بين المسيرة الخضراء والمسيرة الكحلاء، نظام حرر أرضه وآخر لطخ عرضه قلم : عبدالقادر كلول ...المغرب

ازيلال 24 - اخبار عربية
بين المسيرة الخضراء والمسيرة الكحلاء، نظام حرر أرضه وآخر لطخ عرضه قلم : عبدالقادر كلول

بين المسيرة الخضراء والمسيرة الكحلاء، نظام حرر أرضه وآخر لطخ عرضه

قلم : عبدالقادر كلول في زمن تتباهى فيه الدول بالحقوق وكرامة الإنسان، تقف الجزائر شاهدة على واحدة من أبشع الجرائم التي اقترفها نظام ضد جيران له تجمعهم الأواصر والدم والدين والجغرافيا. في دجنبر من سنة 1975، ارتكب النظام الجزائري جريمة الطرد الجماعي لأكثر من 350 ألف مغربي، نساء ورجالاً، أطفالاً وشيوخاً، مرضى وعجزة، دون سابق إنذار، ودون أي مبرر قانوني أو أخلاقي.  القرار جاء انتقاماً مباشراً من نجاح المغرب في تنظيم المسيرة الخضراء، تلك الملحمة السلمية التي أبهرت العالم وأسفرت عن استرجاع أراضيه الجنوبية من الاحتلال الإسباني، بينما فشل النظام الجزائري في تمرير أجندته الانفصالية وأصيب بحنق سياسي بلغ حد الجنون. في لحظة انتصار مغربي مشهود، اختار بوخروبة أن يغرق في الدناءة السياسية فحوّل الجالية المغربية المقيمة في الجزائر إلى كبش فداء، وقرر طردها قسراً من البلاد في مشهد مأساوي لا يضاهيه في العصر الحديث سوى تهجير الفلسطينيين في نكبة 1948.  ففي غضون أيام، داهمت عناصر الأمن الجزائري بيوت المغاربة، واقتحمتها كما تقتحم جيوش الاحتلال منازل العزّل، وجردت الرجال من أموالهم، ونساءهم من حليهن، بل إن هناك من المغاربة من ترك أضحية العيد معلقة ولم يُمهل لحظة ليطعم منها أبناءه أو يأخذ منها شيئاً، كأنهم كانوا طُفيليين لا مواطنين عاشوا سنيناً يخدمون الجزائر بإخلاص، ويبنون معاملها، ويدرّسون أبناءها، ويُصلحون أراضيها، ويعتبرونها وطنهم الثاني بل الأول عند الكثير منهم.  لم يكن المشهد فقط طرداً، بل إذلالاً ممنهجاً أمام أعين أطفالهم وجيرانهم. وقف بعض الجزائريين متفرجين، خائفين أو صامتين، ولم يتحرك صوت واحد من العامة ليقول: هذا حرام.  لم يخرج مثقف ليشجب، ولا شيخ ليذكّر بحرمة الجوار، ولا سياسي ليعارض قرار الظلم الجماعي. انهارت القيم تحت نعال العسكر، وضاع الضمير الجمعي في لحظة قسوة مفرطة لا تليق إلا بأنظمة بوليسية اعتادت سحق الإنسان. بعض الشهادات تؤكد أن أطفالاً فصلوا عن أمهاتهم، وأن أزواجاً جزائريين ومغاربة شتّتوا قسراً، وأن مئات الأشخاص تُركوا على الحدود في العراء وسط البرد القارس، وعيونهم تفيض بالدموع، لا يفهمون كيف تحوّلت بيوتهم إلى سجون، وجيران الأمس إلى شهود لا ينطقون.  لم تكن الجريمة فقط في الطرد، بل في الطريقة التي جُرّد فيها الإنسان من إنسانيته، والمغترب من كرامته، والمقيم من حقوقه، وكل ذلك فقط لأن وطنه الأصلي حقق نصراً سلمياً واستعاد أرضه. النظام الجزائري، وهو يدعي الثورية والمبادئ، لطخ عرضه بهذا الفعل الشنيع، وأثبت أن شعاراته لا تصمد أمام الحقائق. الجزائر، التي كانت تدّعي احتضان حركات التحرر، خانت الجوار والمصير المشترك، وأثبتت أن غريزة الانتقام تغلبت على العقل والحكمة. المفارقة المؤلمة أن الجريمة لم تجد من يدينها كما يجب، فالمجتمع الدولي التزم الصمت، والمنظمات الحقوقية كانت غائبة أو مغيبة، والضحايا دخلوا في صمت طويل ووجع لا يتقادم. ومع ذلك، لا يزال من واجب التاريخ أن يُكتب، ومن مسؤولية النخبة المغربية أن توثّق هذه المأساة، وتطالب باعتراف رسمي من الدولة الجزائرية، واعتذار علني، وجبر ضرر إنساني وأخلاقي، لأن ما حدث لا يمكن أن يُنسى أو يُسامح.  وهنا، لا بد من توجيه كلمة إلى بعض المغاربة الذين ما زالوا يرفعون شعار "الاخوة" مع نظام لم يتردد لحظة في التنكر لدماء الشهداء المغاربة التي سالت على أرض الجزائر خلال حرب التحرير من الاستعمار الفرنسي. نذكّرهم أن أول طلقة في الثورة الجزائرية أطلقها مغربي، وأن السلاح كان يعبر من المغرب إلى المجاهدين، وأن مئات الجنود المغاربة قضوا نحبهم وهم يقاتلون من أجل حرية الجزائر، لا طمعاً في أرض ولا جزاء، بل وفاءً لعهد الأخوة.  فكيف يُكافأ هذا الشعب بطرد جماعي مهين؟ كيف يُسلب حقه في الجوار والكرامة؟ لا أحد يطلب من الجزائريين سوى الاعتراف بالحقيقة، والاعتذار عن الفعل الشنيع، والامتناع عن مواصلة الغدر. بين المسيرة الخضراء والمسيرة الكحلاء، كشف الزمن عن الفرق بين نظام يحرر أرضه بسلم، وآخر يدوس القيم ويشوه عرضه السياسي بقراراته الطائشة. والذاكرة ستظل تحرس الحقيقة، حتى وإن طال الصمت، لأن الجرائم لا تموت، والكرامة لا تسقط بالتقادم. إننا اليوم، وبعد مرور نصف قرن على هذه الجريمة، نناشد الدولة المغربية، ملكاً وحكومة ومؤسسات، أن تفتح هذا الملف على مصراعيه، وأن ترفعه إلى المنابر الدولية، وأن تسلك كل السبل القانونية والسياسية من أجل إنصاف آلاف الضحايا الذين لا يزالون يعيشون في المنفى الإجباري وفي مرارة الفقد والإهانة.  لا يمكن أن نستمر في الصمت بينما التاريخ يكتب من طرف واحد، ولا بد أن نسترجع هذه القضية من رفوف النسيان إلى قلب النقاش الوطني، لأنها ليست فقط مأساة، بل وصمة عار يجب أن تُزال، وحق مهضوم يجب أن يُسترجع، وكرامة وطنية لا تقبل المساومة.

 

    التفاصيل من المصدر - اضغط هنا

    مشاهدة بين المسيرة الخضراء والمسيرة الكحلاء نظام حرر أرضه وآخر لطخ عرضه

    يذكر بـأن الموضوع التابع لـ بين المسيرة الخضراء والمسيرة الكحلاء نظام حرر أرضه وآخر لطخ عرضه قلم عبدالقادر كلول قد تم نشرة ومتواجد على ازيلال 24 وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.

    وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، بين المسيرة الخضراء والمسيرة الكحلاء، نظام حرر أرضه وآخر لطخ عرضه قلم : عبدالقادر كلول.

    في الموقع ايضا :

    الاكثر مشاهدة في اخبار عربية


    اخر الاخبار