في أحد أركان جدة التاريخية، تلك المدينة التي لطالما شكّلت ممرًا للحجاج ومرآة للحضارات، ينبثق "ميدان الثقافة" بوصفه مساحةً معاصرة تُعيد تشكيل العلاقة بين الإنسان وتاريخه، وبين الفن والمدينة. هنا، لا تُعرض الثقافة كأرشيف ساكن، بل كنبض يومي حيّ، تتداخل فيه الحواس مع الحكايات، وتتقاطع فيه التقنية مع الموروث.
"ميدان الثقافة" ليس مجرد مرفق ثقافي، بل هو وجهة تنسج خيوط الماضي والحاضر في تجربة متناسقة، يتفاعل فيها الزائر مع الفن والتقنية والطبيعة ضمن إطار مستوحى من روح المكان وتاريخه. وقد صُمم الميدان ليكون مساحة مفتوحة تحتفي بالثقافة السعودية في تنوعها، وتعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والمدينة والتراث.
ينطلق الزائر إلى قلب الميدان، ليجد نفسه في تجربة رقمية غير مسبوقة داخل متحف "تيم لاب بلا حدود"، المشروع الفني العالمي الذي يدمج بين الإبداع البصري والتفاعل الحسي، حيث تتغير الأعمال المعروضة وفق حركة الزوار وتفاعلهم. هنا، تمتزج عناصر الضوء والصوت والطبيعة في مشهد واحد، يقدم الفن بوصفه تجربة غامرة تعيد تخيّل العلاقة مع البيئة من حولنا.
ومن فضاء الضوء الرقمي، ينتقل الزائر إلى بعد آخر من التجربة الثقافية عبر "مركز الفنون المسرحية"، الذي يضم المسرح الرئيس لمهرجان البحر الأحمر السينمائي. ويحتوي المركز على قاعات سينمائية ومنصات للحوارات الثقافية والفكرية، ما يجعله مركزًا حيويًا يحتضن الفنون الأدائية، ويستضيف أبرز الإنتاجات المسرحية والسينمائية واللقاءات الثقافية النوعية، في بيئة تفاعلية تتجاوز العرض إلى الحوار والتجربة المشتركة.
ولا يكتمل المشهد دون التوقّف عند "بيت أمير البحر"، المعلم التاريخي الذي يعيد للواجهة إرث البحر الأحمر، وذاكرة مدينة جدة البحرية. البيت، الذي تم ترميمه بعناية، يقدّم حكاية عمرها قرون عن ارتباط المدينة بالبحر، وعن الرجال الذين صنعوا تاريخها من على ظهر السفن والموانئ والأسواق الساحلية. إنه استعادة للزمن بطريقة سردية حسية، تعكس التداخل بين العمارة والحكاية والتراث.
يقع "ميدان الثقافة" في قلب جدة التاريخية، المدينة التي لطالما شكّلت نقطة التقاء للحجاج والتجّار والمثقفين منذ قرون، ليتحوّل اليوم إلى أحد أبرز معالم التحول الثقافي الذي تشهده المملكة. ومن خلال هذا المشروع، لا يُعاد فقط ترميم المكان، بل يُعاد بث الحياة في ذاكرة المدينة، وتحويلها إلى مسرحٍ حيّ للتجربة الإنسانية المتجددة، حيث تلتقي العراقة بالإبداع، وتنسج الحكاية المحلية خيوطها مع المستقبل.
إن ما يقدّمه "ميدان الثقافة" يتجاوز مجرد كونه مرفقًا ثقافيًا أو مشروعًا عمرانيًا؛ فهو إعلان حيّ عن تحول الثقافة في المملكة من عنصر محفوظ في الكتب والمتاحف، إلى فضاء يُعايشه الزائر في كل خطوة، ويراه في تفاصيل الضوء والصوت والحجر والتفاعل. إنه تأكيد على أن الثقافة ليست ترفًا، بل ضرورة، وأنها قادرة على أن تكون رافدًا اقتصاديًا، ومحركًا اجتماعيًا، ووسيلة لتعميق الانتماء، وبناء الجسور مع العالم.
ومن خلال هذا النموذج الفريد، تُجسّد وزارة الثقافة رؤيتها الطموحة في تحويل التراث إلى منصات إبداعية، وتفعيل المناطق التاريخية بوصفها مواقع إنتاج للمعرفة والفن، لا كمجرد رموز للذاكرة. وفي "ميدان الثقافة"، تظهر جدة التاريخية كأنها تعود للحياة من جديد، لكن ليس كما كانت، بل كما تتطلّع أن تكون، مدينة تحتفي بجذورها، وتبني فوقها مستقبلًا يُكتب بلغة الضوء، ويُقرأ في ظلال الرواشين، ويُحتفى به في مسارح ومتاحف تفتح أبوابها للعالم.
وهكذا، لا يغادر الزائر "ميدان الثقافة" كما دخل إليه، بل يخرج محمّلاً بتجربة وجدانية وبصرية وفكرية، تجعله يعيد التفكير في معنى الثقافة، وحدودها، وأدوارها، وتحوّلاتها. ففي جدة، وتحديدًا في هذا الميدان، تعود الثقافة إلى الحياة، لا كذكرى، بل كقوة فعل، ومصدر إلهام، ودعوة للتجدد.
مشاهدة ميدان الثقافة فضاء يستحضر ذاكرة جدة
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ ميدان الثقافة فضاء يستحضر ذاكرة جدة قد تم نشرة ومتواجد على جريدة الرياض وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، ميدان الثقافة.. فضاء يستحضر ذاكرة جدة.
في الموقع ايضا :
- شيرين رضا تنفي ارتباط ابنتها.. ونور عمرو دياب تتجاهل والدها
- هيفاء وهبي جريئة وميرنا جميل بفستان طويل.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة
- القصة الكاملة لأزمة هند صبري بعد مطالبات ترحيلها من مصر