الديار: عبد المنعم علي عيسى-
لليوم السابع على التوالي تستمر الحرائق التي اندلعت في المنطقة الممتدة ما بين قسطل معاف ( 35 كم شمال اللاذقية)، وتفرعت في اتجاهين الأول نحو الشرق وهو يمتد إلى كسب عند الحدود التركية، والآخر اتجه نحو الغرب: البسيط والباير، وآخر التقارير التي رصدها ناشطون تقول ان الحرائق امتدت منذ مساء أمس ( الإثنين) إلى غابات الفرنلق، التي تنتشر على مساحة 85 ألف هكتار، وهي تشكل ما يقارب 27 % من مساحة المحافظة، و36 % من مجموع الغطاء النباتي على امتداد البلاد، وفي الغضون كانت كل الطرق المؤدية إلى كسب مقطوعة. جبال بأكملها احترقت، وأضحت يباسا، وقد يكون ذلك أمرا صعبا، لكن الأصعب منه أن يكون «سوريا» هو الذي فعله.
في ظل هذه الفوضى، التي أنتجت مناخا مثاليا للـ«الاستثمار» فيه لمن يريد، ذهبت جهات عدة لتبني الفعل، والجدير ذكره في هذا السياق أن صفحات تعود لأساتذة جامعات، قسم الأحراج والغابات، كانت قد رجحت أن تكون تلك الحرائق ناتجة عن «فعل بشري»، نظرا لكونها حدثت خارج «الذروة الحرارية الموسمية»، التي تقع عادة ما بين 10 تموز و 20 آب، فيما يعرف بـ«مربعانية الصيف»، وفيها، يضيف هؤلاء، تكتمل الشروط اللازمة لاندلاع الحرائق بشكل طبيعي لسبب أو لآخر، من حيث أنها تجيء بعد أربعة أشهر جفاف كشرط لازم، وغير كاف، لاندلاعها.
في اليوم الثالث لاندلاع الحريق نشر موقع «دابق»، أحد الأذرع الإعلامية لتنظيم «سرايا أنصار السنة»، بيانا تبنى فيه مسؤوليته عن ذلك الفعل، وجاء في البيان «بعون الله، أحرق مجاهدوا سرايا أنصار السنة غابات القسطل( قسطل معاف) بريف اللاذقية 8 محرم، مما أدى إلى تمدد الحرائق إلى مناطق أخرى، ونزوح النصيرية من منازلهم، وتعرض عدد منهم للإختناق، والحمد لله»، وفي ما يمكن اعتباره «مبررا شرعيا» للقيام بالفعل، أعاد الموقع نشر فتوى لأبي الفتح الشامي، «المفتي العام» للتنظيم، كان قد أصدرها شهر نيسان الفائت، وجاء فيها «تخريب اقتصاد الكفار، وحرق ممتلكاتهم وقراهم وزروعهم ينقسم إلى أقسام، والقسم في انقسام، واختصارا فإن السواد الأعظم من الفقهاء أباحوا تخريب اقتصاد الكفرة، وإن لم تدعو المصلحة لذلك سوى غيظ الكفرة وإرهابهم والإضرار بهم».
وما يثير الاستغراب هو أن صفحة منسوبة الـى «لواء درع الساحل»، الذي يقوده مقداد فتيحة أحد مساعدي سهيل الحسن الملقب بـ«النمر» سابقا، كانت قد نشرت بيانا بعد أقل من 24 ساعة على بيان «سرايا أنصار السنة» آنف الذكر، وجاء فيه «إن الحرائق التي التهمت أراضي وممتلكات ومراكز الجولاني وعصابته من التركمان والسنة العرب، هي نتيجة غضب امتد لأشهر من الوعود الكاذبة التي لم تمنح الأمان للعلويين»، ويؤكد البيان «إننا مستمرون في عملياتنا ضد كل من يقف في صف الجولاني وعصابته التكفيرية، ونعاهد أهلنا: إننا سنستعيد هذه الأرض شبرا شبرا، لا بالنداء وحده بل بالفعل، ولن نغفل بعد اليوم عن أي اعتداء يمارس ضد أبنائنا»، مع الإشارة إلى أن هذا البيان الأخير كان قد نشر على صفحة لا يزيد «عمرها» على 8 ساعات فقط. هنا يمكن التخمين أن البيانين السابقين ينهلان من «منبع» واحد على الأرجح، الأمر الذي يمكن تلمسه من خلال «الثغرة» التي احتواها بيان «أنصار السنة»، الذي تبنى حريق القسطل ذا الغالبية التركمانية كمدينة، وريفها، وكذا المناطق التي تمدد الحريق آنف الذكر إليها، يتقاسمه العلويون والتركمان بشكل هو أقرب للمناصفة، وعليه فقد فرض «المنبع» تصحيحا للصورة، الفعل الذي تكفل به بيان «لواء درع الساحل»، الذي قال باستهداف «الجولاني وعصابته من التركمان والعرب السنة».
أيا يكن الأمر، فإن التوقيت، الذي جاء بعد 7 أشهر من سقوط نظام الأسد الذي أعقبه «زلزال آذار» الذي شهدته مناطق الحريق إياها، يبدو وكأنه لا يقل أهمية عن «الموقع»، الذي يرى أهله أنهم مستهدفون بشتى أنواع الفعل، والأمر تزداد حدته عند هؤلاء وهم يشاهدون، إما بشكل مباشر أو عبر آلاف المقاطع المصورة التي ملأت فضاء «المربع الأزرق»، احتراق جبالهم وقراهم وأراضيهم، بالتزامن مع سيل إعلامي لايتوقف، والكثير منه يوحي بأن ثمة «مشاريع» لاقتلاعهم منها عنوة، وإذا ما كان ذلك، أو معظمه على الأقل، يندرج تحت أطر يغلب عليها « التهويل» الذي تتعدد مراميه تبعا للقائم بالفعل، فإن من شأن ذلك أن يرخي بظلال سوداء على ذهنية باتت ترى نفسها على حواف «الوجود».
لم يكن الاهتمام الحكومي متناسبا مع ما يجري على الأرض، وإذا ما شكل حضور وزير الطوارئ، رائد صالح، أمرا بالغ الأهمية من الناحية المعنوية، فإن الأداء الذي ظهر على طواقم الإطفاء العائدة لوزارته كان مشوبا بقلة الخبرة، الأمر الذي دعا الكثير من الأهالي لدعوة «الطواقم القديمة» التي تتمتع بخبرات لم يكن من «الحصافة الاستغناء عنها» وفقا لهؤلاء، في إشارة إلى التغييرات التي حصلت داخل الدفاع المدني، والتي قادت للاستغناء عن جل خبراته، وعلى الرغم من أن صالح كان قد أكد في تغريدة له على منصة « X،» في اليوم الخامس، إن «فرقا إطفاء تركية وأردنية تشاركان في عمليات الإطفاء، وبدعم جوي من الطائرات السورية والتركية والأردنية واللبنانية»، إلا إن النتائج، التي ظهرت في غضون اليومين التاليين لتلك المشاركة، لم تشر إلى كثير جدوى، فالنار لا تزال تتمدد، بل وتتخذ مسارات تهدد بالاتساع أكثرز
واللافت في الأمر هو أن الطيران الروسي، الرابض على أرض «قاعدة حميميم»، لم يظهر أي نوع من الاهتمام بما يجري، وذاك وحده فعل كفيل بإثارة الكثير من إشارات الاستفهام، خصوصا أن القاعدة مجهزة بطيران مخصص لإطفاء الحرائق، وفي اتصال للـ«الديار» مع عدد من السوريين العاملين بالقاعدة أكد هؤلاء «وجود ثلاث طائرات مخصصة لإطفاء الحرائق الكبرى، إحداها تصل حمولتها إلى 40 ألف لتر ماء، وهي تستطيع ملئ خزاناتها خلال فترة لا تتعدى 30 ثانية».
باتت «آلام» الساحل أكبر من أن يتم التعاطي معها عبر «الاعتذار»، من نوع الذي حدث بعد «مجازر الساحل»، أو عبر «التهدئة»، والوعود «بمعالجة الأمر»، من نوع الذي يحدث بعد كل إعلان عن عملية خطف، فكيف والأمر إذا ما بلغ هذه المرة «الجذور»، التي يسعى البعض إلى تقطيعها وصولا إلى اقتلاعها، أقله من منظور الغالبية الساحقة لأهل الساحل، أما عملية «إثبات العكس» فإنها، حتما، مسؤولية السلطة التي لم تنجح، عبر أي من خطواتها، في دحض ما «يتراءى» لهؤلاء، بل، ولربما، لم تحاول
مشاهدة نداء الساحل السوري أنقذوا ما تبقى منا
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ نداء الساحل السوري أنقذوا ما تبقى منا قد تم نشرة ومتواجد على Tayyar.org وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، نداء الساحل السوري: أنقذوا ما تبقى منا.
في الموقع ايضا :
- عضو بـ"اقتصادية الشيوخ": تعاون مصر مع بريكس بوابة لاقتصاد متوازن وأكثر عدلا
- احذر الغش.. حبس وغرامة تتجاوز 3 أمثال تكلفة المخالفة وشطب من نقابة المهندسين
- دوي انفجارات ضخمة في كييف