قلم :حسن قديم
في ذهن العرب عندما يذكر ناجي العلي تحضر صورة حنظلة وهو يعقد يديه خلف ظهره، وصارت هذه الرسمة توقيعا يمهر به العلي رسوماته، التي بلغت أكثر من أربعين ألف رسما. حنظلة الذي ولد في 5 يونيو 1969، لكن لن يكبر وسيبقى طفلا إلى حين عودته إلى أرضه فلسطين.
يعرف حنظلة نفسه بالقول “اسمي حنظلة، ولدت في 5 حزيران 1969،اسم أبي مِشْ مهم. أمي اسمها النكبة، وأختي اسمها فاطمة. نمرة رجلي ما بعرف لأني دايما حافي، أنا مِشْ فلسطيني ولا أردني، مش كويتي ولا لبناني ولا مصري أنا عربي”.
وفي سنة 1973 سيكتف ناجي العلي يدي حنضلة بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول دلالة على رفضه المشاركة في حلول التسوية الأميركية في المنطقة، “فهو ثائر وليس مطبعا”، يقول ناجي العلي.
كانت رسومات ناجي العلي صامتة، ولكن صوت صمتها أزير رصاص مسموع لدى الاحتلال والتزام كبير بالقضية الفلسطينية وعدالتها، كانت له رسالة وأحلام عبر عنها بريشته المقاومة والثائرة في وجه الظلم والطغيان، فبعض الأحلام لا تحتاج إلى كلام.
زاد تنافر العرب وعربدة إسرائيل الوضع المأزوم مصيبة على مصيبة، ومن رحم هذه الظروف اختار ناجي العلي الريشة للنضال ولتعرية هذا الواقع الموغل في الصراع والاقتتال والتفرقة والخذلان والخيانة.
وجد ناجي العلي جنس الكاركاتير ترياقا لمواجهة توحش الاحتلال الإسرائيلي وبندقية للدفاع عن أرضه، فانخرط بكامل جوارحه في هذا الفن المقاوم، لدرجة أنه قرر الرسم بأصابع رجله إذا قطعوا يديه، بحسب تعبيره “ولو ذوبوا يدي بالأسيد، سأرسم بأصابع رجلي”.
ارتبط اسم ناجي العلي بحنظلة الذي أصبح رمزا للنضال العربي ورمزا ضد الظلم والطغيان وتحول إلى أيقونة تتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل، ليتجاوز ناجي العلي بفنه الذات الفلسطينية ويشمل الكل، الوضع العربي بكل أقطاره. ساهمت رسوماتi أيضا في تشكيل رأي عربي رافض للاحتلال. هذا الوعي ستكون له آثاره على استمرار ارتباط الشعوب العربية بقضيتها الأولى.. قضية تحرير فلسطين.
يقول ناجي العلي عن رفيقه وطفله “ولد حنظلة في العاشرة في عمره وسيظل دائما في العاشرة من عمره، ففي ذلك السن غادر فلسطين، وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعد في العاشرة، ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه، لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء.. حنظلة هو بمثابة الأيقونة التي تحفظ روحه من الانزلاق، وهو نقطة العرق التي تلسع جبينه إذا ما جبن أو تراجع”.
ذاق ناجي العلي، الذي ولد في 1937 في قرية “الشجرة” بمنطقة الجليل، ويلات التشرد منذ النكبة الأولى سنة 1948، بعد أن نزح رفقة عائلته طفلا صغيرا، وعاش في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان، ليتعرض إلى الاعتقال على يد الاحتلال الإسرائيلي، بسبب أنشطته المناهضة للاحتلال، وداخل أقبية الاعتقال سيبدأ ناجي العلي رحلة الرسم.
اكتشف غسان كنفاني ناجي العلي أول مرة، بمخيم عين الحلوة بلبنان سنة 1962 خلال فعاليات مهرجان لدعم فلسطين، بعد أن عرض ناجي العلي بعض رسوماته ضمن معرض لرسومات الأطفال، الذي كان مشرفا عليه بصفته معلما للرسم للأطفال، فأعجب كنفاني برسومات ناجي لما تحمله من رسائل قوية عن النكبة والشتات وحلم العودة.
نشر غسان كنفاني لناجي العلي أول مرة ثلاث رسمات سنة 1961، في مجلة “الحرية” التي كان مديرا لها، لتنطلق رحلة الصداقة الطويلة بين الرفيقين الشهيدين، إلى أن لقيا المصير المشترك معا.. الاغتيال.
آمن ناجي العلي كرفيقه غسان كنفاني أن طريق تحرير فلسطين واحدة وحيدة البندقية: “لا أفهم هذه المناورات، ولا أفهم هذه السياسة، طريق فلسطين واحدٌ وحيدٌ هو البندقية”.
يقول غسان كنفاني عن ناجي العلي: “إن الحِدة التي تتسم بها خطوطه، وإن قساوة اللون المرعبة، وإن الانصباب في موضوعٍ معين تدل على كل ما هو يجيش في صدره بشكل أكثر من كاف”. هكذا اختار ناجي العلي الرسم والخطوط وسيلة للنضال من أجل التحرر ومناهضة الظلم وطغيان الاحتلال، والدفاع عن أرض فلسطين.
استطاع ناجي العلي يصنع وعيا كبيرا لدى شعوبنا، عجز عن صناعته الإعلام العربي، وأثبت للعالم والأجيال العربية اللاحقة عنصرية إسرائيل ووحشيتها وعقيدتها المبنية على التقتيل والتهجير، ووقف بفنه ضد كل محاولات اختراق الوعي العربي.
لقد علمنا ناجي العلي وغسان كنفاني المعنى الحقيقي للانتماء إلى الوطن، والاستعداد للدفاع عنه بكل شرف وشموخ، فالأوطان ليست أصلا تجاريا يخضع لمنطق السوق ولمن يدفع أكثر، إن حرية الأوطان ثمنها دماء الشهداء.. رحم الله شهيدينا غسان وناجي.
يقول الشهيد الخالد غسان كنفاني “حين تخون الوطن، لن تجد ترابا يحن عليك يوم موتك، ستشعر بالبرد حتى وأنت ميت”.
كان ناجي العلي يعلم أن التزامه بقضيته ورفضه للمساومة سيجر عليه الويلات، ليس فقط الاعتقال، بل قد تصل إلى الاغتيال يقول العلي “اللي بدو يكتب لفلسطين، واللي بدو يرسم لفلسطين، بدو يعرّف حاله: ميت”.
غادر ناجي العلي الحياة متأثرا بطلقة غادرة في سنة 1987 بلندن، دون أن يعرف قاتله إلى اليوم، غادر وسيبقى آخر الاحياء كما قال الشاعر أحمر مطر، رحل ناجي وترك طفله حنظلة يواصل مسيرة النضال الوطني والعربي، وهو لم يكبر بعد.
غاب ناجي العلي جسدا، لكن روحه مازال ترفرف، وفكرته صامدة بالعودة ولم الشتات وعصية عن الكسر والنسيان.
صحافي مغربي
مشاهدة ناجي العلي الريشة المقاومة التي اغتالتها رصاصة غادرة قلم حسن قديم
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ ناجي العلي الريشة المقاومة التي اغتالتها رصاصة غادرة قلم حسن قديم قد تم نشرة ومتواجد على ازيلال 24 وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، ناجي العلي.. الريشة المقاومة التي اغتالتها رصاصة غادرة قلم :حسن قديم.
في الموقع ايضا :
- مسلسل المدينة البعيدة الحلقة الأخيرة.. أحداث مثيرة للجدل
- وزير الداخلية يبعث ببرقية تهنئة للرئيس السيسي بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك
- تحذير من أمطار رعدية وارتفاع في درجات الحرارة بعدة ولايات جزائرية اليوم