حين تتحول التحليلات إلى عروض نارية: أزمة إيران في مرآة الإعلام (خبير) ...الشرق الأوسط

ترك برس - اخبار عربية
حين تتحول التحليلات إلى عروض نارية: أزمة إيران في مرآة الإعلام (خبير)

ترك برس

قدم الخبير والمحلل التركي نيدرت إيرسانال، قراءة تحليلية نقدية لتناول الإعلام المحلي التركي لأزمة الضربات المتبادلة بين إيران والولايات المتحدة، مسلطًا الضوء على المبالغات والتفسيرات المتعجلة التي تجاهلت المعطيات السياسية والعسكرية الواقعية.

    ورأى إيرسانال في تقرير بصحيفة يني شفق أن الخطاب الإعلامي انشغل بالتهويل والتكهنات حول اندلاع حرب شاملة أو تغيير النظام في إيران، في حين أن الوقائع تشير إلى أهداف أكثر محدودية، مثل ردع طهران وضبط سلوك إسرائيل.

    كما حذر الكاتب من دخول العالم مرحلة جديدة من سباق التسلح النووي، نتيجة تقويض شرعية المعاهدات الدولية وصمت المجتمع الدولي أمام خروقات بعض الدول. وفيما يلي نص التقرير:

    لو اطّلعت على ما بثته قنواتنا التلفزيونية مساء الاثنين، وما نُشر في أعمدة الصحف صباح اليوم التالي، بعد أن ضربت إيران القاعدة الأمريكية في قطر لبقيت أسبوعا كاملا تضحك.

    لا أقصد السخرية، ولكن لو سألت أي شخص عاقل يوم السبت "متى ستنتهي هذه الأزمة؟"، لأجابك: "يصعب الجزم". إلا أن التصريحات والكتابات تجاوزت حدود المعقول إلى درجة أنَّ ذِكرها هنا سيُشعر الكثيرين بالخجل.

    لذلك دعونا نركز على الأفكار: بعد ضرب المنشآت النووية الإيرانية، انهالت التحليلات والتعليقات والعناوين الرئيسية التي تزعم بأن "أمريكا دخلت الحرب"، وهذا خطأ فادح، لقد أكدنا كثيرًا أن الولايات المتحدة "لم تدخل الحرب بعد" لكن لم يصغ أحد، فالجميع كانوا غارقين في هوس الصواريخ والطائرات وكأنهم يشاهدون عرض ألعاب نارية...

    ثانيًا: كان هناك ادعاء بأن "تغيير النظام في إيران" هو الهدف من هذه الحرب. ولكن لم يدّعِ أي خبير في العالم أن الولايات المتحدة وإسرائيل ستغيران النظام الإيراني، وأن الظروف في إيران مواتية لذلك. إلا أننا شاهدنا في بلادنا من يخططون لـ"عمليات برية ضد إيران" ويشرحون تفاصيلها.

    وبينما أكتب هذه السطور، هناك وقف لإطلاق النار الآن، وقد وافقت عليه كل من الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران. وحتى لو اندلعت المواجهات مجددًا أثناء قراءتكم لهذه السطور - فوقف إطلاق النار هش للغاية - ستظل النقطتان المذكورتان أعلاه ساريتين... (وكلمات الشتم التي استخدمها ترامب تؤكد أن أنصار العولمة يواصلون المقاومة عبر إسرائيل.)

    أما أولئك الذين يصرون على فكرة «تغيير النظام»، فلم يفكروا للحظة أن هذا سيستنفد سلطة ترامب، وأن إسرائيل عاجزة تمامًا عن تحقيق ذلك بمفردها، في ظل المقاومة الفلسطينية، وتغير النظرة العالمية لتل أبيب، وما يجري في سوريا.

    بالطبع، يريدون نظامًا أكثر اعتدالًا في إيران، فإيران هي واحدة من الدول الرئيسية في الاستراتيجية الجيوسياسية الموجهة ضد الصين. لكن متى وتحت أي ظروف سيكون ذلك ممكنًا؟ في الواقع، أوضحنا مسبقًا أن الهدف الحالي هو "إذلال إيران، وكبح جماح إسرائيل" فقط.

    كيف يمكن تغيير نظام في بلد مثل إيران؟ هل عبر عملية برية؟ ؟ أم عبر غارات جوية مدمرة ؟واحتمال نجاحها ضعيف جدا، أم عبر انقلاب؟ أم ثورة داخلية؟ لم يظهر في الغرب أو الشرق أي شخص يدعي بثقة أن أيًا من هذه السيناريوهات سينجح في إيران.

    الخيار الوحيد كان فتح الطريق أمام تيار أكثر اعتدالًا داخل السلطة الإيرانية الحالية. ولتحقيق ذلك، يجب "تصفية القيادات" كما حدث في الهجوم الإسرائيلي الأول. وقد تناولنا هذا الموضوع بالتفصيل في مقالين سابقين، ولا يزال قائمًا حتى الآن.

    باختصار إن سبب تركيزنا الشديد على مسألة تغيير النظام هو فهم ما إذا كانت الولايات المتحدة قد انضمت إلى الحرب "حقيقةً" أم لا. ولم يفهم أحد الدور الحاسم للديناميكيات الداخلية الأمريكية في هذا الصدد.

    أصبح احتمال الهدنة أو السلام مصدر إزعاج لمن يكرهون سياسة ترامب. وهذه الفئة تمثل عقلية ليبرالية عالمية بالية وضامرة في الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا. أقصى ما يمكنهم اتهام ترامب به هو أنه "رجل لا يعرف ماذا يقول، كلامه عبثي". مع ذلك، لا يزال ترامب يحافظ على سجله كرئيس أمريكي لم يشن حرباً جديدة، لا أستطيع التنبؤ بما سيحدث غدًا، ، لكن هذا هو الوضع الراهن الآن. إنهم يريدون استمرار الحرب مع إيران، لأن استمرارها يسرّع استنزاف رئاسة ترامب كما ذكرنا.

    أصبحنا الآن أكثر قدرة على تفسير تصريحات الرئيس الأمريكي؛ فمثلاً، ألم نفهم أن ضرب إيران في اليوم الثاني من "المهلة" التي حددها لمدة أسبوعين كان مجرد تمويه للعملية العسكرية. لقد كان ذلك واضحًا لكنهم لم يفهموا ذلك.

    أما خطاب "تغيير النظام" فكان تحذيراً واضحاً لإدارة طهران بعد ضرب فوردو، كي لا تلجأ إلى خطوة "متطرفة، لا يمكن السيطرة عليها، في الواقع كانت رسالة مفادها: "لا نريد هذا".

    باستثناء بعض الأطراف المعروفة، لا أحد يرغب في أن يُقدم النظام الإيراني على خرق الهدنة واستئناف الحرب، ولكن حتى لو فعل ذلك لا يمكننا لومه. فوفقا للقانون الدولي والأخلاقيات العالمية، تقف طهران على أرضية صلبة تماماً. فالمشكلة الحقيقية لا تكمن في إيران، بل في إسرائيل، وشريكتها الولايات المتحدة. صحيح أن التقلبات في التوازنات الداخلية لواشنطن قد تجعل من ضرب المنشآت الإيرانية سلوكًا "مفهومًا" من قبل إدارة ترامب، لكنها لا تضفي عليه أي شرعية. فالمشكلة الأساس لا تزال في إسرائيل وحلفائها الأوروبيين.

    وبهذه المناسبة، لا بد من التوقف عند قضية قد تبدو ثانوية.

    لقد دخل ملف السلاح النووي، بفعل هذه الأزمة، طورًا جديدًا. فالعديد من الدول المتوسطة أو الصغيرة بدأت، وهي تراقب ما جرى لإيران تتساءل: "ما يمنع الولايات المتحدة أو إسرائيل من مهاجمتنا؟". حتى أن بعضها بات يحسد كوريا الشمالية على وضعها "المريح".

    لقد أصبحت المعاهدات الدولية التي تحظر حيازة الأسلحة النووية عديمة الجدوى، وبدأت الدول الموقعة عليها تُفكّر في الانسحاب منها، لا سيّما مع غياب أي رادع أمام إسرائيل التي تمتلك قرابة 200 رأس نووي، في خرق سافر لجميع القواعد والمعايير الدولية، ورغم ذلك تقوم بضرب دول أخرى لمجرد الاشتباه بأنها قد تطوّر قدرات نووية.وضربها لدولة أخرى بحجة أنها ستصنع سلاحًا نوويًا، وتغاضي الولايات المتحدة والغرب عن هذا الانتهاك المزدوج، وأخيرًا تصريح ميدفيديف، الرئيس الروسي السابق الذي صرح بما " لا يقوله بوتين"، بأن "عددًا من الدول يمكن أن تزود إيران مباشرة بالأسلحة النووية"، كل هذا يندرج في هذا السياق. أما رد ترامب على أحد الاعتراضات الروسية فجاء محمّلًا بالتهديد: "لدينا غواصات نووية متقدمة تقنيًا على الآخرين بعشرين عامًا على الأقل..."

    لقد بات واضحًا أن هناك أجندة خفيّة، تدفع نحو سباق جديد للتسلّح النووي.

    وخلاصة القول، سواء كانت الهدنة الحالية دائمة أم مؤقتا فإن تناول هذه القضايا الكبرى من منطلق العروض البصرية والتهويل الإعلامي، مع تجاهل الأسئلة الجوهرية، لا يخدم الحقيقة. فإن واجب المهنة والمسؤولية الأخلاقية يقتضي أن نحلل المخاوف المشروعة لتركيا والمنطقة والعالم دون استغلالها، ودون تحويل نسب المشاهدة إلى غاية بحد ذاتها، ودون تحريف الحقائق. فالخطأ في التحليل أو في التوقع ليس عيبًا في عالم يسير فيه الجميع بالحدس والتقدير، ما دمنا نتمسّك بحُسن النية والمعرفة الحقيقية.

    التفاصيل من المصدر - اضغط هنا

    مشاهدة حين تتحول التحليلات إلى عروض نارية أزمة إيران في مرآة الإعلام خبير

    يذكر بـأن الموضوع التابع لـ حين تتحول التحليلات إلى عروض نارية أزمة إيران في مرآة الإعلام خبير قد تم نشرة ومتواجد على ترك برس وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.

    وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، حين تتحول التحليلات إلى عروض نارية: أزمة إيران في مرآة الإعلام (خبير).

    Apple Storegoogle play

    في الموقع ايضا :

    الاكثر مشاهدة في اخبار عربية


    اخر الاخبار