ حتى تمكن من احتلال بلدان كثيرة في العالم العربي، ثم تنكَّر لوعودهم، ونفى البعض منهم، وتجاهل كل ما قدموه له من خدمات، وتنكَّر لها بشكلٍ عجيب، وبجفاءٍ كبير، وَحَمَّلَهُم المسؤولية أنهم تعاملوا معه بغباء.
الضباط والقادة البريطانيون كانوا يقولون لمن وقف معهم من العرب، وتعاون معهم من العرب، في المرحلة التي يطالبهم فيها أولئك أن يفوا لهم بوعودهم، قالوا لهم: [أنتم أغبياء، وهذه مشكلتكم، كيف صدقتمونا؟! وكيف صدقتم وعودنا؟!]، وكانت المكافأة من نصيب من نصيب اليهود في إطار الحركة الصهيونية، التي تتجه فعلياً ضمن مشروع صهيوني آمنت به قوى في الغرب، في بريطانيا، وأمريكا، وأوروبا، واتَّجهت لدعمه، والمشروع الصهيوني يستهدف الأمة الإسلامية والعربية في كل شيء: في أرضها، وعرضها، ودينها، ودنياها؛ ولــذلك اتَّجه البريطاني لأن يستقدم اليهود إلى بلاد العرب والمسلمين، إلى فلسطين، ولم يكن منذ البداية الأمر مقتصراً على فلسطين؛ إنما كانت هي المقدمة؛ لأن اليهود لا يمتلكون من اللحظة الأولى، القدرة على تأمين الزخم البشري اللازم لانتشارهم في أنحاء واسعة من العالم العربي، لكن أرادوا أن تكون فلسطين هي البداية، وهذا كان واضحاً فيما بعد ذلك، ولا يزال واضحاً الآن في كل شيء: في ثقافتهم، في مناهجهم، في سياساتهم، في خططهم، في تصريحاتهم، في مواقفهم... في غير ذلك. وأتى التوافد الصهيوني اليهودي من مختلف أنحاء العالم إلى فلسطين- كما قلنا- في إطار رعاية بريطانية، وتجنيد، وتأهيل، وبناء، وإعداد، وتمكين، ودعم، ومساندة... وغير ذلك.
اليهود بأنفسهم، لماذا اتجهوا إلى تلك الخطوة العدائية، التي تستهدف الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية؟ هل كان هناك في تلك المرحلة بالتحديد ما يستفزهم من جانب العرب والمسلمين؟
على العكس من ذلك، كان اليهود- وعلى مدى قرون من الزمن- يعيشون في العالم الإسلامي في بلدان متعددة، وهم في حالة الشتات، في ظروف تختلف كثيراً عن الظروف التي يعيشونها في المجتمعات والبلدان الغربية، كانوا يعيشون بأمن وأمان وسلم وسلام، ويعيشون في ظل أجواء يعيشون فيها الاستقرار وظروف ملائمة للحياة، لم يكن هناك حالة اضطهاد لهم، ولا ظلم لهم، بل على العكس من ذلك، كانت بعض الدول في العالم الإسلامي، وفي مراحل كثيرة من التاريخ الإسلامي، تعاملهم في بعض الأحيان أحسن من الكثير من المسلمين، من المواطنين المسلمين، وهذا شيءٌ معروف في التاريخ الإسلامي، وفي تاريخ كثيرٍ من الدول، والحكومات التي تعاقبت في تاريخ المسلمين، كيف كانت تتعامل معهم، بل كانوا هم، في كل مرحلة من مراحل مآسي الأمة ونكباتها، من يبادرون إلى التآمر على المسلمين، مع أي عدوٍ يستهدفهم، وهذا أيضاً معروفٌ في التاريخ، وموثقٌ في كتب التاريخ.
مع ذلك اتجهوا هم (اليهود)، وهم الذين تعرَّضوا في البلدان الغربية في مراحل معينة، قبل أن يؤثِّروا على الثقافة الغربية، وقبل أن يخترقوا المعتقدات، بما يغيروا النظرة إليهم تماماً، وقبل أن يرسِّخوا المشروع الصهيوني كمعتقد ديني في أوساط البلدان الأوروبية، وفي أمريكا، ما قبل ذلك تعرضوا في مراحل تاريخية معينة لاضطهاد كبير هناك، وقمع شديد، وإذلال كبير، وهذا معروفٌ أيضاً في التاريخ؛ لكنهم اتجهوا بكل حقد، وعداء شديد، ضد المسلمين، ولاستهداف المسلمين، بدءاً بالشعب الفلسطيني، والذي حدث أنهم اتجهوا ضمن مشروعهم ذلك، الذي جعلوا له صيغةً كمعتقدٍ ديني، وأصبحوا يتحركون على أساسه، ويشترك معهم الغرب، في كثيرٍ من قواه وحُكَّامه وأنظمته، في الإيمان بذلك المعتقد الصهيوني، الذي يستهدف أمتنا الإسلامية، وبلادنا العربية، في إقامة ما يسمونه بـ[إسرائيل الكبرى]، من النيل إلى الفرات، ومعظم الجزيرة العربية، ومكة والمدينة، ومن ثم السيطرة على بقية المنطقة بكلها، كما يقول المجرم نتنياهو: [تغيير الشرق الأوسط بكله]، ومن ثم تعزيز نفوذ عالمي لهم، وصولاً إلى إقامة حلمهم، بحكومة عالمية يحكمون منها العالم، من خلال سيطرتهم على البلاد العربية، بعد أن يكونوا قد تخلصوا من المسلمين والعرب، كما فعل الأوروبيون الذين اتجهوا إلى أمريكا، وقاموا بالقضاء تماماً على (الهنود الحمر) السكان الأصليين لأمريكا، الذين كانت تُقَدَّر أعدادهم في بعض المصادر التاريخية بثلاثين مليون نسمة، وعندهم هذا الأمل: أن يتخلصوا من العرب بوسائل كثيرة، وأن يستفيدوا منهم، وأن يكون لهم برنامج مرحلي، في كل مرحلة يحققون مستوىً معيناً من النتائج، وقدراً من الإنجازات، حتى يصلوا إلى هدفهم الكبير.
إذاً بريطانيا أقدمت على هذه الخطة من دون استفزاز، من دون أي تحرُكٍ مناوئٍ لها، أو معادٍ لها، في معظم البلدان العربية، إلا القليل النادر، في مناطق لم يصلوا إليها؛ أمَّا بقية القوى، الأنظمة، كانت متعاونةً معهم، منسقةً معهم، متواطئةً معهم، وتواطأ البعض منهم حتى فيما يتعلق بالوضع في فلسطين، وأسهمت بعض الأنظمة العربية- آنذاك- في العمل على إيقاف الحركة الثورية الجهادية للشعب الفلسطيني في مراحل مهمة، كان يمكن أن يكون لها جدوى بشكلٍ كبير، وتأثير كبير على الوضع هناك، وتعاونوا مع بريطانيا.
الصهاينة منذ المرحلة الأولى تعاملوا بحقد وإجرام، وإبادة جماعية، استهدفوا الشعب الفلسطيني في القرى، في المدن، بأفظع جرائم الإبادة والقتل، في بعض القرى كانوا يجمعونهم إلى مسجد القرية، ثم يقومون بإبادتهم بشكلٍ كامل، قتلوا بعض الأهالي في بعض القرى بالسكاكين والخناجر والفؤوس، حتى الأطفال والنساء استهدفوهم بذلك... جرائم كثيرة جداً، مسلكهم الإجرامي كان منذ اليوم الأول، وهل كانت القضية آنذاك ايرانية؟! آنذاك لم يكن لإيران أي علاقة بما يحدث في المنطقة العربية، كانت هناك، أيضاً عانت في مراحل معينة من الاحتلال البريطاني، والسيطرة الأجنبية، ومن بعد ذلك أنظمة موالية لأمريكا وبريطانيا والغرب، ما قبل الثورة الإسلامية في إيران؛ فإذا لم تكن المسألة ردة فعل تجاه إيران، ولا موقف من أجل إيران، ولا علاقة لإيران بالموضوع، والمستهدف منذ البداية كان هو العرب، الثورة الإسلامية من وفائها للإسلام، لقيمها، لمبادئها التي قامت عليها، أنها تبنَّت النصرة للشعب الفلسطيني كواجبٍ إسلامي، وهذا هو واجبها الإسلامي فعلاً، وبقيت مستمرةً على هذا الأساس، وهذه إيجابية كبيرة جداً.
العوامل الأساسية التي مكَّنت من تحقيق وعد بلفور، ومن أن ينجح البريطاني، وكان هناك دفع أمريكي، هناك مصادر تاريخية تؤكِّد على أن الأمريكي- من تلك المرحلة المبكرة- كان من ضمن من سعى لدفع البريطاني إلى تحقيق ذلك، وإلى فعل ذلك، وإلى الإقدام على هذه الخطوة العدوانية، التي استهدفت أمتنا الإسلامية في بلادها العربية. العوامل التي مكنت الأعداء من ذلك ما هي؟
أولها: وضعية الأمة.
وثانيها: رعاية الغرب الكافر: البريطاني، ومعه الأمريكي؛ ومن بعده الأمريكي، وأصبح البريطاني في ظله، الدور الأبرز هو لأمريكا وبريطانيا، مع أنه هناك تعاون من فرنسا، من ...
مشاهدة نص كلمة قائد الثورة حول آخر التطورات الخميس 7 11 2024
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ نص كلمة قائد الثورة حول آخر التطورات الخميس 7 11 2024 قد تم نشرة ومتواجد على 26 سبتمبر نت وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، "نص" كلمة قائد الثورة حول آخر التطورات الخميس 7-11-2024.
في الموقع ايضا :
- القنوات الناقلة لمباراة الوداد الرياضي ونهضة الزمامرة اليوم في الدوري المغربي مع الموعد
- تشكيلة برشلونة لمواجهة ريال مدريد
- تشكيلة ريال مدريد الأساسية لمواجهة برشلونة في كلاسيكو الأرض