"الزعيم" بنيونس مرزوݣي.. مسار باذخ لنقابي وجامعي وإعلامي "مات فارغا" ...المغرب

هسبريس - اخبار عربية
الزعيم بنيونس مرزوݣي.. مسار باذخ لنقابي وجامعي وإعلامي مات فارغا

توفي، بمدينة وجدة، الأستاذ بنيونس مرزوݣي، عن عمر ناهز سبعين سنة. يعرف بأستاذ الأجيال، أصدقاؤه المقربون من شخصيات عامة وصحافيين وسياسيين وأكاديميين يلقبونه بـ”الزعيم”. شخصية فريدة، ترعرع وعاش على البساطة وقساوة الحياة والطبيعة؛ مما جعل الجدية تعلو محياه. حياته حافلة بالأحداث والوقائع، رافق تحولات سياسية مفصلية شهدها المغرب منذ سبعينيات القرن الماضي.

كتب عنه الصحافي علي تزلكاد في يونيو 2000 مقالا بجريدة “ماروك إيبدو أنترناسيونال” تحت عنوان “زعيم بالرباط” بعد تعيينه في مهام وزارية استشارية، ويصفه على الشكل التالي: “نشيط، ذكي، جذاب، ولد ليكون زعيما، قائدا للإضرابات والفرق الموسيقية والنقابة بجامعة محمد الأول، حيث جسد منذ 21 سنة متواصلة حركة سياسية يسارية ما يزال يناضل وسطها باستمرار”.

    خفيف الظل، يستقبلك دائما بابتسامة عريضة وبعبارة لا تفارقه أبدا، لا يتوقف عن ترداد “أهلا وسهلا” عندما يستقبل الناس أو يجيب على هاتفه. سريع البديهة، يمتلك ذاكرة قوية وقدرة عجيبة عل الاستذكار، يتذكر ويحفظ بسهولة أسماء الأشخاص وملامح وجوههم، ومختلف التواريخ والتفاصيل الدقيقة وأسماء الأماكن وعناوين الكتب.

    لا يعبأ بالمظاهر كثيرا. رجل صلب الشكيمة، رغم سنه هو شاب الهمة، لا تفارق البسمة والبهجة محياه. يحب الدعابة وينثر خيوط السعادة والألفة والمؤانسة في كل جلساته، شديد الإحساس بمحيطه، وحسه الاجتماعي الذكي يجعله سهل المعشر، يتسع قلبه لجميع الناس. منذ أول احتكاك يزيح عنك المسافة والحذر والبروتوكول، فلا تشعر معه بأية كلفة لأنه إنسان بسيط يبتعد ما أمكن عن الشكليات والأضواء.

    عبر مسار سياسي حافل من تنظيم “23 مارس”، منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لغاية الاندماج في الاتحاد الاشتراكي، كان الأستاذ بنيونس مرزوݣي شاهدا على منعطفات سياسية مفصلية عاصر خلالها كبار السياسيين والإعلاميين المغاربة. ذاكرة حية زاخرة بتفاصيل عديدة عن الحياة السياسية والدستورية المغربية منذ ثمانينيات القرن الماضي، ذو معرفة عميقة ودقيقة بالكثير من محطات التاريخ الراهن للمغرب.

    وجه مألوف في القنوات التلفزيونية والإذاعية الوطنية والجهوية، ذو فكر موسوعي، متعدد المواهب، موسيقي موهوب منذ شبابه؛ ومتذوق للسينما وممارس للمسرح. علمته دروب الحياة دروسا عديدة، حياته لم تعرف فراغا ولا مللا، هي مملوءة بزخم من الأنشطة التدريسية الأكاديمية والسياسية والجمعوية والنقابية. مناضل يساري، عُرف بفصاحة الفكر وتفاؤل الإرادة.

    الاسترسال في تبادل الحديث معه يجعلك تنغمس في عبق زمن السبعينيات والثمانينيات، فهو شاهد وجزء من العديد من التجاذبات والصراعات والحروب الإيديولوجية والفكرية خلال توهج الفكر اليساري.

    هو نافذة واسعة مفتوحة تطل على الكثير من التفاصيل الدقيقة للتاريخ الراهن للمغرب، والتي لن تجد لها أثرا في أي كتاب أو مذكرة، خصوصا المرحلة الحرجة للصراعات السياسية والتدافع الإيديولوجي الحاد بالمغرب. لديه قصص مثيرة وطريفة مع العديد من الشخصيات السياسية والفكرية، ويمتلك قدرة على الحكي بنفَس السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع السياسي.

    تمرس وخبر العمل الصحافي والنقابي والجمعوي والنشاط الحزبي السياسي، راكم تجربة طويلة وثرية في تقريب الجامعة والبحث العلمي من القضايا الضاغطة للسياسة والمجتمع، وجعل الجامعة في صلب المجتمع والتدافع السياسي وخدمة قضايا الوطن. ولم يبخل يوما في الإسهام في أنشطة الجامعات والجمعيات والأحزاب في كل الربوع، كرس جزءا كبيرا من حياته لربط الجامعة بمحيطها الاجتماعي والسياسي، فكان دائم الحضور في العديد من الندوات، متتبعا نهما وفاعلا لمختلف المسارات السياسية والدستورية المفصلية في تاريخ المغرب الحديث.

    ذاكرة مرجعية لا محيد عنها بخصوص تاريخ مدينة جرادة حين كانت مدينة عمالية كوسموبوليتية زاخرة بزخم نقابي وسياسي وثقافي وفني فريد من نوعه في التاريخ الحديث للمغرب. فضلا عن كونه أحد أفضل من له إطلاع واسع على ذاكرة جرادة، فإنه أيضا الحارس الأمين الحافظ لذاكرة كلية الحقوق بوجدة منذ عام 1979، وعلى معرفة دقيقة بأساتذتها وأحداثها، ولديه سجل توثيقي وأرشيف ضخم ومرتب بشكل احترافي، معزز بالصور حول الأنشطة العلمية والنقابية التي عرفتها كلية الحقوق منذ بداياتها.

    في البدء كان حاسي بلال والمنجم

    مرزوݣي بنيونس مزداد بتاريخ 13 دجنبر 1954. كان من المفروض أن يزداد بجرادة؛ لكن لصعوبات صحية ألمت بوالدته ازداد بمستشفى الفارابي بوجدة. من عائلة عمالية ونقابية؛ فوالده وبعض إخوته عمال منجميون.

    يعتبر نفسه ابن منطقة حاسي بلال، ويعتز بالانتماء إليها. اشتغل والده منذ 1936 بمنجم جرادة وتوفي في 26 ماي 1964 بمرض السيليكوز الذي نهش أجساد المئات من العمال المنجميين. أمضى جزءا من طفولته في الحي المغربي (حي الأهالي) بحاسي بلال، وهي عبارة عن مجموعة أحياء عمالية متناثرة، كل حي مخصص لقبيلة أو مدينة ما (ديور مراكش، ديور تازة، دبدو…). وحدث انصهار عجيب بين مجموعة مكونات: السوسية، التازية، الصحراوية، المراكشية، الريفية، والمكونات القبلية المحلية العربية والأمازيغية.

    عاش طفولته في زخم الحياة العمالية بالمنجم ومتأثرا بكفاح والده البسيط، الذي سكن في “باب السمار” أو “ديور الزنك” التي كانت بؤرة عمالية لا تخطئها العين. وهو طفل شهد الاعتصامات والإضرابات وتدخل القوات العمومية في بداية الستينيات، كان يقف بجانب والده مرات عديدة خلال اندلاع مواجهات أو مناوشات مع القوات العمومية. واكتشف التمييز الطبقي واصطدم واتقد وعيه السياسي والنقابي في سن مبكر وهو يعاين الحياة البئيسة بالمنجم ويشاهد الشرخ الواسع بين الأحياء العمالية المغربية الفقيرة ومساكن الأوروبيين الراقية جدا في ما سمي بالحي الأوروبي. لم يكن هناك وجه للمقارنة، فالمدينة الأوروبية مشكلة من مساكن فيلات شاسعة مع نوافذ واسعة ووسط حدائق من الأزهار والأشجار. أما مساكن الحي العمالي المغربي فكانت بئيسة ضيقة ولا تصلح للبشر.

    جرادة حاسي بلال، القلعة العمالية الكبرى وبلاد الرغيف الأسود، بصمت حياة الأستاذ مرزوݣي بنيونس للأبد، سكنته في أعماقه وأحبها حتى الثمالة وعشقها عشقا مؤلما، وشمته بندوب الألم وإشراقات الأمل والأحلام، منحته معنى الحياة وصقلت مسار حياته وحررت طاقاته.

    ينتمي مرزوݣي إلى عائلة شغوفة بالموسيقى، شغفه بالموسيقى كان مبكرا، ويمتلك “الزعيم” حسا فنيا مرهفا في الموسيقى وهو عازف جيد للغيتار والسنتيتيزور (جهاز المزج)، ويعزف أيضا على آلة العود، ولديه إعجاب شديد بالفرقة الغنائية الشهيرة البيتلز وبفرقة ناس الغيوان.

    شكل في حاسي بلال منذ شبابه فرقة موسيقية غيوانية، مع إخوانه ومجموعة من أصدقائه. وبعد تيه كبير بين الأغاني الشعبية المغربية، اختار النمط الغيواني. وبعد التحاقه بكلية الحقوق بوجدة، وجد نفسه وسط أساتذة يجيدون العزف، سواء على آلة العود أو القيثارة أو الناي..

    مع منتصف سبعينيات القرن الماضي، وخلال حياته الجامعية في فاس كان معروفا بقيثارته، وكثيرا ما كان ينشط الأمسيات الطلابية بحي “ظهر المهراز”.. وعلى الرغم من أنه كان يحب آلة البانجو فإن ثمنها لم يكن في المتناول. واستمر اهتمامه بالعزف حتى عند الانتقال لمتابعة الدراسات العليا في الرباط. استمر الأستاذ بنيونس على عهده حين يضيق صدره يختلي بنفسه للاستمتاع بالعزف على البانجو.

    حس حقوقي مبكر

    انخرط بشكل مبكر في العمل الحقوقي، كان من أوائل أعضاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بعد تأسيسها عام 1979، وكان يحمل بطاقة انخراط رقم 17، واكب وشارك في العديد من الأنشطة والتكوينات والمحاضرات والندوات التي نظمتها الجمعيات الحقوقية المختلفة وبالخصوص الجمعية والعصبة والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، وكانت تهم مواضيع متعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والحقوق السياسية والمدنية، والحقوق الثقافية، وقضايا المساواة ومقاربة النوع، والدستور وحقوق الإنسان، والانتخابات، والضمانات القانونية والقضائية للحق في الإضراب، والحق في تأسيس الجمعيات…

    كما نشر العديد من المقالات والدراسات والتقارير ذات الصلة الوثيقة بحقوق الإنسان. وكان “الزعيم” من أوائل الأكاديميين الذين أثاروا مسألة دسترة الأمازيغية. وعند تحضير مشروع دستور 1992 قام بجولة ألقى فيها محاضرات تحت عنوان “الحقوق اللغوية والثقافية في التجارب الدستورية العالمية”، وطالب فيها آنذاك بدسترة الأمازيغية؛ لكن بعد ازدياد الوعي بالقضية الأمازيغية بين 1996 و2011 لم يعد يهتم بالموضوع.

    الاهتمام بمجال الحقوق والحريات جعل الأستاذ بنيونس ينخرط في مختلف المبادرات الحقوقية؛ بل ويساهم في أنشطتها، بغض النظر عن تحيزاتها السياسية. فإضافة إلى التنظيمات أعلاه، عمل مع مركز حقوق الناس، والهيئة المغربية لحقوق الإنسان، والمركز المغربي لحقوق الإنسان. كان صديقا ورفيقا للعديد من الحقوقيين، وبادر إلى المطالبة بإحداث المجلس الأعلى للمرأة ودسترته وتم تعيينه عام 2012 عضوا باللجنة الجهوية لحقوق الإنسان لوجدة ـ فكيك التابعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.

    عرف “الزعيم” بدفاعه عن حقوق النساء، وكرس جزءا كبيرا من جهوده الأكاديمية والتكوينية للدفاع عن تعزيز تمثيلية النساء في مراكز صنع القرار وإنصاف المرأة المغربية، ونشر دراسات عديدة تهم إشكاليات وقضايا المناصفة والمساواة والتمكين السياسي للنساء، ووضعية النساء في كل من مدونة الأسرة والقانون الجنائي وقانون الشغل.

    شارك في تحرير أو تنقيح وتصحيح العديد من التقارير الدولية حول الحقوق النسائية، وخاصة من ذلك التقرير حول “القوانين والسياسات والممارسات المتعلقة بواقع مقاربة النوع الاجتماعي بالمغرب”، لصالح المركز الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية، إضافة لدراسات أخرى لفائدة هيئة الأمم المتحدة للمساواة، من قبيل دراسة موسعة حول مشروع قانون هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز. كما أنه واكب أشغال لجنة مجلس النواب الخاصة بالمساواة والمناصفة.

    مسار  زاخر

    حصل على الإجازة في العلوم السياسية سنة 1977من كلية الحقوق جامعة محمد بن عبد الله بفاس، وعلى دبلوم الدراسات العليا في القانون العام من جامعة محمد الخامس سنة 1984بعد شهادتي دبلوم الدراسات العليا في علم السياسة والعلاقات الدولية عامي 1978 و1979. كما حصل على دكتوراه الدولة في القانون العام سنة 2022. غالبا ما يقدم نفسه كأستاذ باحث في القانون العام، ولكنه في الواقع أكثر من ذلك.

    لا يمكن ذكر كلية الحقوق بوجدة إلا ويكون اسمه حاضرا، فقد كان من مؤسسيها عام 1979 مع أغلبية من الأساتذة الأجانب القادمين من مصر والأردن وسوريا والعراق والسودان وفرنسا. التحق الأستاذ مرزوݣي بكلية الحقوق بجامعة محمد الأول في فاتح أكتوبر 1979. تفاجأ بأن كل طاقم هيئة التدريس كانوا في القانون من الأساتذة الأجانب العرب، وشعبة الاقتصاد كانت “مليئة” بالأساتذة الفرنسيين أساسا! تأثير العيش بجرادة كان واضحا على نزعته النقابية، أول شيء قام به بعد التوقيع على محضر استلام العمل في فاتح أكتوبر 1979 هو البحث عمن يؤسس معه فرعا للمكتب المحلي للنقابة الوطني للتعليم العالي. وكان أول كاتب عام لأول مكتب محلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بكلية الحقوق، كان المكتب نشيطا ويعقد لقاءات عديدة مع تعاضدية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بالكلية.

    يمتلك قدرة هائلة وذاكرة قوية بتفاصيل التفاصيل، عبر حسابه بالفيس بوك والمواقع الإعلامية لم يتوقف عن تقديم مادة إعلامية وفكرية جادة يعلق فيها عبر حلقات عديدة على الكثير من الوقائع الدستورية والأحداث السياسية الوطنية والدولية، وكذا على ذكرياته بجامعة محمد الأول. عضو في هيئات علمية عديدة؛ كالجمعية المغربية للقانون الدستوري، ومجموعة البحث في القانون والأسرة بكلية الحقوق وجدة، ومركز الدراسات والأبحاث حول الهجرة المغاربية، ومجموعة البحث في العلم والثقافة… شارك في ندوات دولية عديدة بإسبانيا والأردن وتونس والجزائر ولبنان،… كما أنه كان عضوا في اللجان العلمية للعديد من المجلات الأكاديمية.

    درس الأستاذ مرزوݣي بنيونس لأجيال من الطلبة، الكثير ...

    التفاصيل من المصدر - اضغط هنا

    مشاهدة الزعيم بنيونس مرزوݣي مسار باذخ لنقابي وجامعي وإعلامي مات فارغا

    يذكر بـأن الموضوع التابع لـ الزعيم بنيونس مرزوݣي مسار باذخ لنقابي وجامعي وإعلامي مات فارغا قد تم نشرة ومتواجد على هسبريس وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.

    وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، "الزعيم" بنيونس مرزوݣي.. مسار باذخ لنقابي وجامعي وإعلامي "مات فارغا".

    في الموقع ايضا :

    الاكثر مشاهدة في اخبار عربية


    اخر الاخبار