ترك برس
تناول تقرير للكاتب والسياسي التركي ياسين أقطاي، تصاعد موجة الغضب في تركيا بسبب نشر مجلة "ليمان" كاريكاتيرًا مسيئًا للنبي محمد ﷺ، محللا أبعاد هذه الإهانة المتكررة التي تتم تحت غطاء "الفكاهة" و"حرية التعبير"، منتقدًا توجه المجلة العدائي تجاه الإسلام والمسلمين.
ويسلّط أقطاي الضوء على الردود الرسمية والسياسية والشعبية، ويكشف الخلفيات الفكرية للرسام والجهات التي تدعمه، مع التأكيد على أن ما حدث ليس تصرفًا عفويًا بل جزء من مسار أيديولوجي يهدف إلى استفزاز المشاعر الدينية وتحقير المقدسات، في سياق يُعيد إلى الأذهان ممارسات مماثلة لمجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية.
وفيما يلي نص التقرير الذي نشرته صحيفة يني شفق:
لم تتوانَ مجلة "ليمان" التركية، التي تُعتبر نظيرة لـ "شارلي إيبدو" الفرنسية، عن إفراغ كراهيتها وعدائها وحقدها على المسلمين في كل مناسبة، تحت ستار "الفكاهة"، تمامًا كالمجلة التي تقلدها. وإذا كان الإسلاموفوبيا والعداء للإسلام من مجلة فرنسية أمرًا مفهومًا، فإن "ليمان" ومن يقف خلفها يشكلون مثالًا نموذجيًا لمن يجدون صعوبة في فهم كراهية الإسلام لدى مجلة تُنشر في تركيا.
عندما تتجاوز الفكاهة حدود حرية التعبير والتسامح، المتعارف عليها عالميًّا، إلى أقصى حد، لا يبقى سوى السطحية والابتذال واللغة البذيئة والتفاهة والسلوك الغوغائي، وكل شيء ما عدا الفكاهة. لذا لم تُعتبر المجلة يومًا مجلة فكاهية.
فالفكاهة ـ في جوهرها ـ هي زكاة العقل، أو تنبع منه. وحين تصدر عن ذكاءٍ خالص، فإنها تُقدّر حتى من قِبل من يُوجه إليهم الانتقاد. غير أننا لم نشهد من مجلة "ليمان" في نقدها لخصومها أيّ ومضة ذكاء، أو لمسة فنية راقية في رسم كاريكاتيري أو نكتة. فاللغة التي تختارها للسخرية من خصومها أو مهاجميها تُعد من أكثر الأساليب ابتذالًا ودناءة، تقتل روح الفكاهة ذاتها.
وما يُقدّم فيها لا يرقى حتى لمستوى "مزحة سمجة"، فلا يشعر القارئ سوى بوجود مشاعر الحقد والغضب والكراهية العمياء. وعندما تتناول المجلة سيرة النبي محمد ﷺ، فلا يُتوقع منها إلا تخيّلات وتصوّرات في غاية الانحدار والعدوانية. والمشكلة هنا ليست فقط في هذه الإساءات، بل في الدافع الكامن خلفها: فما الذي يجعل ليمان ومن يقف خلفها يتبنّون هذا الموقف العدائي المتطرف تجاه النبي الكريم وأتباعه؟ وما سرّ هذا الغضب والحقد الدفين تجاه مَن غرس في هذه الأرض وعيًا جعلها وطنًا لأهلها؟ في بلاد يصدح فيها الأذان خمس مرات في اليوم، شاهداً أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.
إنّ ما جعل من هذه الأرض وطنًا، وما منحها قدسيتها حتى أصبحت تستحقّ أن تُفدى بالأرواح لدى الأتراك والمسلمين، هو تعاليم النبي ﷺ، والمحبة الصادقة له، والانتماء إليه، والوفاء له. وهذه ليست مادة للسخرية أو المزاح. بل هي أرفع وأطهر من أن تُقحم في دائرة الهزل. فكل ما يدخل في نطاق الفكاهة قد يتعرّض للتبسيط أو الابتذال. إن ارتباط الناس بنبيهم، وطاعتهم له، وإيمانهم المطلق برسالته بوصفه رسول الله، وأي أمر يتعلق بذلك لا يجوز أبدًا أن يكون موضوعًا للمزاح أيًّا كانت درجته أو مستواه.
فالمسلمون يقدّمون نبيهم على أنفسهم، وعلى أحبّ الناس إليهم من أهلهم وأقاربهم، ويُقدّمون كلمته على كل رأيٍ في حال الاختلاف. ومن لا يُدرك هذه العلاقة لا يمكنه أن يفهم المسلمين. ومهما بلغ تخلّف المسلمين اليوم، أو تراجعت مكانتهم في موازين القوى العالمية، فإن حبهم لنبيهم لا يعرف حدودًا، بل هو عشقٌ مستميت يضحّون من أجله بأرواحهم.
والواقع أن هذا ليس خافيًا على أحد. فالجميع يدركه، وأول ما يُستخدم في استفزاز مشاعر المسلمين هو الإساءة إلى نبينا الكريم. ويستحيل أن يكون فريق عمل مجلة "ليمان" يجهل هذا الأمر. وبالتالي، لا يمكننا أن نفكر أنهم قاموا بهذا الاستفزاز دون قصد أو وعي.
ولا يمكن لأحد أن يدّعي أن استثارة نفس الحساسية التي فجّرت حادثة "مادماك" في ولاية سيواس قبل 32 عامًا بالضبط هي محض صدفة. فهذه ليست مجرد تعبير لا إرادي عن كراهية دفينة تجاه النبيﷺ، بل هو عمل استفزازي صريح ومقصود. ومن ثمّ، ينبغي على المسلمين أن يتحلّوا بأقصى درجات الحذر وضبط النفس، ولكن لا يجوز في الوقت ذاته أن يفلت مرتكبو هذه الاستفزازات من العقاب.
أما إذا عدنا إلى جانب "الفكاهة" و"الطرح الأيديولوجي"، فإننا حين نطّلع على باقي منشورات الشخص الذي رسم تلك الرسمة المسيئة لن نتفاجأ أبدا. بل سنُصادف شخصية متطرفة تنضح بالعداء للإسلام والمسلمين والإسلاميين، وتُجاهر بذلك علانية. وهذا النمط من الشخصيات لا يُتوقع منه إنتاج مادة فكاهية تنم عن ذكاء؛ بل لا يخرج منه إلا قذارات فكرية تنضح بما امتلأت به نفسه من انحطاط وما يفيض به خياله المُقزز.
وقد نشر الشخص نفسه في وقت سابق تغريدة على منصة "إكس" كتب فيها: "الإسلام وتد دُقّ في أجساد الأتراك قسرًا..."، وفي العديد من منشوراته الأخرى يظهر نفس الابتذال المقرف ضد الإسلام والرئيس أردوغان. ففي أحد تعليقاته مثلاً، كتب: "لا يوجد إسلامي مظلوم... بل هناك إسلاميون لم يُقل لهم بعد: اغربوا عن هذه الجمهورية..."، مُظهرًا بذلك فهمه السقيم للجمهورية، وتطلعاته المستقبلية إزاء المسلمين في هذا البلد.
ومن الواضح تمامًا أن هذا النمط من التفكير يستمد مرجعيته من الوهم الاستعماري الصليبي الصهيوني، الذي ظلّ على مدى قرنين من الزمان يُنتج تصورات معادية لشعب هذه الدولة. فليس أمامنا عقل سياسي يمكن التحاور معه، أو شخصية يمكن نقاشها حول مستقبل هذا الوطن بروح من السلم والإخاء. إننا إزاء نمط من التفكير لا يرى في أبناء هذا البلد، ولا سيما المسلمين، سوى خصوم ينبغي طردهم وإقصاؤهم.
أما ردّ مجلة "ليمان" على موجة الغضب التي أعقبت هذا الاستفزاز، فهو أسوأ من الجرم نفسه، إنه استخفاف بعقول الناس. فقد حاولت المجلة تبرير الرسم المسيء بأن المقصود به ليس النبي محمد ﷺ. وبذلك لم تفعل شيئًا سوى زيادة حدة الاستفزاز.
حسنًا هذا متوقع منهم، ولكن المثير للاستغراب هو موقف رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال، الذي كرر نفس التبريرات الوقحة التي قدمتها المجلة. فما الذي فعله سوى الكشف مجددًا عن العداء للإسلام وللرسول الكريم المتأصل في بنية حزب الشعب الجمهوري، وتذكير أولئك الذين نسوا هذه الحقيقة؟
وربما كان في ذلك فائدة؛ فهناك من نسي، وهناك من لم يقرأ ولم يعرف، وهناك من يظنّ أن الحزب قد تغيّر... فلعلّ هذه الواقعة تُوقظ النائم، وتُذكّر الناسي، وتعلّم الجاهل، وتُصَحّح أوهام البعض.
مشاهدة السخرية من المقدسات في قلب دولة مسلمة جدل الهوية والمقدس في تركيا الحديثة
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ السخرية من المقدسات في قلب دولة مسلمة جدل الهوية والمقدس في تركيا الحديثة قد تم نشرة ومتواجد على ترك برس وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، السخرية من المقدسات في قلب دولة مسلمة: جدل الهوية والمقدس في تركيا الحديثة.
في الموقع ايضا :
- شاهد مباراة الهلال وفلومينينسي بث مباشر الآن في ربع نهائي كأس العالم للأندية
- تردد قناة MBC MASR 2.. شاهد الآن مباراة الهلال وفلومينينسي بث مباشر
- مواجهة مثيرة في المونديال.. شاهد بث مباشر لمباراة الهلال وفلومينينسي