فرانس 24 قبل 2 دقيقة

الأسبوع الماضي، شنّت قوات الدعم السريع التي تخوض حربا ضد الجيش منذ عامين، هجوما داميا على...

صحيفة عكاظ قبل 8 دقيقة

أطلقت وزارة الشؤون الإسلامية، برنامجاً دعوياً مكثفاً يتضمن سلسلة من الدورات العلمية في ست...

جو 24 قبل 10 دقيقة

كتب موسى الصبيحي عن رواتب ومكافآت الإدارات العليا للشركات والضرائب المدفوعة؛...

مجتمع الصحافة

أحمد أبوراشد :
التحولات التي مهدت لوصول بوتين إلى السلطة

التحولات التي مهَّدت لوصول بوتين إلى السلطة ..   
 
حقبة من التحولات في الاتحاد السوفييتي "السابق" حققت اختراقات مهمة مهدت لوصول بوتين إلى السلطة في روسيا.
 
قال أحد علماء السياسة الروس: جاء ميخائيل غورباتشوف إلى الحكم في عام 1985 حاملاً معه دعوات الإصلاح السياسي والاقتصادي.
 
وفي كتابه البيريسترويكا "إعادة البناء" دعا إلى العلانية والشفافية وإلى إعادة بناء الاقتصاد وتطويره.
 
ومنذ تسلّمه السلطة "استناداً للوثائق الروسية"، قام بإقصاء الشخصيات القوية في المكتب السياسي للحزب الشيوعي، وسلم القيادة الأيديولوجية لشخصية كانت مشبوهة بعلاقاتها الصهيونية، وهو ألكسندر ياكوفليف، وأقالَ المئات من كبار الضباط في الجيش والمخابرات، ومنهم وزير الدفاع.
 
طبقاً لصحيفة "دين" الروسية، قام ميخائيل غورباتشوف وقتها بتجريد الحزب الشيوعي السوفييتي من أهم أسلحته الأيديولوجية، وذلك عندما سلم الصحافة والإذاعة والتلفزيون إلى من يدعون الإصلاح.
 
وبعد فترة من التدريب في الغرب وخاصة في أميركا، عاد هؤلاء وتسلموا المراكز القيادية في وسائل الإعلام. وأخذوا يهاجمون الحزب الشيوعي والجيش وأجهزة الأمن والقطاع العام.
 
بعد ذلك أخذت تختفي من المحلات والأسواق البضائع والمواد التموينية والبرادات والغسالات والأدوات الكهربائية والمعلبات والكثير من السلع محلية الصنع، والتي كانت متوافرة بشكل دائم، وأثار ذلك إحداث قلاقل وغضب عارم في المجتمع وظهور انتقادات للسلطة الحاكمة.
 
وتخلى غورباتشوف عن حلفائه، وأخذ يقوم بالتنازل تلو الآخر في مجال السياسة الدولية، وأجبر قادة دول حلف وارسو على التنحي وترك السلطة في بلادهم لأحزاب وحركات معادية للاشتراكية ومدعومة من قِبل المنظمات الصهيونية.
وفي أغسطس/آب عام 1991 م حدث انقلاب، جرى استغلاله من أجل تسليم السلطة إلى بوريس يلتسين، وتكريس انهيار الاتحاد السوفييتي.
 
نُحّي غورباتشوف عن السلطة بعد أن انتهى دوره، وحل بدلاً منه بوريس يلتسن كرئيس لروسيا الاتحادية، وأعلن رسمياً عن حل الاتحاد السوفييتي في اجتماع لرؤساء روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا في منتجع "بيلافيجسكايا بوشا" في روسيا البيضاء.
 
أعلن يلتسين عن إصلاحات جذرية في الاقتصاد الروسي، حيث تم الاستيلاء على مدخرات الناس في بنوك الدولة، وتمت عملية خصخصة ضخمة، وبيع الشركات والمؤسسات الحكومية العملاقة بأسعار زهيدة، من قِبل حكومة ايغورغايدار، وبإشراف أناتولي تشوبايس، وجرى خلال ذلك بيع شركات التعدين والصناعات الثقيلة والخفيفة والشركات النفطية.
 
وفتحت البلاد أمام البضائع والمنتوجات الأجنبية، وهو أمر أدى إلى خنق الصناعة الوطنية، التي لم تستطِع الصمود في مجال الصناعات الخفيفة والغذائية.
وعلى الفور ظهرت شريحة رقيقة من الأغنياء وطبقة واسعة من الفقراء الروس، وهو أمر أدى إلى هزات اجتماعية واسعة في بداية حكم يلتسن.
 
ويؤكد عدد كبير من الباحثين في الشأن الروسي أن حكم يلتسين منذ بدايته ساد عليه الطابع الصهيوني.
 
في مرحلة رئاسته الأولى، اصطدم يلتسن مع مجلس السوفييت الأعلى لروسيا الاتحادية (البرلمان)، وقام بحله وظهر برلمان جديد يسمى الدوما، سيطرت عليه أغلبية شيوعية، إلا أنه لم يمتلك أية صلاحيات فعلية حسب الدستور الجديد الذي ركز السلطات بأكملها في يد رئيس الدولة.
 
كان أول ما أعلن عنه يلتسين "استناداً للتقارير والملفات الروسية" هو العمل على انتقال روسيا إلى "اقتصاد السوق"، وبناء دولة ديمقراطية.
 
ولكن يلتسن قام ببناء نظام سياسي "غريب" يجمع بين عناصر من الديمقراطية الموجهة والحكم الشخصي للعائلة المقربة من رأس الدولة.
 
وقتها عمل على التخلص من البرلمان وقصفه بالدبابات، ووضع دستور جديد يمنحه صلاحيات كبيرة وواسعة في مواجهة السلطة التشريعية، وإجراء انتخابات رئاسية، امتزج فيها المال السياسي بالسلطة والتزوير، من أجل الاستمرار في الحكم لولاية ثانية.
 
وبعد ذلك قام يلتسن بنقل السلطة الرئاسية إلى "فلاديمر بوتين"، من أجل الحفاظ على النظام الذي أسسه.
 
استناداً للمصادر الروسية، في تلك الفترة بالذات، كان رجل روسيا القوي، هو الجنرال ألكسندر كورجاكوف، وهو ضابط استخبارات سابق، كان مسؤولاً عن أمن بوريس يلتسين، عندما كان عضواً في المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفييتي، وعندما أصبح يلتسين رئيساً للدولة، تسلّم كورجاكوف إدارة أمن الكرملين، وكورجاكوف بالذات، كما تؤكد بعض المصادر الروسية، هو الذي أدخل اليهودي بوريس بيرزوفسكي إلى دائرة معارف يلتسين وعائلته.
 
بوريس بيرزوفسكي أستاذ رياضيات يهودي، استفاد في بداية التسعينيات من الانفتاح الاقتصادي، قام بتأسيس شركة "لادا" لبيع السيارات، ومع دخوله إلى حلقة أصدقاء عائلة يلتسين، وخصوصاً ابنته "تاتيانا دياتشينكو"، أصبح الرجل الأقوى على الساحة السياسية الروسية، وفيما بعد استولى على شركات ضخمة أهمها قناة التلفزيون الفيدرالية الأولى.
 
عن طريق بيرزوفسكي دخل إلى حلقة أصدقاء يلتسن، الملياردير اليهودي رومان أبراموفيتش، وهو لا يزال حتى الآن من أغنى أغنياء روسيا وكان صاحب شركة "سيب نفط" الروسية، ونادي تشيلسي الإنكليزي لكرة القدم. وهناك يهودي ثالث صعد نجمه في التسعينيات، وحاز شهرة واسعة في روسيا، وهو فلاديمر غوسينسكي، الذي كان صاحب مجموعة "موست" المالية وقناة "إن تي في" التلفزيونية الشهيرة.
 
في عام 1996 هبطت شعبية بوريس يلتسين ووصلت إلى الحضيض، وكان من المحتمل جداً، كما أفادت التقارير الروسية، أن يخسر الانتخابات الرئاسية، التي كانت مقررة في تلك السنة. إلا أن الإصلاحيين بقيادة تشوبايس، أصروا على دخوله الانتخابات، ومن جراء ذلك، وفقاً للمصادر الروسية، حصل صراع في الكرملين بين الجنرال كورجاكوف وعائلة يلتسين وأنصاره، وعلى رأسهم بوريس بيرزوفسكي، فقد خلاله كورجاكوف منصبه، واستطاع تشوبايس بدعم وتمويل من خارج روسيا، تنظيم حملة انتخابية ضخمة، استخدمت فيها كل الوسائل الشرعية وغير الشرعية، ونتيجة لذلك، فاز بوريس يلتسين بفترة رئاسية جديدة.
 
في العام نفسه، أجريت للرئيس بوريس يلتسين عملية جراحية معقدة في القلب، أصبح بعدها فعلياً عاجزاً عن العمل، وأخذ بيرزوفسكي يدير روسيا عملياً، وفي هذه الفترة انتشرت الرشوة وعمّ الفساد بشكل لم يكن يعرف من قبل، وتمت السيطرة على ما تبقى من أملاك الدولة الروسية.
 
في خريف عام 1998 حدثت في روسيا أزمة اقتصادية حادة وتدهور سعر صرف الروبل أمام الدولار، وأفلست عشرات البنوك والمؤسسات المالية الضخمة، وفقد الناس مدخراتهم من جديد، واضطر بوريس يلتسين إلى تعيين يفغيني بريماكوف رئيساً للوزراء، الذي كما يقول الخبراء: استطاع خلال فترة وجيزة جداً، إعادة التوازن إلى الحياة الاقتصادية، وبدأ محاولات مستميتة لإعادة روسيا إلى مكانها القيادي في الحياة الدولية، وأصبح الموقف الروسي يتميز عن الموقف الأميركي لأول مرة منذ سنوات عديدة.
 
عمل بريماكوف على مكافحة الفساد والرشوة، وعمليات الاختلاس الكبيرة، والانفلات الأمني، وحاز شعبية واسعة في الأوساط الجماهيرية، وبدأت النيابة العامة الروسية في ملاحقة المختلسين لأموال الدولة.
 
هذا الأمر لم يعجب بيرزوفسكي و "الأوليغارشيين" السبعة، الذين كانوا يسيطرون على الأموال وعلى مراكز القوى ووسائل الإعلام الروسية، وبدأت حملة إعلامية واسعة وقذرة ضد بريماكوف، في الصحافة والتلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى، التي كانت تقع تحت سيطرتهم.
 
وقام يلتسين بضغط من هؤلاء، بإقالته وتعيين فلاديمر بوتين رئيساً للوزراء، وقتها كان مدير جهاز الأمن الروسي، حيث تشير التقارير الروسية إلى أن بوتين أبدى حكمة فائقة خلال عمله لرئيس الوزراء، فلم يصطدم مع مراكز القوى المسيطرة على رأس المال وعلى الإعلام، وقام بجهد فائق لمنع انتشار الحرب الانفصالية في القفقاز، وانتشارها إلى جمهوريات ومقاطعات روسية أخرى.
 
أجبر الوضع الصحي بوريس يلتسين على التنحي عن السلطة "للوريث" فلاديمر بوتين، وبعد فترة من الزمن، قام أنصار يلتسين وعلى رأسهم بيرزوفسكي، بإجراء انتخابات رئاسية عامة فاز بها بوتين، وحصل على شعبية واسعة وحقيقية لأول مرة في روسيا.
قال أحد المعلقين الروس: لقد شاهد الناس فيه الأمل في إنقاذ روسيا من الانهيار والدمار، فإصلاحات السوق والنتائج السلبية التي نتجت عنها، انتهت بأزمة سياسية واقتصادية، جعلت الروس يهللون للزعيم الجديد، صاحب القبضة القوية.
 
قام بوتين بالعمل على تحديث الجيش وتمويله وتزويده بالمعدات الحديثة، وأخذت القوات المسلحة الروسية، ولأول مرة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، تقوم بالمناورات العسكرية، في البحر والجو والبر، واستطاع الجيش الروسي خلال فترة قصيرة من حكم بوتين، أن يعيد جمهورية الشيشان إلى الدولة الروسية، وعلى الفور انقلب بيرزوفسكي وغوسينسكي ضد بوتين؛ لأنهما "طبقاً لبعض المصادر الروسية" كانا مستفيدين من الحرب الشيشانية، عن طريق بيع السلاح وغسل الأموال القذرة، وقتها قامت وسائل الإعلام التي يسيطران عليها بحملة لا مثيل لها عليه.
 
تمت ملاحقة غوسينسكي قانونياً لاختلاسه أموال الدولة وتهربه من دفع الضرائب، واضطر إلى استخدام جنسيته الإسرائيلية واللجوء إلى أوروبا هرباً من القضاء الروسي.
 
أما بيرزوفسكي فقد اتهم بالضلوع باختلاسات وقضايا رشاوى في شركة الآيرفلوت الحكومية، وأدى ذلك إلى ملاحقته من قبل الدولة الروسية قانونياً، وهرب إلى إنكلترا واستقر فيها حتى وفاته، واستعادت الدولة من جديد سيطرتها على القناة الفيدرالية الأولى للتلفزيون.
 
قامت الدولة بملاحقة ما تبقى من "الأوليغارشيين" السبعة، المتهربين من دفع الضرائب، وأكبر القضايا في هذا المجال كانت قضية شركة "يوكوس" النفطية.
اتهمت الدولة شركة "يوكوس" بالتملص من دفع الضرائب ولاحقتها قانونياً، وقامت بسجن مؤسسها "خودركوفسكي"، وتم بيع حقول "يوغان نفط غاز" العائدة لهذه الشركة بالمزاد العلني، واشترتها شركة النفط الحكومية "روس نيفط".
 
على هذا الشكل تخلصت الدولة الروسية من طواغيت المال، الذين تمكنوا في بداية التسعينيات من الاستيلاء على الممتلكات الحكومية البالغ سعرها مليارات عديدة من الدولارات، بأثمان بخسة وبوسائل ماكرة.
 
الخطوة الأهم التي قام بها بوتين، كما يرى الخبراء، هي خطته لإصلاح السلطة التنفيذية في روسيا، والتي على أساسها تم تقسيم روسيا إلى مناطق اعتماداً على الأسس الجغرافية، ولم يعد حكام الجمهوريات ذات الحكم الذاتي وحكام المقاطعات ينتخبون بشكل مباشر من الشعب، بل أصبح انتخابهم يتم ضمن نطاق مجالس الإدارة المحلية، وبترشيح من رئيس الدولة.
 
هذا الإجراء برأي البعض الآخر من الخبراء، دعم وحدة أراضي روسيا وأبعد عنها خطر النزعات الانفصالية.
 
وخلال السنوات الأخيرة، عمل الرئيس بوتين على تقوية سلطته الشخصية، من خلال تقوية السلطة المركزية في مواجهة الأطراف المكونة للاتحاد الفيدرالي الروسي، ومن خلال السيطرة على طواغيت المال "الأوليغارشية" ووسائل الإعلام، والسيطرة على النظامين الانتخابي والحزبي في روسيا.
 
وعمل على ترسيخ نموذج خاص من الديمقراطية، لهذا السبب، كما يرى عدد كبير من المحللين الغربيين، لم يحظَ الشعب الروسي بحكم ديمقراطي، على غرار بقية دول أوروبا الشرقية، التي انتقلت إلى النظام الديمقراطي الحقيقي، وبرأيهم أكبر دليل على ذلك، مسرحية "تداول السلطة"، خاصة الرئاسية، ضمن الدائرة الضيقة التي تقود الحكم في روسيا.
 
 
- المصادر:
كتاب انهيار خاتمة - أليكسندر ياكوفليف - بالروسية 1992.
كتاب هيئة الأركان العامة بدون أسرار - من كتابين - فيكتور بارانتسيف - بالروسية 1999 .
كتاب وداعاً روسيا – جوليتو كيزا – بالروسية 1997 .
صحيفة " سوفيتسكايا روسيا " اليومية - " الأوليغارشية " عدد 147 - 20/12/1997. فاسيلي سافرنيتشوك.
نفس الصحيفة " روسيا التي فقدناها " عدد 3 - 9/ 1 / 1998 . فاسيلي سافرنيتشوك . نفس الصحيفة عدد 45 - 16/ 4 / 1998 .
صحيفة " زافترا " الغد الشهرية - " على جبهات الحرب الإعلامية " عدد 46 - ص 4 - شهر 11 / 2000 .
نفس الصحيفة " المصلحة الوطنية " عدد 5 - ص4 - 5 كانون ثاني - شباط / 2001 .
صحيفة " ناشي فريميا " الأسبوعية - انهيار التحالف الكبير " ليونيد ايفاشوف - عدد 21 - 29 / 11 - 5/ 12 / 2006 . ص1 - 8 -9 .
نفس العدد " انهيار الاتحاد السوفيتي - أكبر كارثة جيوسياسية في القرن 21 " سيرغي كاراموزا - ص 6 - 7 .
نفس العدد " انهيار الاتحاد السوفييتي كان لامفر منه " فلاديمر كريسلافسكي - ص 14 - 17 .
صحيفة " دين " الروسية - بوتين وانبعاث الروح الوطنية في روسيا - 6/ 2 / 2005 .
د. أحمد أبوراشد
 
 
 

يرجى التسجيل في الموقع ..من أجل إضافة تعليقك
اعلانك هنا

الأكثر قراءة