قراءة تركية: هل تستطيع الولايات المتحدة تدمير اقتصاد أي دولة؟ ...الشرق الأوسط

ترك برس - اخبار عربية
قراءة تركية: هل تستطيع الولايات المتحدة تدمير اقتصاد أي دولة؟

ترك برس

تناول تقرير للكاتب والمحلل السياسي التركي نيدرت إيرسانال، تحوّل موقع الولايات المتحدة في النظام العالمي، وتراجع قدرتها على التحكم المطلق في الاقتصاد العالمي وفي اقتصادات الدول الأخرى.

    ويحلل التقرير الذي نشرته صحيفة يني شفق الأبعاد الاقتصادية والأمنية لتقليص نفوذ واشنطن، خاصة في ظل تعثر مشاريعها العسكرية والتحالفية، وفقدان أدوات الضغط التقليدية – كالعقوبات ونظام "سويفت" – فعاليتها أمام صعود قوى اقتصادية بديلة مثل الصين وروسيا.

    كما يستعرض الكاتب التحولات في التوازنات الجيوسياسية، مشيرًا إلى أن الانسحاب الأمريكي التدريجي من قيادة العالم لا يجري من موقع قوة، بل نتيجة أزمات داخلية وخارجية متراكمة، جعلت العالم يدخل مرحلة انتقالية غامضة تتسم بعدم اليقين، وربما تشي بولادة نظام دولي جديد.

    وفيما يلي نص التقرير:

    هل ما تزال الولايات المتحدة قادرة على التحكم في اقتصادها هي واقتصاد العالم في آن معًا؟ وإذا أردنا أن نتعمق أكثر يمكننا أن نطرح السؤال التالي: "هل تستطيع الولايات المتحدة تدمير اقتصاد أي دولة؟"

    لقد باتت الولايات المتحدة اليوم أقل حماسة في الانخراط ودعم منظومات الأمن الأطلسية والعالمية التابعة لها. ومن بين المبررات التي تسوقها لذلك: الكُلفة الباهظة. فحتى وقت قريب، كانت الردود المتعجرفة تُجهض أية إشارات إلى احتمال انسحاب الولايات المتحدة من الساحة الدولية بقولهم: "هل تعلم كم عدد القواعد الأمريكية المنتشرة في العالم وفي منطقتنا؟ وكم يبلغ عدد جنودها؟". وإذا ألححت أكثر، كانوا يردون بحدة: "هل تدري كم يبلغ حجم ميزانية الدفاع السنوية للولايات المتحدة؟ إنها تعادل أضعاف ميزانية تركيا بكذا وكذا مرة". غير أن أحدًا لم يكن يعير اهتمامًا للأسئلة الجوهرية من قبيل: كم يُصرف منها على الرواتب والنفقات الورقية؟ وما هي الكُلفة اليومية لتشغيل قاعدة عسكرية واحدة؟

    ولأن الإدارة الأمريكية نفسها لم تكن تكترث لمثل هذه التساؤلات، فإن الحروب التي خُيضت "كحلول " لم تكن كافية حتى لإشباع نهم "المجمع الصناعي الدفاعي". ولهذا، لم تعد واشنطن اليوم راغبة في إشعال حروب جديدة، ولا تشجع على ضخّ الدولارات بسخاء في مسارات القوة العسكرية والتحالفات الدولية.

    ولكن سطحية الطرح في هذه القضايا جعلت الرأي العام يغفل عن حقيقة أن "أكبر أسطول في العالم بلا منازع" غير قادر على تجديد سفنه أو حتى صيانتها."

    غير أن الحقيقة، كما ظهرت أمام أعيننا في الحرب الأوكرانية التي تُدار بصعوبة بالغة، تكشف أن الأموال التي تُنفق على شركات السلاح والدفاع الغربية لا تنقذ الوضع. أما مساعي أوروبا الرامية إلى بناء منظومة دفاعية "محلية ووطنية" من الصفر، فهي تسير بتثاقل شديد. بل لم يُنتج حتى الآن طلقة واحدة يمكن نسبتها إلى هذه المشاريع. ورغم ذلك، لا يزالون يدفنون المليارات في حفر القنابل التي تفيض دماً في كييف. إنهم يروجون لفكرة غير عقلانية عن احتمال هجوم روسيا على أوروبا، ويستمرون في ترويج هذه الأكذوبة لشعوبهم "المثقفة".

    وفي هذه الأثناء، تتوالى الأخبار عن تقليص الولايات المتحدة لقواعدها العسكرية حول العالم، وخفض عدد جنودها، وتقليص بعثاتها الدبلوماسية، ويشمل ذلك بعض قواعدها في سوريا، بما فيها جنودها هناك أيضًا.

    لقد بات من الصعب الآن الإجابة بـ "نعم" بشكل قاطع على سلسلة الأسئلة التي طرحناها في المقدمة. ولا نعد حتى الصين، التي تعتبر الهدف الرئيسي. فمن غير المرجح أن يتم تدمير أو إخضاع بكين بالهجمات الاقتصادية الأمريكية. فالمسألة لا تُحل برسوم جمركية وما شابهها.

    ناهيك عن أن ذلك كان سيحدث لروسيا لو أمكن. وهذا لا يتعلق بفترة حكم ترامب أو بايدن. وما زالت كلمات أوباما، في أحلك سنوات سوريا، "اقتصادهم لن يصمد حتى بضعة أشهر"، ترن في أذني. بالطبع، لقد تضرروا، غير أنهم بقوا صامدين رغم آلاف العقوبات التي فُرضت عليهم لسنوات من قبل الولايات المتحدة وأوروبا بأسرها.

    وعندما تنسحب من البنية الأمنية بدوافع اقتصادية، فإن العقوبات الاقتصادية التي تفرضها تفقد أيضًا قدرتها على الضغط والتأثير كما كانت في السابق.

    سأضرب مثالًا لا تجد له نظيرًا لدينا: أكبر أداة عقابية اقتصادية للولايات المتحدة والغرب هي نظام سويفت للتحويلات المالية. أما نظيره الصيني فهو نظام سيبس "CIPS" (نظام الدفع بين البنوك عبر الحدود). وفي 16 نيسان/أبريل، ولأول مرة في التاريخ، رُفع لافتة في المقر العام لـ"بنك الصين" كُتب عليها: "سيبس يتجاوز سويفت في حجم التعاملات".

    فضلًا عن ذلك، فإن الفاعلين الدوليين الآخرين لم يعودوا ينظرون إلى الخصوم الاقتصاديين لواشنطن بالعداء ذاته الذي تبديه الأخيرة. فلا يمكن لدول المحيط الهادئ والشرق الأقصى أن تتجاهل قوة الصين التي تقف على أعتابها. ويُعد الاتفاق الجديد المبرم بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية أحد أبرز الأمثلة على ذلك. كما أن نماذج التقارب المستحدثة التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي مع آسيا الوسطى والجمهوريات التركية (كما في قمة سمرقند) تُعَد مؤشرًا آخر. بل حتى تصريح وزير الخزانة الأمريكية بيسنت حين قال: "من الممكن التوصل إلى اتفاق كبير مع الصين"، هو امتداد لهذا المسار.

    ومن المعلوم أن تدمير اقتصاد أي دولة يتطلب تنسيقًا مع فاعلين آخرين في النظام العالمي. فإذا انسحبت من مظلة العولمة، فإن أول من يواجهك هم شركاؤك السابقون. إذ سرعان ما سيدركون أنه تم استغلالهم. وحتى العولمة، رغم تراجع قوتها، قد تتمرد على سيدها. وهذا ما عبّرت عنه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بقولها: "الغرب الذي نعرفه لم يعد موجودًا".

    صحيح أن شروط أن تكون أمريكا "قوة عظمى" و"قائدة عالمية" تتقاطع في كثير من النقاط — مثل امتلاك آلاف الرؤوس النووية — إلا أن ذلك لا يكفي لوحده لتكون قوة قائدة عالمية ملهمة. واليوم، بدأت المعايير الاقتصادية والأمنية للولايات المتحدة تُقوّض من صورتها القيادية. والغريب أن الأمريكيين لا يعترضون على ذلك.

    في الحقيقة، المعادلة واضحة: طالما أن مراكز وسلاسل الإنتاج العالمي آخذة في التنوع ـ وهو ما يحدث فعلًا ـ فإنها ستخرج من تحت سيطرة الولايات المتحدة وأوروبا. ولهذا نتائج جيوسياسية أيضا تحدث الآن. وحتى تستقر الأمور سنعيش في حالة من الضبابية وعدم اليقين. وهذه الضبابية تولّد مشاعر انعدام الثقة والأمان. وهذا بالضبط ما يفسّر صعود أسعار الذهب.

    لنضيق النطاق:

    تسعى أمريكا إلى إقامة نظام معين مع كل من روسيا وإيران. هذه مرحلة انتقالية، لكنها أكثر تعقيدًا من مجرد "ترتيب الأوضاع قبل التفرغ للصين".

    وفي خضم هذه المرحلة، تحرص إدارة ترامب على تفادي تقديم أية مكاسب أو أوراق رابحة لخصوم الولايات المتحدة في الداخل الأمريكي أو الأوروبي. وإلا ففي غضون بضع سنوات قصيرة جدًا، يمكن أن يعود العالم إلى حالته السابقة، أو بالأحرى إلى الفوضى الكاملة، إذ إن العودة إلى الماضي تعني استعادة النظام الليبرالي، والعولمة، والنظام القائم على القواعد. غير أن كل واحد منها قد انهار بالفعل، وتعرض لـ"فشل عضوي متعدد"، ما جعل العودة إليه مرادفًا للفوضى.

    وبالنسبة لروسيا، وإيران، وتركيا، فضلًا عن العديد من الدول الأخرى، فإن هذا السيناريو غير مقبول. لكن إدارة بايدن، التي تُجسّد "القديم"، هي التي زرعت ألغام هذا الطريق، وخلّفت وراءها كمًّا من الأفخاخ المتفجرة.

    وما "هدنة عيد الفصح" التي أعلنها بوتين إلا مثال صغير لكنه بالغ الدلالة، إن الأنباء التي تتحدث عن احتمال اعتراف الولايات المتحدة، بضم روسيا لشبه جزيرة القرم، واستياء ترامب من تأخر تحقيق السلام في أوكرانيا، والتي صاغها على شكل "إنذار بوجوب حل الأمر في وقت محدد"، هي نتيجة اعتقاد الكرملين بأن ترامب يعرف "سبب" حرب أوكرانيا. أي أنها بمثابة وضع علم أحمر بجانب الألغام.

    التفاصيل من المصدر - اضغط هنا

    مشاهدة قراءة تركية هل تستطيع الولايات المتحدة تدمير اقتصاد أي دولة

    يذكر بـأن الموضوع التابع لـ قراءة تركية هل تستطيع الولايات المتحدة تدمير اقتصاد أي دولة قد تم نشرة ومتواجد على ترك برس وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.

    وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، قراءة تركية: هل تستطيع الولايات المتحدة تدمير اقتصاد أي دولة؟.

    في الموقع ايضا :

    الاكثر مشاهدة في اخبار عربية


    اخر الاخبار