“خطابات مقيتة ومجيّشة، تحضّ على الكراهية والحقد والعنف، تشعل الفتنة، تبث الخلافات بين الشعب السوري، تعوق السلم الأهلي”، أبرز التوصيفات التي تُطلق على خطابات ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، وفق خبراء اجتماعيين وإعلاميين.
وتسهم وسائل التواصل الاجتماعي بنشر خطاب الكراهية، الذي يلعب دورًا محوريًا بالأحداث الأمنية التي تشهدها سوريا حاليًا، نظرًا إلى اعتماد الجمهور السوري على تلك الوسائل لغياب قنوات الإعلام الرسمية.
منحى طائفي
أثار انتشار تسجيل صوتي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي قبل أسابيع احتقانًا بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، إثر احتوائه إساءة للنبي محمد، نُسب لأحد شيوخ الطائفة الدرزية، وهو ما نفته وزارة الداخلية السورية والشيخ نفسه لاحقًا.
وتفاقمت ردود فعل المستخدمين بحصول احتكاك بين الطلاب داخل السكن الجامعي في مدينة حمص، مساء 27 من نيسان الماضي، عقب انتشار التسجيل الصوتي.
وسبّب خطاب الكراهية عبر تعليقات ومنشورات بعض رواد برامج التواصل الاجتماعي تجييش مستخدمي وسائل التواصل، متخذًا منحى طائفيًا، حرّض على بث العنف والحقد والفتنة، إذ أدى إلى اندلاع شرارة الأحداث في مدينة جرمانا، وامتدت إلى بلدتي صحنايا وأشرفية صحنايا، ومحافظة السويداء.
أخطر التهديدات التي تواجه السلم
نتيجة تدفق خطابات التأجيج والتحريض، تنشأ خلافات حادة وشديدة بين السوريين، تولد أزمات أو أحداثًا لا تناسب حساسية المرحلة الحالية في سوريا.
الأستاذة في كلية الإعلام بجامعة “دمشق”، والخبيرة الإعلامية غادة يوسف، قالت لعنب بلدي، إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت عاملًا رئيسًا في انتشار خطاب الكراهية، خاصة في ظل غياب الأنظمة القانونية والمواثيق المهنية التي تحد من ذلك.
وبحسب الخبيرة يوسف، يُعتبر خطاب الكراهية من أخطر التهديدات التي تواجه السلم والأمن المجتمعي في سوريا خلال العقد الماضي، ويُعد من أكثر العوامل إثارة للقلق والتعقيد على مستوى العالم، نظرًا إلى تداخله مع مفهوم حرية الرأي والتعبير، ومن أبرز الاتجاهات المثيرة للقلق في هذا السياق، هو الزيادة الملحوظة في خطاب الكراهية على منصات التواصل الاجتماعي، خصوصًا خلال الأزمات أو الأوضاع المتوترة سياسيًا أو اجتماعيًا حاليًا.
ويجد مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي، نظرًا إلى طبيعة بعض المنصات مثل “فيسبوك” و”إكس”، أنفسهم محاطين بفقاعة من الأخبار الزائفة والرسائل التحريضية التي تعزز الآراء والأحكام المسبقة، كما تلعب الشبكة العنكبوتية أيضًا دورًا حيويًا في تشكيل الرأي العام، حيث تُعتبر بيئة خصبة للتحريض على خطاب الكراهية.
وأوضحت يوسف أنه يمكن أن تتحول هذه المعلومات إلى أداة تُستخدم إما عن عمد أو دون قصد، في تحريض الجمهور أو تضليله أو التأثير عليه، ما ينتج عنه غالبًا عواقب خطيرة ذات تأثير استقطابي.
وتتيح وسائل التواصل الاجتماعي للأفراد الذين يحرضون على الكراهية الوصول بسرعة وسهولة إلى جمهور واسع، نظرًا إلى أنها أقل تنظيمًا ولا تخضع للقيود المفروضة على وسائل الإعلام التقليدية، ما يجعلها مفتوحة أمام من يرغب في استغلالها دون الكشف عن هويته.
تقلب القيم الاجتماعية
ترى الخبيرة غادة يوسف أن من الضروري اتخاذ موقف حيادي تجاه خطاب الكراهية، فعلى الرغم من أن القوانين التي تحظر هذا النوع من الخطاب قد تؤثر سلبًا على الطابع الديمقراطي للمجتمعات، فإنها لا تضر بأي من قيم الديمقراطية، فحظر خطاب الكراهية لا يمنع المواطنين من التفكير بأفكار سلبية، بل يهدف فقط إلى حماية الآخرين من الأذى الناتج عن التعبير عن تلك الأفكار.
كما يكتسب التثقيف حول حقوق الإنسان واحترام التنوع أهمية كبيرة في تعزيز التسامح داخل المجتمعات، لكنه لا يكفي وحده، فمن الضروري أيضًا مكافحة خطاب الكراهية وتقليل المخاطر الأخرى.
وتقوم منظمات المجتمع المدني بتشكيل شبكات لمكافحة خطاب الكراهية على الإنترنت، وتعزيز الدعم لإصدار تشريعات قانونية لمكافحة التمييز الرقمي، بالإضافة إلى تبادل المعلومات وأفضل الممارسات.
ونوهت يوسف إلى أنه يجب على القائمين على مراقبة المجتمع عدم السماح للفكر الارتجالي بفرض إرادته أمام قوة الحجة العلمية المستندة إلى أسس منهجية سليمة، ويأتي ذلك في إطار الحفاظ على القيم وحماية المجتمعات من آفة خطاب الكراهية والتعصب، حيث يصعب إيجاد فرضيات مطلقة وقابلة للتحقيق، نظرًا إلى تقلب القيم الاجتماعية ومؤشراتها.
أخطر أشكال العنف
يُعدّ خطاب الكراهية، خصوصًا حين يتغذى على الطائفية، من أخطر أشكال العنف الرمزي في علم النفس الاجتماعي، بحسب ما قالته الباحثة الاجتماعية والنفسية، الدكتورة هبة كمال العرنوس، لعنب بلدي.
وبحسب العرنوس، تشير الدراسات التي تناولت تأثير “التحيز الجماعي” إلى أن هذا النوع من الخطاب يعزز الانقسام النفسي بين الأفراد، الذي يؤدي إلى ما يُعرف بـ“شيطنة الآخر”، وهي حالة يتوقف فيها الناس عن رؤية المختلف كإنسان.
ووعي المجتمعات بخطورة هذا الخطاب يتزايد، وهناك مؤشرات واضحة على دور منصات التواصل الواعي والإعلام البديل في مواجهة هذه الموجات، من خلال حملات مضادة تروّج لقيم التعددية والانتماء الإنساني المشترك.
العدوى العاطفية
أما عن التجييش نحو حادثة أو واقعة، فوسائل التواصل تُسرع عملية التحيز الجمعي من خلال ما يعرف بـ”العدوى العاطفية”، حيث تنتشر مشاعر الغضب والخوف بشكل متسلسل في المجموعات، ويُعاد إنتاجها بمحتوى تعبوي قد يفتقر للموضوعية، لكن في المقابل، نفس هذه الوسائل يمكن أن تُستخدم لإحداث تهدئة سريعة إن تم توجيه الخطاب فيها بحكمة ومصداقية، وفقًا للدكتورة هبة العرنوس.
وأشارت إلى ما يُعرف بـ”سياسة القطيع” (عقلية القطيع)، إذ تم رصدها في علم النفس الاجتماعي منذ دراسات غوستاف لوبون (سيكولوجيا الجماهير)، وهو الميل إلى تكرار سلوك الجماعة دون تفكير نقدي، وفي عصر وسائل التواصل، تصبح هذه الظاهرة أكثر خطورة بسبب خوارزميات تعزز المحتوى الرائج دون التحقق من صحته.
لكن الإيجابي في هذا السياق، برأيها، هو أن هذه الظاهرة ليست قدرًا حتميًا، بل تتراجع حين يُعزّز التفكير النقدي وتولد “المناعة الإعلامية” لدى الأفراد التوعية للناس بكيفية التحقق من المعلومة التي أصبحت ضرورة مجتمعية.
بناء خطاب مسؤول
ترى الدكتورة هبة العرنوس أنه تقع على عاتق الخطاب الرقمي اليوم مسؤولية أخلاقية ومجتمعية كبرى، تنطوي تحتها العديد من الأولويات هي:
بناء خطاب مسؤول، يوازن بين حرية التعبير واحترام الآخر. نشر التحقق والتمحيص، بدل النقل العاطفي المبالغ فيه. التركيز على المساحات المشتركة بين المكونات الاجتماعية، بدل تعزيز الفروقات والانقسامات. أن يُدار الحوار بلغة علمية، قائمة على الوقائع لا الانطباعات.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
مشاهدة وسائل التواصل تقسم السوريين بـ rdquo خطاب الكراهية rdquo
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ وسائل التواصل تقسم السوريين بـ خطاب الكراهية قد تم نشرة ومتواجد على عنب بلدي وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، وسائل التواصل تقسم السوريين بـ”خطاب الكراهية”.
في الموقع ايضا :
- المؤلف محمود حمدان يروي موقفًا مؤثرًا له مع أحمد آدم: طردني ودعيت عليه
- موجة حر شديدة خلال أيام العيد بالمغرب ـ صور ـ
- "اولي البأس".. "جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا" تتبنى قصف إسرائيل (فيديو)