وجود الجيوش الرّقمية يطرح تساؤلاتٍ أخلاقيةً خطيرةً حول مستقبل الديموقراطية والحرّيات. فحين تصبح إرادة الشعوب رهينةً لمصانع الأكاذيب، تنهار أسُس النّقاش الحرّ ويُخترق جوهر التعدّدية. وعلى الصعيد القانوني، لا تزال هذه الظاهرة تتحرّك في منطقةٍ رماديةٍ، حيث تعجز القوانين الدولية الحالية عن ضبطها بشكل فعّال، مما يستدعي الحاجة إلى اتفاقيات جديدة لحماية الفضاء الرقمي. كتب جو أندره رحال لـ”هنا لبنان”: في عالمٍ تتجاوز فيه سرعة المعلومة سرعة الضوء، لم تعد الحروب تُخاض بالدبابات والمدافع وحدها. خلف الشاشات، وفي خضمّ السيل الجارف من التغريدات والمنشورات، نشأت جيوش رقمية خفية، تقاتل لكسب العقول قبل كسب الأراضي، وتحسم المعارك الكبرى من دون إطلاق رصاصة واحدة. هذه الجيوش، المؤلفة من شبكاتٍ منظمةٍ من الحسابات الافتراضية، تسخّر لخدمة أهدافٍ سياسيةٍ أو اقتصاديةٍ أو اجتماعيةٍ محددة. تعمل بصمت عبر ضخّ الرسائل وإثارة القضايا وتأليب الرأي العام، فتتحرك العقول في اتجاهاتٍ محددةٍ من دون أن تدرك أنّها طرف في حربٍ حقيقية. الحكومات، الأحزاب، والشركات الكبرى تلجأ إلى هذه الأداة الخفيّة كوسيلة ضغطٍ ناعمةٍ، توجّه النقاش العام، وتسيطر على السرديّات، وتصنع زخمًا مصطنعًا حول شخصياتٍ أو قضايا. وفي الحملات الانتخابية، تظهر هذه الجيوش بأبهى صورها، فتغمر الفضاء الرقمي بالدعاية، وتخلق أوهامًا حول تأييد مرشحين أو أفكار بعينها قبل أن تُفتح صناديق الاقتراع. لكنّ وظيفة الجيوش الرّقمية لا تقتصر على الترويج، بل تمتدّ إلى التشويش المنهجي، عبْر نشر الأخبار الكاذبة بطرقٍ مدروسةٍ، تضرب الثقة بالإعلام التّقليدي، وتؤسِّس بيئةً خصبةً لانتشار الشائعات والمعلومات المضلِّلة. ومع الوقت، يتآكل وعي الجمهور ويغدو أكثر قابليةً للتلاعب، في حربٍ هجينةٍ باتت الكلمة فيها سلاحًا، والمعلومة المفبركة قنبلة موقوتة. تزداد خطورة هذه الظاهرة في المجتمعات الهشّة، حيث تجد الجيوش الرّقمية أرضًا خصبةً لتأجيج النزاعات وتكريس الانقسامات، مما يحوّل المنصات الاجتماعية إلى ميادين معارك يختلط فيها الحقّ بالباطل. ومع تطور الذّكاء الاصطناعي، دخلت هذه الجيوش مرحلةً جديدةً، حيث باتت البرمجيّات قادرةً على إنشاء محتوًى يصعب تمييزه عن الحقيقي، مما زاد من تعقيد المعركة وأعطى التضليل بُعدًا أكثر خطورة. وجود الجيوش الرّقمية يطرح تساؤلاتٍ أخلاقيةً خطيرةً حول مستقبل الديموقراطية والحرّيات. فحين تصبح إرادة الشعوب رهينةً لمصانع الأكاذيب، تنهار أسُس النّقاش الحر ويُخترق جوهر التعدّدية. وعلى الصعيد القانوني، لا تزال هذه الظاهرة تتحرّك في منطقةٍ رماديةٍ، حيث تعجز القوانين الدولية الحالية عن ضبطها بشكل فعّال، مما يستدعي الحاجة إلى اتفاقيات جديدة لحماية الفضاء الرقمي. وعلى الرَّغم ممّا تحققه الجيوش الرّقمية من انتصاراتٍ آنيةٍ، إلّا أنّ تأثيرها طويل الأمد يظلّ هشًّا. فالجماهير، على الرَّغم من تعرّضها للمخادعة الموقتة، تطوّر مع الوقت مناعتها ضدّ التضليل، وتعزّز وعيها النّقدي، مما يقلّص فعّالية هذه الحملات على المدى البعيد. في النهاية، المعركة الحقيقية لا تدور على الشاشات، بل في العقول. الجيوش الرّقمية قد تربح معركةً هنا أو هناك، لكنّها لن تنتصرَ أبدًا أمام وعيٍ شعبيّ يدافع عن حقيقتِه وسط بحر الأكاذيب. ففي عالمٍ يزداد فيه الضجيج، تبقى معركة الوعي هي الفيصل بين زيفٍ موقتٍ وحقيقةٍ خالدةٍ.
الجيوش الرّقمية… سلاح بلا رصاص! هنا لبنان.
مشاهدة الجيوش الر قمية hellip سلاح بلا رصاص
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ الجيوش الر قمية سلاح بلا رصاص قد تم نشرة ومتواجد على هنا لبنان وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، الجيوش الرّقمية… سلاح بلا رصاص!.
في الموقع ايضا :
- المهيدب يتكفل بالواجهة.. و«ويبوك»: تذاكر النصر نفدت والهلال والأهلي متاحة
- قضية الطفل ياسين .. مديرة مدرسة دمنهور: القضاء سيقول كلمته.. والمتهم لا يعمل بالمدرسة
- مصر تتخذ إجراءات ضد اليمنيين… تفاصيل الاعتقالات والترحيل. .وسفير يمني يكشف السبب