دروس تركيا من حرب إيران وإسرائيل ...الشرق الأوسط

ترك برس - اخبار عربية
دروس تركيا من حرب إيران وإسرائيل

سعيد الحاج - الجزيرة

خلال لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في لاهاي، رحّب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بوقف إطلاق النار بين إيران و"إسرائيل" بوساطة أميركية، معبرًا عن أمله في أن يتحول لاتفاق دائم.

    ختمت هذه التصريحات موقفًا تركيًا من المواجهة العسكرية بين الجانبين كانت ميزته الأبرز النظر لها من زاوية التأثير على أنقرة نفسها.

    تطور الموقف

    نظرت تركيا للعدوان "الإسرائيلي" على إيران كمرحلة أخيرة من تصعيد "إسرائيل" في المنطقة، ولذلك فقد ركزت مواقفها الرسمية على فكرة تهديد "إسرائيل" للأمن والاستقرار الإقليمي. كما تعاظمَ لدى تركيا الشعور بالتهديد الذاتي، أي شعورها بأن تدهور الأوضاع في المنطقة وتصاعد الاعتداءات "الإسرائيلية" سيضرها هي كذلك بأشكال غير مباشرة وربما مباشرة لاحقًا.

    وهو الشعور الذي كان بدأ مع العدوان على لبنان وتحذير تركيا من امتداده لسوريا ثم لها، حين قال أردوغان إن "القوات الإسرائيلية على بعد ساعتين من حدودنا"، ثم لوّح بإمكانية تدخل بلاده (بعد تعظيم قوتها) في فلسطين كما فعلت في ليبيا وناغورني قره باغ، وهو التصريح الذي ردت عليه دولة الاحتلال بتهديده بـ "مصير صدام حسين".

    شجبت أنقرة الهجمات على طهران وحذّرت من استمرارها ومن مغبة "دعم أطراف دولية لها"، وسمّاها أردوغان "هجمات إرهابية" معبرًا عن تضامن بلاده مع إيران كطرف معتدى عليه، ومؤكدًا على أهمية العودة للمسار الدبلوماسي، وعلى استعداد بلاده للقيام بما تستطيع في هذا الصدد.

    أمام الوفود المشاركة في الدورة الحادية عشرة لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إنه ليس هناك مشكلة في المنطقة اسمها فلسطين أو لبنان أو سوريا أو إيران و"إنما هناك مشكلة اسمها إسرائيل".

    بينما كرر أردوغان تضامن بلاده مع جارتها إيران في وجه الاعتداءات، مؤكدًا على تفاؤله بأن "النصر سيكون حليفها"، محذرًا من "مؤامرة تتزامن مع مئوية اتفاقية سايكس- بيكو" ومؤكدًا على أن تركيا "لن تمررها".

    كان ذلك اتساقًا مع الموقف الرسمي التقليدي لأنقرة الرافض للحلول العسكرية والتصعيد، والمفضّل للمسارات السياسية والدبلوماسية، لا سيما أن كل تهديد لاستقرار المنطقة يمكن أن يرتد بالسلب على الاقتصاد التركي. كما أن استهداف إيران قد يرتد سلبًا على تركيا من عدة زوايا تبدأ بالاقتصاد والتجارة والسياحة، ولا تنتهي بموجات لجوء محتملة نحو الأراضي التركية.

    الأهم مما سبق أن أنقرة نظرت للعدوان "الإسرائيلي" وخطاب تغيير النظام الإيراني كمسار محتمل لتغيير التوازنات والمعادلات في المنطقة لصالح "إسرائيل" بشكل نهائي، وهو ما لا يصب بالتأكيد في صالح تركيا التي عبّرت منذ بداية العدوان على غزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 عن موقف مناهض لها.

    حذّرت بعض الأصوات في تركيا من أن تكون هي المحطة التالية للاستهداف بعد إيران، في ظل تصريحات "إسرائيلية" لمّحت لذلك، ولعل هذا أحد أهم دوافع تعبير أردوغان عن "تفاؤله بانتصار إيران".

    رغم ذلك، لم يتخطَّ موقف أنقرة ذلك لمستوى عملي مباشر، بسبب شعورها أنها غير محصّنة أمام عدوان مشابه، وهو ما عبّر عنه أردوغان بحديثه أمام الكتلة البرلمانية لحزبه العدالة والتنمية عن الإنجازات التي حققتها بلاده في مجال الصناعات الدفاعية وضرورة استمرارها لتحقيق الحماية الكاملة لها.

    كما أن غموض الموقف الأميركي في البداية، ثم قصف المنشآت النووية ساعدا على ضبط موقف تركيا، التي لا تريد تأثيرات سلبية على العلاقات الثنائية مع واشنطن، بما فيها ملف السلاح والقضية السورية ودعم قسد. ولذا، لم تشجب أنقرة العملية وإنما اكتفت بالتعبير عن "قلقها من أن تساهم في زيادة التوتر في المنطقة".

    الوساطة

    في المجمل انضبط الموقف الرسمي التركي وفق مسارات ثلاثة؛ الحفاظ على حياد إيجابي، وعدم الانخراط المباشر في المواجهة القائمة خصوصًا بعد التدخل الأميركي، ولعب دور في تهدئة الأوضاع ومنع تطور التصعيد عبر دور الوساطة، وتعظيم القدرات الذاتية لتركيا في مجال الصناعات العسكرية ولا سيما فيما يتعلق بمنظومات الدفاع الجوي على المدى البعيد.

    يوم الجمعة الفائت، وفي حوار مع قناة تلفزيَّة تركية، أكد وزير الخارجية التركي أنه تلقى اتصالًا هاتفيًا ليلة الهجوم "الإسرائيلي" على إيران من نظيره الأميركي ماركو روبيو، مفاده أن الولايات المتحدة لن تكون طرفًا في أي هجوم محتمل على إيران، وبالتالي لا تتوقع ردًا إيرانيًا عليها وإلا كان ردها قاسيًا، وأنها قلقة بشأن وجودها في المنطقة، وهو ما نقله فيدان -كوسيط – للجانب الإيراني.

    كما ذكر أنه تحدث مع نظيره الإيراني عباس عراقجي بعد الضربة الأميركية، خلال مشاركة الأخير في اجتماع منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، وأن تقدير طهران كان أن الولايات المتحدة وجهت ضربة محدودة للمنشآت الإيرانية وليست في وارد حرب شاملة مع طهران، وبالتالي فإن إيران- وفقًا لإستراتيجيتها – سترد ردًا محدودًا ومنضبطًا كذلك، وليست راغبة بدورها في حرب شاملة مع واشنطن، وهو ما نقله الوزير التركي للولايات المتحدة.

    ويخلص الوزير التركي أن ذلك كشف أن الطرفين لم يكونا معنيَّين بتوسيع المواجهة ورفع مستوى التصعيد بينهما، ولذلك كان هناك نوع من "التوافق المسبق" على سقوف الضربات، وهو ما عدّه الوزير حالة نادرة في تاريخ الحروب.

    هذا الجزء المتعلق بالوساطة المباشرة ونقل الرسائل بين الجانبين الأميركي والإيراني حقق من جهة رغبة تركيا باحتواء التصعيد وعدم تحوله لحرب شاملة ومدمرة بين الجانبين، كما أنه من جهة ثانية لا يلغي رغبتها في لعب دور الوسيط كذلك في أي مفاوضات مستقبلية بين الجانبين، مستفيدة من خبرتها في التوسط واستضافة المفاوضات، وكذلك من العلاقات الجيدة التي تربطها بالطرفين، وثالثًا من مخرجات الدور الذي لعبته خلال الحرب نفسها والذي ترى أنه أفاد ومنع تدحرج الأحداث إلى ما لا تحمد عقباه.

    بيد أن مسار المفاوضات قائم خلال السنوات الماضية بين الولايات المتحدة وإيران وفق آلية جاهزة ومتكررة تستضيفها دولة عمان على شكل جولات تفاوضية، وليس ثمة سبب جوهري يدعو لتغيير المكان سريعًا في أي مفاوضات مقبلة، وهو ما أشار له وزير الخارجية التركي في الحوار المشار له.

    لكن ذلك لا ينفي بالمطلق إمكانية لعب أنقرة دورًا في تقريب وجهات النظر وربما تشجيع طهران على قبول العودة للمفاوضات من جهة، ولا يحول كذلك دون احتمال استضافة تركيا حوارًا وربما جولة مفاوضات بينهما في المستقبل.

    في المحصلة، قام الموقف التركي الرسمي خلال العدوان "الإسرائيلي" على إيران على ركائز أساسية أهمها شجب العدوان، وتجنب التورط بشكل مباشر في الصراع، ولعب دور الوسيط ونقل الرسائل بين واشنطن وطهران، مع التأكيد على ضرورة تعزيز أوراق القوة الذاتية وحماية تركيا من أي تداعيات مباشرة أو غير مباشرة للمواجهة التي حصلت.

    وهو ما أكد عليه فيدان بأن المؤسسات المختلفة عملت على ذلك منذ اللحظات الأولى لبدء العدوان "الإسرائيلي" على إيران، ما جعل المسؤولين الأتراك "لا ينامون تلك الليلة والليالي التي تلتها" على حد تعبيره.

    ختامًا، تعوّل أنقرة على أن ثمة فرصة لتوصل إيران والولايات المتحدة الأميركية لاتفاق ما بخصوص الملف النووي، ما يمكن أن يساهم في تهدئة الأوضاع في المنطقة.

    بيدَ أن ذلك لا يمنع بالكلّية احتمال نشوب صراع جديد بين إيران و"إسرائيل" تحديدًا، لأن "من يريد الحرب سيجد لها ذريعة" على حد تعبير فيدان نفسه بالإشارة لـ "إسرائيل"، ولعله يلخّص القلق التركي من عودة المواجهة العسكرية بين الجانبين في المستقبل القريب أو البعيد.

     

    التفاصيل من المصدر - اضغط هنا

    مشاهدة دروس تركيا من حرب إيران وإسرائيل

    يذكر بـأن الموضوع التابع لـ دروس تركيا من حرب إيران وإسرائيل قد تم نشرة ومتواجد على ترك برس وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.

    وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، دروس تركيا من حرب إيران وإسرائيل.

    Apple Storegoogle play

    في الموقع ايضا :

    الاكثر مشاهدة في اخبار عربية


    اخر الاخبار