في عددها الثاني عشر الصادر في يونيو 2025، طرحت مجلة دراسات تاريخية سؤالًا لا يزال يتردد صداه في أروقة البحث التاريخي: هل بدأت الكتابة حقًا في وادي الرافدين؟ أم أن الجزيرة العربية تحمل أقدم شواهد الأبجدية البشرية؟
جاء هذا التساؤل ضمن دراسة افتتاحية مثيرة للجدل أعدها الباحثان أ.د. قصي منصور التركي ود. عيد حمد اليحيى، افتتحا بها عددًا زاخرًا بالأبحاث التاريخية من عمق المشرق العربي إلى تخوم أفريقيا جنوب الصحراء، ومن حضارات الشرق الأدنى إلى شبكات الحج والمهاجرين والشتات العربي في جنوب آسيا.
جاءت دراسة "هل القلم العربي الثمودي أقدم قلم في التاريخ؟" لتتحدى الإجماع التاريخي السائد حول بدايات الكتابة. وتساءل الباحثان من خلال تحليل دقيق للنقوش والرسوم الصخرية في المملكة العربية السعودية، عن إمكانية أن يكون القلم الثمودي، بخطوطه وحروفه العربية، هو الأصل الذي سبق المسمارية والهيروغليفية.
استند الباحثان إلى معطيات أثرية وجيومورفولوجية، أبرزها النقوش المكتشفة في صحراء المملكة، والتي ترافقت مع رسومات لحيوانات منقرضة (كالثيران العملاقة والأسود العربية)، ما يدل على أنها تعود إلى آلاف السنين قبل الميلاد. كما تم تحليل كلمة "شتلة" المكتوبة بقلم ثمودي في نقش بتل "لخيش" بفلسطين، باعتبارها دلالة لغوية على امتداد اللغة العربية إلى أزمنة ضاربة في القدم.
وذهبت الدراسة إلى أبعد من ذلك، بربط انتشار النقوش الثمودية في مناطق بعيدة مثل جنوب ليبيا، وكهوف في ولاية كولورادو الأميركية، مشيرة إلى أن القلم الثمودي ربما حمله المهاجرون العرب الأوائل من شبه الجزيرة بفعل التحولات المناخية التي شهدتها المنطقة مع نهاية “الفترة الرطبة” قبل نحو 4000 سنة.
بعيدًا عن الأطروحة الثمودية، تنوعت أبحاث العدد بين دراسات وثائقية حول الإمبراطوريات القديمة، ورؤى اجتماعية واقتصادية لمدن المغرب العربي، وتحقيقات أرشيفية في قضايا القرن العشرين من الخليج إلى جنوب شرق آسيا. ويمكن تلخيص أبرز مساهمات العدد على النحو التالي: الأزمة الاقتصادية ببلاد عيلام في ضوء الرسائل الملكية للملك نابو – بيل - شوماتي (911 - 639 ق.ب).
في دراسة متأنية، يستعرض الباحث أ.م.د. ژيار صديق رمضان مراسلات ملك آشوري من القرن التاسع قبل الميلاد، استخدمت فيها الرسائل كوسيلة لإدارة الإمدادات، وضبط الموارد، وتسيير عمليات الدولة، وسط مؤشرات على تراجع اقتصادي ضرب البلاد.
ورصدت م.د. خديجة حسن القصير، أحوال اليهود في الإمبراطورية الفارسية الساسانية، مركزة على التحولات التشريعية والسياسية التي أثرت في حضورهم الاجتماعي والديني. وقدّمت قراءة متزنة في طبيعة العلاقات بين الأقليات والسلطة المركزية في تلك المرحلة.
وسلّطت الباحثة د. ماجدة مولود رمضان الشرع الضوء على ما يمكن أن تسميه "اقتصاد الفقهاء"، حيث استعادت النظم الزراعية والمالية في بلاد المغرب الأدنى خلال حكم الدولة الزيرية من خلال كتب النوازل، مبرزة كيف شكّلت الفتاوى البنية القانونية لتعاملات الأسواق والضيعات الفلاحية.
وقدّم د. عبدالعزيز بازرعة ود. نجلاء بن عقيل مراجعة نقدية لرحلة هولندية نُفذت عام 1931 إلى حضرموت، معتبرينها نموذجًا لمغامرات أوروبا ما بعد الكولونيالية في الشرق. وتحلل الدراسة تمثيلات الهوية اليمنية في تقارير الرحالة الأوروبي، وتفكيك الصور الذهنية المتوارثة.
وعاد الباحث المغربي نور الدين أحميان إلى دفاتر الحجاج المغاربة في ثلاثينيات القرن العشرين، مستخرجًا منها وصفًا تفصيليًا لطريق الحجاز، ومحطات الاستراحة، والطقوس، واللقاءات العفوية بين أهل المغرب وسكان مدن الحجاز، خصوصًا المدينة المنورة ومكة المكرمة.
وفي قراءة لأرشيف الحقبة المتأخرة من الاستعمار، تتناول دراسة د. عبد الخالق عمر عفيف تفاصيل أزمة سياسية داخل القصر السلطاني في مدينة المكلا، بين سلطة محلية تبحث عن إعادة تعريف مكانتها، وهيمنة بريطانية تحاول الحفاظ على نفوذها في جنوب الجزيرة.
وتتناول دراسة د. أبوبكر حسين محمد مقيبل العلاقة بين الهوية الثقافية والاقتصادية للمهاجرين الحضارم في سنغافورة، وتستعرض شبكات التجارة، التعليم، والدعوة التي أسّسوها، مستندة إلى روايات الجاليات والوثائق المحلية.
وأعادت د. حنان المرقشي قراءة العلاقات السورية – التركية من زاوية تاريخية، متتبعة الملفات الحدودية ومشاريع المياه والخطاب القومي من عهد الدولة العثمانية حتى منتصف القرن العشرين. واعتبرت أن التاريخ السياسي بين الجانبين تحكمه ثنائية التداخل والريبة.
ويتميّز هذا العدد من دراسات تاريخية بجرأته المنهجية وثرائه الجغرافي. فإلى جانب أطروحة الخط الثمودي، يقدم العدد تنوعًا نادرًا في المقاربات: من أرشيف الآشوريين، إلى فقه المال الزيري، ومن كواليس قصور حضرمية، إلى شتات حضرمي وكتابات شعبية في صحارى ليبيا.
غلاف العددمشاهدة القلم العربي القديم تحت المجهر
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ القلم العربي القديم تحت المجهر قد تم نشرة ومتواجد على جريدة الرياض وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، القلم العربي القديم تحت المجهر.
في الموقع ايضا :
- وفاة الإعلامية المغربية كوثر بودراجة بعمر الـ 37 عاماً
- ابتداءً من الغد.. مواعيد عرض مسلسل مملكة الحرير والقنوات الناقلة
- بالصور.. مفيدة شيحة تبكي في حفل زفاف ابنتها